دون الدخول فى تفاصيل معركة تكوين أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. والذى نص الإعلان الدستورى فى مادته ال 60 على أن أعضاء مجلسى الشعب والشورى - من غير المعينين - هم الذين ينتخبون الجمعية التأسيسية من مائة عضو لوضع الدستور.. ولم ينص صراحة على وجود نسبة محددة من هؤلاء النواب داخل الجمعية التأسيسية مما فتح الباب للخلافات القانونية الحادة! لكن الذى سوف أسلط عليه الضوء ويحتاج إلى مناقشة وحوار مجتمعى موسع.. هو قضية الدستور الجديد.. أو ما نطلق عليه دستور الثورة وأنه يجب أن يكون دستوراً عصرياً.. يواكب المتغيرات الدولية. ويراعى أن مصر بعد ثورة يناير بدأ العالم ينظر إليها نظرة جديدة.. وأن شعبها لم يرض بالحكم الاستبدادى وثار على التوريث والظلم الاجتماعى البين.. ورفض الشعب أن تكون مصر مجتمع الأقلية الحاكمة الذى يسيطر عليه حفنة من الرجال الذين يجمعون الثروة والسلطة فى أيديهم.. ويرعاهم نظام حكم ديكتاتورى يعتمد على عساكر الأمن المركزى فى حماية نظامه! ولهذا فإننا ونحن نتطلع إلى المستقبل يجب إعادة النظر فى نسبة ال 50% على الأقل للعمال والفلاحين فى مقاعد البرلمان.. والتى تنص عليها كل الدساتير السابقة ابتداء من دستور 1964 وحتى دستور 1971 وتعديلاته. فهذا النص أصبحنا لا نحتاج إليه الآن.. وكانت له ظروفه الخاصة.. عندما نص عليه دستور 1964 - لأول مرة - وقرر لهاتين الفئتين هذه النسبة ليرد لهما بعض حقوقهما المهضومة قبل ثورة يوليو 1952. ولكن أقول إن هذه الظروف قد تغيرت.. وأننا يجب إلغاء هذا التقسيم لفئات المجتمع وتحقيق مبدأ المساواة بين كل المواطنين. وأذكر أن رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق د. عوض المر - رحمه الله- قال لى إنه لولا أن الدستور نص على هذه النسبة لكانت المحكمة الدستورية أبطلتها.. ولو أن المحكمة الدستورية أخذت بالفقه والقضاء المقارن الذى يبطل النصوص الدستورية التى تناقض القيم. لكان على المحكمة الدستورية أن تبطل نص هذه المادة.. حتى ولو كان منصوصاً عليها! وأعتقد أنه مع سقوط شرعية دستور 1971 فإنه سقط هذا النص - الذى ليس له مثيل فى العالم كله - وأن هذا النص فتح ومازال يفتح الباب للتحايل والالتفاف لدخول المجالس التشريعية والشعبية. فالبعض وهم كثر يسعى إلى تغيير صفته إلى عامل أو فلاح حتى يضمن مقعداً مضموناً.. حتى ولو لم يكن عاملاً أو فلاحاً! وخير دليل على هذا التحايل أن كل مجالس الشعب والشورى السابقة شهدت دخول عشرات النواب من اللواءات ورؤساء مجالس الإدارات الذين دخلوا المجلسين تحت صفة عمال أو فلاحين وهم لا عمال ولا فلاحين!.. وكان وكيل مجلس الشعب السابق عبدالعزيز مصطفى عن العمال رئيساً لمجلس إدارة إحدى شركات التأمين.. بل إن وكيل مجلس الشعب الحالى عن العمال الزميل محمد عبد العليم داود يعتز دائماً بأنه صحفياً بجريدة الوفد قبل أن يكون نائباً.. وعضو نقابة الصحفيين. ومع ذلك فإنه دخل إلى قبة البرلمان تحت صفة عامل! *** إننى لست ضد العمال والفلاحين.. فكلنا نعمل تحت مظلة هذا الوطن.. ولكننى ضد تقسيم الوطن إلى فئات وطبقات!