وسعت النيابة العامة دائرة التحقيقات فى حادث التسمم الغذائى الجماعى الذى وقع داخل المدينة الجامعية بجامعة الأزهر الأسبوع الماضى، فى الوقت الذى وجه فيه الطلاب المصابون أصابع الاتهام إلى وجبة الدجاج الفاسدة التى تناولوها فى مطعم المدينة الجامعية وأدت لإصابة 583 طالبًا بالتسمم الغذائى. وشهدت التحقيقات مفاجأة فجرها أحد الطلاب حين كشف عن رفض طبيب «القسم ب» بالمدينة الجامعية استلام وجبة الدجاج فى ذلك اليوم واستبدالها بوجبة «تونة» لينقذ مئات الطلاب من التسمم. «أكتوبر» تابعت التحقيقات التى تجريها النيابة حاليًا لكشف لغز التسمم الجماعى لطلاب جامعة الأزهر.. عقب إبلاغه بالحادث، أمر النائب العام المستشار طلعت عبد الله بتشكيل فريق من رؤساء ووكلاء النيابة العامة للتحقيق فى واقعة التسمم الغذائى وذلك تحت إشراف المستشار محمد غراب المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة وبرئاسة المستشار مصطفى خاطر المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة، حيث بدأ فريق العمل تحقيقاته صباح الثلاثاء على الفور وبمجرد إخطاره بالواقعة وتم الانتقال للمستشفيات التى نقل إليها الطلبة المصابون وقرر فريق التحقيق الذى انتقل إلى المدينة الجامعية التحفظ على الأوانى والأدوات المستخدمة فى الطهو وبقايا الأطعمة حيث تم أخذ عينات منها بالإضافة إلى العينات التى تم أخذها بالمستشفيات وتم إرسالها على الفور إلى المعامل المتخصصة بوزارة الصحة لتحليلها والوقوف على أسباب الحادث ومعرفة أسباب التسمم والإصابات. شبهات حول وجبة الدجاج وفى التحقيقات التى تولى رئاستها المستشار مصطفى خاطر المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة أدلى عدد كبير من الطلاب المصابين بأقوالهم أمام فريق التحقيق من النيابة العامة حيث أشاروا إلى أن وجبة الدجاج الفاسد فى طعام الغداء هى السبب وراء حالات التسمم وأن كل الطلبة المصابين جميعهم من طلاب «الجزء أ» من المدينة الجامعية الذى يبلغ عدد طلابه 8 آلاف طالب فى حين أن «الجزء ب» من المدينة الجامعية لم تقع فيه أية حالات أصابة لأى طالب. من ناحية أخرى، أمر المستشار مصطفى خاطر بتشكيل لجنة ثلاثية من إدارة صحة البيئة بوزارة الصحة لفحص الأطعمة التى تناولها الطلاب لتحديد ما إذا كانت صالحة للاستخدام أم لا وقرر المستشار محمد البشلاوى رئيس نيابة شرق القاهرة استدعاء المسئولين عن التغذية بالمدينة الجامعية للأزهر لسماع أقوالهم فى الواقعة والتحفظ على أماكن الطهى بمطعم المدينة الجامعية لمعاينتها وأخذ عينات منها لفحصها وكلفت النيابة الأطباء بعلاج حالات التسمم للطلاب بحفظ الافرازات وغسيل الأمعاء للطلاب وعمل تحاليل دم للمصابين بالتسمم لإرسالها إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة لتحليلها كما توجه فريق النيابة العامة يضمه أعضاء من نيابة شرق القاهرة برئاسة محمد البشلاوى وسامح عصام ومحمد الخولى رؤساء نيابة شرق القاهرة إلى مقر المدينة الجامعية لجامعة الأزهر لعمل معاينة لمكان المطعم وأماكن طهى الوجبات وأماكن تخزين الوجبات الغذائية. وجبة الإنقاذ ! وخلال التحقيقات كشف الطالب محمد عبد العال عن مفاجأة وهى أن الطبيب المسئول عن استلام الوجبات الغذائية للمدينة الجامعية «القسم ب» رفض استلام الطعام لانتهاء صلاحيته نظرا لأن معظم