فى مقدمة الموضوعات التى يناقشها الرئيس عبد الناصر مع السادة الوزراء موضوع السياسة العلاجية والدوائية. ومشكلة السياسة الدوائية أن لها وضعا خاصا فمنذ عام ونصف العام أممت تجارة الدواء وانشئت الهيئة العليا للأدوية ومع ذلك لم تحل المشكلة.. بل هناك ادوية ارتفع سعرها بعد تنظيم تجارة الدواء. فمثلا أقراص المستكاين بالفيتامين» كان سعر الزجاجة منها سعة 16 كبسولة 325 قرشاً قبل التنظيم فأصبح سعر الزجاجة منها سعة 12 كبسولة بعد التنظيم 273 قرشاً.. اى ان الزجاجة سعة 16 كبسولة يصل ثمنها الآن إلى 364 قرشا اى بزيادة 18.5 قرش. وهناك من الادوية ما يبلغ ثمن استيراده اضعاف ثمن تصنيعه محلياً كأقراص الفم وغرغرة (أ.م.س) التى يبلغ ثمن استيرادها خمسة اضعاف ثمنها لو صنعت محلياً. وتبلغ قيمة الادوية المستوردة كل عام 9 ملايين جنيه و ثمنها الاساسى 6 ملايين جنيه والباقى يتوزع بين الارباح والضرائب. فى حين ان قيمة الانتاج المحلى من الادوية يبلغ بسعر المصنع 900 ألف جنيه أى أن الانتاج المحلى لا يمثل سوى 10% من استهلاكنا. والانتاج المحلى مشكلة، فقد قام عدد من الخبراء بإعداد تقرير عن مصانع الدواء قالوا فيه ان مصانع الادوية تنقسم إلى ثلاثة اقسام فثلاثة مصانع منها تعتبر فوق المتوسط وثلاثة أخرى متوسطة والمصانع الباقية حالتها فى منتهى الضعف. وهناك اتجاهان لحل هذه المشكلة احدهما سريع والآخر طويل المدى. والحل الاول يعتمد على تخفيض سعر الدواء عن طريق تنازل الحكومة عن الضريبة التى تبلغ 2 مليون جنيه كل سنة إلى أن تقوم لدينا صناعة دواء تسد حاجة البلد. على أن يفتح الباب امام المصانع الاجنبية لإنشاء فروع لها فى الجمهورية العربية. والحل الثانى يعتمد على دراسة وضع المصانع المحلية وإمكانياتها وإمكان إقامة صناعة كاملة للدواء تحقق الاكتفاء الذاتى والتصدير ايضاً على مدى عشر سنوات. وهناك وجهة نظر أخرى تطالب بتأميم صناعة الدواء لاكثر من سبب مثلاً: سيكون للحكومة دور فى توجيه صناعة الدواء ومنع التحكم فى أسعارها. نفتح اسواقا امام الدواء العربى فى الخارج.. وتحتاج هذه الصناعة إلى تسهيلات معينة خاصة بالاستيراد لن يتم ذلك إلا عن طريق اشراف الدولة. تستهلك الحكومة سنوياً ما قيمته 2 مليون جنيه ولا بد لها كمستهلكة لهذا القدر ان تشرف على صناعة الدواء حتى لا تخضع للاستغلال. قد يقضى الامر تخفيض ثمن بعض الادوية إلى أقل من سعر التكلفة ليتيسر العلاج لعدد كبير من المواطنين كأدوية الامراض المستوطنة مثلاً وهذا لا يمكن تطبيقه الا اذا كانت الحكومة هى المشرفة. وإشراف الدولة على صناعة الدواء كمجموعة مؤممة سيؤدى إلى توسيع هذه الصناعة بحيث تحقق الحاجة الفعلية للبلاد، كما سيؤدى إلى تطوير الصناعة نفسها عن طريق اهتمامها بقيام مراكز للبحوث الدوائية لابتكار الجديد فيها.