اختلفت الطريقة ولكن اتفقت الأهداف أو الهدف بين مسيرات تأييد ورفض الإعلان الدستورى، فكلا الفريقين اعتبر أن موقفه يمثل الطريقة المثلى لتصحيح مسار ثورة 25 يناير والتى لم تتحقق أهدافها رغم مرور عامين تقريباً على انطلاقها. فالمعارضون اعتبروا أن اصدار الرئيس مرسى للإعلان الدستورى الأخير يعد خروجاً بالثورة عن مسارها فيجب إلغاؤه لإعادتها إلى الطريق القويم. وعلى العكس من ذلك رأى المؤيدون للإعلان أن الثورة كانت قد خرجت عن مسارها بالفعل فى الآونة الأخيرة وأن الإعلان الدستورى هو ما سيعيدها للطريق الصحيح ويحقق للشعب مطالبه التى خرج من أجلها فى 25 يناير وبهذا الفكر المتناقض ظاهرياً وان اتفقت أغراضه انطلقت المسيرات فى القاهرة وفى معظم المحافظات منذ الثلاثاء الماضى بصورة متباينة بين مؤيد ومعارض لقرارات الرئيس محمد مرسى الأخيرة. ولم تكن الاعتراضات الشعبية على الإعلان الدستورى حكراً على ميدان التحرير بل امتدت لتشمل 12 محافظة أخرى بخلاف محافظات القاهرة الكبرى الثلاث. وقد شهدت الميادين الرئيسية بتلك المحافظات مظاهرات معارضة للإعلان الدستورى خاصة فى ميدان الشون بالمحلة الكبرى، والساعة ببورسعيد والساعة بالإسكندرية وللأسف لم تمر جميع المظاهرات بسلام بل اشتعلت الأحداث ليسقط خلالها عشرات الضحايا خاصة مع محاولة البعض استغلال التظاهرات فى محاولة حرق واقتحام مقرات جماعة الإخوان المسلمين وضربها «الحرية والعدالة». ففى مدينة بورسعيد تطورت الأحداث مساء الثلاثاء الماضى لتصل إلى معركة بالأسلحة الآلية خاصة بعد اقتحام عدد من المجهولين للاعتصام الذى دعت إليه القوى المدنية، واستخدموا الأسلحة الآلية فى محاولة تفريق المعتصمين، الذين ردوا عليهم بالحجارة ثم انضم إليهم بعض الأهالى باستخدام قنابل المولوتوف وظلت الأحداث مشتعلة حتى الساعات الأولى من صباح الأربعاء الماضى وفشلت سيارات الاسعاف فى الوصول للمصابين، ولكن الأمور هدأت فسارعت سيارات الاسعاف بنقل المصابين للمستشفيات وعلاج الحالات البسيطة بمواقع الأحداث. ولكن للأسف لم تستقر الأوضاع سوى ساعات محدودة،حيث عادت الاشتباكات والمناوشات بين المعارضين للإعلان الدستورى والمؤيدين له خاصة مع محاولة البعض الاعتداء على مقرات الإخوان والحرية والعدالة بالمدينة. ولم يختلف الوضع فى محافظة الغربية كثيراً عنه فى بورسعيد حيث شهد ميدان الشون بالمحلة الكبرى مساء الثلاثاء مصادمات دامية بين مؤيدين ومعارضين للإعلان الدستورى خلال محاولة بعض الأهالى اقتحام وحرق مقر حزب الحرية والعدالة بالميدان فى ظل دفاع من قبل أعضاء جماعة الإخوان بالمحلة. وفى تطور خطير للأحداث انضم إلى الفريقين مجموعات مسلحة من خارج المدينة مما تسبب فى اشتعال الموقف بصورة خطيرة اسفرت عن سقوط عشرات المصابين واحتراق عدة مبانى من بينها مقر الإخوان بالمحلة الكبرى. واستمرت الإشتباكات الدامية حتى الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء لتهدأ ثم تعاود الاشتباكات بصورة محدودة مع انتشار دعوات تطالب أهالى مدينة المحلة بالاحتشاد لشن هجمة قوية على بقايا الإخوان المتواجدين لحراسة مقر الجماعة بعد احتراق واجهته. وفى الشرقية نظمت القوى السياسية والمدنية مظاهرات أمام ديوان عام المحافظة للتنديد بالاعلان الدستورى ومطالبة الرئيس بإلغائه حقناً للدماء معتبرين أنه يمثل أيضاً تغولاً على السلطة القضائية وهدما لدولة القانون والتى يطالب باحيائها الشعب المصرى عقب ثورة 25 يناير. أما فى مدينة بنى سويف فقد انطلقت مسيرة حاشدة معارضة للإعلان الدستورى بميدان الزراعيين رفع خلالها المتظاهرون اللافتات المناهضة للإعلان الدستورى ورددوا هتافات تطالب بالغاء الإعلان وحل الجمعية التأسيسية واسقاط حكومة هشام قنديل. وفى أسوان نظم 15 حزبًا وحركة سياسية وقفة احتجاجية بميدان الشهداء (المحطة سابقاً) لإعلان رفضهم تحصين قرارات الرئيس سواء السابقة أو اللاحقة، وطالبوا بإلغاء الإعلان الدستورى وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية كما شهدت السويس تظاهرات معارضة نظمتها القوى السياسية وانطلقت وسط حراسة اللجان الشعبية خوفاً من سقوط ضحايا سواء من المعارضين أو المؤيدين وتكرار سيناريو 25 يناير حيث سقط أول شهداء الثورة بمدينة السويس . ولأول مرة تنطلق المسيرات السياسية والتظاهرات لتجوب شوارع مدينة شرم الشيخ بهذه الكثافة العددية، فى إطار التظاهرات التى شهدتها محافظتا شمال وجنوب سيناء، والتى دعت اليها القوى السياسية بالمحافظتين اعتراضاً على الإعلان الدستورى . كما شهدت محافظات أخرى مسيرات محدودة خلال الأيام الماضية للتنديد بالإعلان الدستورى والمطالبة بإلغائه وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية وإقالة الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وبالتأكيد لم تكن كل المسيرات مناهضة ورافضة للإعلان الدستورى بل شهدت المحافظات المختلفة مسيرات لتأييد الإعلان الدستورى ومطالبة الرئيس محمد مرسى بإصدار مزيد من القرارات الثورية للقضاء على ما تبقى من فلول النظام السابق وإسقاط جميع معاقل «الدولة العميقة». وكانت البداية فى محافظة الإسكندرية التى شهدت أكبر تجمع للإخوان المسلمين والسلفيين رغم إعلان الجماعة عدم نزولها الشارع لتأييد القرار حرصاً على وحدة الصف ومنعاً لحدوث اشتباكات وسقوط ضحايا من أحد الأطراف. وقد تجمع مؤيدو القرار بميدان مسجد القائد إبراهيم وانطلقوا بعد ذلك فى مسيرة طافت شوارع الإسكندرية مع حرصهم على تأمين المقرات الباقية للجماعة والحزب والتى لم يتم الاعتداء عليها خلال الأيام السابقة. كما شهدت أسيوط مسيرة لطلاب جامعة الأزهر بقيادة أساتذة الجامعات المنتمين للتيار الإسلامى وانضم إليهم المحامون المنتمين للجماعة. وفى الشرقية انطلقت مسيرات مؤيدة للإعلان الدستورى وتوجهت إلى منزل الرئيس محمد مرسى عقب انسحاب المعارضين للإعلان الدستورى من أمام منزل الرئيس بالشرقية بعد انتهاء تظاهرتهم.