وجبات الدجاج كانت فاسدة مما أنقذ طلاب «المدينة ب» بعد أن تم استبدال هذه الوجبات وتوفير وجبة من التونة لهم فى حين أن الطبيب المسئول عن «المدينة أ» تسلم الوجبات وسمح للطلاب بتناولها مما أدى إلى تسممهم. وأضاف الطالب فى أقواله أن هناك شبهة جنائية فى تسمم هذا العدد الكبير من الطلبة وأن عملية التسمم كانت مقصودة لكننا نطلب من جهات التحقيق الكشف عن المتسببين فيها والقائمين وكذلك المشاركين فيها. فى حين أكد الدكتور على عبد الواحد مستشار رئيس الجامعة أثناء التحقيقات أن نائب رئيس الجامعة الدكتور محمد توفيق نور الدين قام بتناول نفس الوجبة مع أكثر من 150 طالبًا ولم يحدث له شىء وأن اتحاد الطلبة بالجامعة شكل لجنة لاستلام الطعام من المسئولين للوقوف على مدى مطابقته للمواصفات وجودته وأضاف عبد الواحد فى التحقيقات أن اتحاد الطلبة أصدر بيانًا أشاد فيه بجودة الطعام وتحسن الخدمات قبل وقوع الحادث بيوم. وتوصلت التحقيقات التى أجريت برئاسة المستشار مصطفى خاطر المحامى العام لنيابات شرق القاهرة إلى أن الطلاب الذين أصيبوا بالتسمم قد تناولوا وجبة الدجاج والأرز والخضار «والطرشى» داخل مطعم «المدينة الجامعية أ» وأنهم تعرضوا للإعياء والقىء الشديد عقب انصرافهم من المطعم والصالة المخصصة للطعام وأشارت التحقيقات إلى أن الإصابات النهائية الفعلية وصلت إلى 540 حالة تسمم والتى تم نقلها إلى مركز سموم الدمرداش وهى 180 حالة ونقلت 29 حالة لجراحات اليوم الواحد بمدينة نصر و68 إلى مستشفى التأمين الصحى بمدينة نصر و13 حالة بمستشفى منشية البكرى و33 بمستشفى سيد جلال و13 حالة لمستشفى الزهراء و203 لمستشفى حميات العباسية بينما أجريت الاسعافات الأولية لعدد 190 طالبًا وغادروا المستشفيات على الفور. لجنة لفحص الأغذية من ناحية أخرى قرر المستشار مصطفى خاطر تشكيل لجنة طبية أخرى من وزارة الصحة لفحص الأغذية الموجودة بجامعة الأزهر واستدعاء مديرى الشئون القانونية والعقود والمشتريات بالجامعة لسماع أقوالهما حول الحادث الذى أسفر عن تسمم أكثر من 500 طالب وأيضًا فحص عقود الموردين وتحديد أسمائهم والاطلاع على شروط التوريد والمواصفات القياسية للأغذية التى يتم توريدها كما طلب خاطر تحريات الادارة العامة لمباحث التموين بالقاهرة،وانتقل عدد من وكلاء النيابة أيضًا إلى مخزن الاغذية حيث تم أخذ عينات عشوائية من هذه الأغذية لفحصها وتحليلها لبيان مدى مطابقتها وصلاحيتها للاستهلاك الآدمى ومطابقتها للمواصفات القياسية فى الوقت ذاته قررت وزارات الصحة والتموين والتعليم العالى إعادة النظر فى جميع اجراءات سلامة الغذاء على مستوى جميع الجامعات المصرية من خلال تشديد إجراءات الرقابة والكشف المفاجىء للتأكد من مطابقة الأغذية المقدمة فى الجامعات والمدن الجامعية لمعايير الصحة العامة واتخاذ إجراءات صارمة ضد الموردين والمتعهدين الذين يثبت عدم التزامهم بتلك المعايير وذلك بعد أن وصلت أعداد الذين تعرضوا للتسمم الفعلى من طلاب المدينة الجامعية بالأزهر إلى 561 طالبًا بينهم 72 طالبًا مازالت حالتهم تتلقى العلاج فى المستشفيات وفقًا لبيان اللجنة المشكلة من النيابة العامة ووزارة الصحة. بينما أمر محمد البشلاوى رئيس نيابة شرق بإشراف المستشار مصطفى خاطر المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة بإخلاء سبيل 6 متهمين فى