مع تواصل الاحتجاجات الشعبية التى تهز أرجاء الأردن من شمالها إلى جنوبها،على خلفية إلغاء الحكومة دعم الوقود، يواجه العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى أصعب التحديات خلال حكمه المستمر منذ 13عاماً فهل يصل الربيع العربى إلى عمان، خاصة بعد وصول شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»مستهدفاً الملك عبد الله الثانى ويحمله المسئولية عن تردى الأوضاع الاقتصادى فى الأردن. ويرى بعض المحللين أن هتاف الآلاف فى المسيرة التى دعت إليها الحركة الإسلامية وسط عمان بشعار «الشعب يريد إسقاط النظام» شكل صدمة لصناع القرار، بعدما ردد المئات الهتاف ذاته أمام الديوان الملكى. وطالب المشاركون فى هذه المسيرات أيضاً بإجراء إصلاحات دستورية، وإلغاء الانتخابات أو تأجيلها، ومحاربة الفساد والمفسدين وتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة وترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية. لكن «الإخوان» التنظيم الأكبر فى الأردن تنصلوا من الشعار الذى تردد فى مسيرتهم، فقد نفى زكى بنى أرشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان أن تكون جماعته حولت استراتيجيتها من سقف «إصلاح النظام» إلى «إسقاط النظام». لكن القيادى الإسلامى وجه رسالة إلى الملك حول المشهد فى الأردن اليوم، مستغرباً ما اعتبره «غياب الملك عن المشهد تماماً رغم دخول البلاد فى مرحلة توتر خطرة وغير مسبوقة» ونفى زكى بنى أرشيد وجود اتصالات جديدة مع الحكومة وقال «نرحب بأى مبادرة سياسية وجادة تسعى إلى إخراج الأردن من أزمته، لكن إن كانت تهدف لتنفيس تظاهرات الجمعة فإنها تمثل خطوة مكشوفة لا تليق بدولة ولا بأزمة». مبادرة النسور وكان رئيس الحكومة عبد الله النسور قد طرح مبادرة جديدة لنزع فتيل الأزمة، خاصة جماعة الإخوان المسلمين. وقد حذرت مراكز نفوذ قوية بينها أجنحة أمنية، من حدوث أية مقاربات جديدة يخص عنوانها تقديم تنازلات إضافية فيما يحضى قانون الانتخاب لصالح جماعة الإخوان التى أعلنت مقاطعتها سابقاً الانتخابات احتجاجاً على قانونها، وأوضحت أن هذه المراكز مازالت تراهن على انحسار الاحتجاجات وتراجع قوتها تدريجياً. الخزينة خاوية الأحداث تتصاعد فى الأردن بينما خزينة الدولة فارغة تماماً، حتى إنها أصبحت عاجزة عن تسديد ثمن النفط والغاز،فى حين أن الحصول على الدفعة الثانية من قرض صندوق النقد الدولى البالغ حوالى مليارى دولار، مقسمة على أربع دفعات، مشروطاً بإجراءات تحرير أسعار الطاقة. وقد تفاقم الموقف المالى السيئ للأردن جراء قطع المساعدات المالية السعودية فى العام الحالى، لمعاقبة عمان على موقفها المحايد من الأزمة السورية. والجميع يعلم أن الأردن منذ تأسيس كإمارة وهو يعتمد بشكل رئيسى على المساعدات الخارجية فى تسيير شئون الدولة والمجتمع، فما الذى حدث كى تمتنع الدول المانحة والداعمة وأولها الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية عن إنقاذ الحكم فى الأردن . وهذا يثير تساؤلا لماذا اتخذ قرار رفع الأسعار فى الأردن فى هذا التوقيت بالذات؟ والجهة التى تقف خلف هذا الإجراء ألم تكن تعلم أن الشارع الأردنى يغلى، وأن الشرائح الشعبية الكادحة لم تعد تتحمل مزيداً من رفع الأسعار؟! مسئولية الأزمات وحملت «الجبهة الوطنية للإصلاح» التى يقودها رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات المنهج الأمنى السياسى للحكم، مسئولية الأزمات التى تعيشها الأردن،مما أفقد ويفقد الثقة العامة بالدولة ومؤسساتها، ويحول دون إجراء إصلاحات حقيقية فى أى مجال. وتؤكد مصادر أردنية مطلعة أن المؤسستين العسكرية والأمنية وجهتا نصائح إلى صناع القرار بضرورة التراجع السريع عن قرار رفع الأسعار لتهدئة الشارع الغاضب، لكن المصادر تحدثت عن أن الفريق الاقتصادى فى الحكومة والديوان الملكى حذر من التراجع لكونه سيسفر عن تداعيات خطرة، قد تؤدى إلى أزمة أخطر ربما تنجم عنها احتجاجات أوسع من الحالية. ويعتقد بعض المراقبين أن غياب الملك عن المشهد ترك مسألة حل الأزمة الحالية اقتصادياً وسياسياً وأمنياً للحكومة، لكونها صاحبة الولاية العامة، والتى عليها أن تحل الأزمة بما يضمن استقرار المملكة والعرش الهاشمى. وقد يتدخل الملك فى الوقت المناسب، ويوجه الحكومة للحل خصوصاً فى ظل استمرار الاحتجاجات. الأيام المقبلة فى الأردن حاسمة، ومفتوحة على كل الاحتمالات وسط ارتباك فى إدارة الحكومة للأزمة غير المسبوقة فى تاريخ الأردن.