تميز المسلسل الرمضانى «الخواجة عبدالقادر»، الذى تعرضه بعض القنوات الفضائية فى رمضان الحالى، ويقوم ببطولته الفنان يحيى الفخرانى، بإلقاء الضوء على الأبعاد الإنسانية للحياة فى إفريقيا والسودان تحديداً، مختلفاً بذلك عما قدمته السينما والمسرح العربى من صورة نمطية عنصرية أحياناً، من خلال التهكم على لون البشرة أو إلصاق الوظائف البسيطة بالأفارقة. ورصد العمل الذى كتب له السيناريو والحوار الكاتب عبدالرحيم كمال حياة رجل إنكليزى يصاب بالإحباط، نتجية الحرب العالمية، ويفكر فى الانتحار عن طريق إدمان الخمر والاستهتار، مما يوصله إلى السودان حيث يعتنق الإسلام. وقدم المسلسل نموذجاً للشخصية السودانية شديدة الطيبة والرقة والعذوبة والإنسانية، بعيدا عن الصورة الكاريكاتيرية الساخرة التى قدمت بها فى أعمال سابقة. وأنصف «عبدالرحيم كمال» الكاتب المتميز صاحب «الرحايا» و»الشيخ همام» الشخصية السودانية من الصورة النمطية العنصرية التى سجنتها فيها السينما المصرية لسنوات طويلة. ولقى المسلسل رضا شديداً لدى أشقائنا السودانيين الذين سبق أن عبروا عن امتعاضهم من تقديم السودانى فى صورة «البواب» الذى يتكلم بلكنة غريبة ويظهر على الشاشة فى مشاهد معدودة ليضحك على تصرفاته ولهجته، فضلا عن عشرات الأعمال التى حاولت أن ترسخ لدى المشاهدين صورة السودانى أو النوبى الكسول كثير الكلام قليل الذكاء. ومسلسل «الخواجة عبدالقادر» يعتبر من أفضل خمسة مسلسلات رمضانية لهذا العام من الناحية الفنية، ومن ناحية الحبكة الدرامية وأداء الممثلين وعلى رأسهم العبقرى يحيى الفخرانى، والممثلين الذين اختيروا بعناية شديدة لأداء أدوار السودانيين فى المسلسل. كما حرص مخرج العمل على جمالية المشاهد، ونقل صورة رائعة عن منطقة الصعيد فى الثلاثينيات، رغم أن هذه الصورة قد لا تكون مطابقة للواقع. تحية لمؤلف ومخرج وأبطال هذا المسلسل الجميل، وليته يكون بداية حقيقية لتقديم مزيد من الأعمال التى تتعامل بموضوعية وواقعية مع الشخصيات المظلومة فى السينما مثل الصعيدى والسودانى، وتبتعد عن منطق السينما التجارية التى حاصرتنا لفترة طويلة بأعمال الاستسهال والاستخفاف.