واقعة التسمم لحين ورود تقارير اللجنة الثلاثية التى شكلتها النيابة من وزارة الصحة لبيان سبب التسمم وطلبت النيابة تحريات سريعة من مباحث التموين لكشف عن الموردين للأغذية وطبيعة المواد الغذائية المقدمة واستعجال التقارير الطبية بخصوص الطلاب. كما أمرت النيابة باستدعاء مدير عام المشتريات بالمدينة الجامعية ومدير الشئون القانونية للاستماع إلى أقوالهما ولبيان الدورة الخاصة بتوريد الأغذية إلى المدينة الجامعية وتحديد هوية مورد الأغذية إلى المدينة وبيان عدد الأيام التى تستغرقها دورة توريد الموارد الغذائية إلى حين استهلاكها وتقديمها للطلاب كوجبات وقررت النيابة إخلاء سبيل الستة المتهمين الذين استجوبتهم وهم نائب رئيس شئون التغذية واثنين من اخصائى التغذية وطبيب بيطرى ومهندس زراعى وأمين مخازن بالمدينة الجامعية بعد أن وجهت النيابة لهم اتهامات بتداول أغذية مغشوشة واصابة خطأ وقد أنكر المتهمون الاتهامات الموجهة إليهم وأكدوا أنهم تسلموا الأطعمة من الموردين وكانت بشكل جيد وتم فحصها من قبل المختصين بذلك. من جانب آخر قال الدكتور أيمن بغدادى مدير مستشفى الدمرداش أمام فريق التحقيقات من النيابة العامة حول أسباب حالات التسمم الذى استقبلته المستشفى أن سبب تسمم طلاب جامعة الأزهر ناتج عن فساد الأطعمة وأن الانقطاعات المتكررة للكهرباء على مدار الأسابيع الماضية ربما كانت السبب الرئيسى فى سوء تخزين الأطعمة التى تناولها الطلاب حيث ثبت مبدئيًا أن الأطعمة كانت فاسدة نتيجة سوء التخزين. وأضاف بغدادى أن نسبة كبيرة من الطلاب دخلوا مستشفى الدمرداش والبالغ عددهم 253 حالة لم يتعرضوا لحالة تسمم حقيقية وأصيبوا بحالة من «الأحياء» بعد أن شاهدوا نسبة كبيرة من المصابين بالتسمم فورًا بحالة «إيحائية» كأنهم تسمموا بالفعل وأكد الدكتور أيمن أن جميع الطلاب المصابين بالتسمم الذين استقبلهم مستشفى الدمرداش قد تلقوا العلاج بالكامل وغادروا المستشفى وهم فى حالة مستقرة. من جهته أمر المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة المستشار مصطفى خاطر باستدعاء الدكتور أسامة العبد رئيس الجامعة المقال للإدلاء بأقواله أمام محمد البشلاوى رئيس نيابة شرق القاهرة وضبط وإحضار مدير عام المدينة الجامعية (أ) واستدعاء مدير عام المدن الجامعية ومدير عام التغذية بالجامعة للاستماع لأقوالهم فى واقعة التسمم ومازالت التحقيقات مستمرة. مخاطبة الكهرباء من ناحية أخرى قررت النيابة العامة مخاطبة شركة الكهرباء عن مواعيد انقطاع التيار الكهربائى التى حدثت خلال الأسابيع الماضية وفترة انقطاعها وتاريخه وبيان مدى تأثير ذلك على أجهزة التخزين والحفظ للأغذية الموجودة فى هذه الثلاجات ومخاطبة وزارة الصحة لأخذ رأى المتخصصين فى صلاحية الغذاء بعد تعرض الثلاجات للانقطاع الكهربى عنها ومدى تأثير ذلك على الأغذية التى تحفظ بهذه الثلاجات ورفع تقرير بذلك للنيابة العامة حتى تتوصل لأسباب التسمم الغذائى الذى حدث لطلاب المدينة الجامعية لجامعة الأزهر. وكان محمد البشلاوى رئيس النيابة قرر استدعاء موردى الأغذية بمختلف نوعياتهم خاصة موردى الدجاج والخضار و«الطرشى» للتحقيق معهم لبيان مدى صلاحية الأغذية التى يقومون بتوريدها للمدينة الجامعية للأزهر على أن يكون موعد جلستهم بعد غد الثلاثاء ومازالت التحقيقات مستمرة حتى كتابة هذه السطور.