يبدو أن نجاح تجربة مسلسل «العار» العام الماضى، و«الباطنية» العام قبل الماضى، شجع صناع الدراما التليفزيونية على إنتاج المزيد من الأعمال المشابهة، ومنها مسلسلى «المسيو رمضان أبوالعلمين» للنجم محمد هنيدى، والمؤلف يوسف معاطى، اللذين قدما الفيلم الأصلى منذ ثلاث سنوات، و«سمارة» لغادة عبدالرازق، والذى أنتجته السينما منذ أربعين عاما للنجمة الراحلة تحية كاريوكا..فهل نحن فى حاجة لإعادة الأعمال السينمائية بهذا الكم فى 2011؟.. وهل هذه الموضوعات التى تم اختيارها مناسبة كى تتحول إلى دراما تليفزيونية؟.. وهل هى ظاهرة فنية صحية أم دليل على إفلاس صناع الدراما؟!..هذا ما سنحاول الاجابة عنه من خلال السطور القادمة.. * فى البداية قال الناقد الفنى نادر عدلى إن الافلام الشهيرة ارتبطت بنجوم محددة وأنه يوجد بعض النجوم الموجودة على الساحة الآن تبحث عن الاعمال القديمة والشخصيات الشهيرة لكى تقوم بهذه الأدوار، مثلما يحدث الآن مع غادة عبد الرازق فى مسلسل «سمارة» وهى كفنانة أجرها عال ومطلوبة، وهى تقوم بالبحث عن اى موضوع تمثله، وإن لم تجد فإنها «تفصل» المناسب لها على حسابها، وقد اضطرت هذه المرة لأن تأخذ قصة شهيرة تستفيد بها من نجاحها فى السابق، خاصة أن كثيرًا من الأعمال السينمائية عند تحويلها إلى دراما تطلبها الفضائيات . وأكد عدلى أن هذا يعتبر نوعا من أنواع الإفلاس الفنى بسبب أن بعض النجوم يريدون أعمالاً فنية محددة مصنوعة خصيصا لهم،مشيرا إلى أنه لا يوجد دواع درامية لتحويل الأفلام الشهيرة إلى مسلسلات، وتوقعا أن هذه الظاهرة ستختفى عند تقليل أعداد المسلسلات، فنلاحظ أنه فى العام الماضى كان يوجد 60 مسلسلا وفى العام الحالى مايقرب من 30 فقط، ولكن مع وجود أعداد كبيرة من المسلسلات وعدد قليل من الكتاب يجعلهم يبحثون عن الأفلام الشهيرة ويقدمونها كمسلسلات. * ويتفق مع هذا الكلام الكاتب أبو العلا السلامونى ويقول إن تحويل الأفلام القديمة إلى مسلسلات هو نوع من الإفلاس الفنى، ومحاولة لكسب شهرة جديدة من الشهرة القديمة فهى محاولة غير مقبولة ومفترض أن هناك موضوعات عصرية تحتاج إلى معالجتها بطرق جديدة، مشيرا إلى أن الحالة الوحيدة التى يقبل فيها هذا التحويل الدرامى، هو أن هناك أبعاداً أخرى فى المسلسل تختلف عما تم طرحه فى الفيلم المأخوذ عنه، وأن يكون هناك رؤية جديدة وفكرة مختلفة عن الاصل، ولابد للكاتب من تقديم مبررات قوية تجعله يقوم بإعادة هذا العمل. وقال السلامونى إنه حاول تقديم رؤية جديدة فى مسلسل «اللص والكلاب» تختلف عن الفيلم الشهير الذى أخرجه حسين كمال عن قصة لأديب نوبل نجيب محفوظ، لأن الفيلم كان مجرد قصة بوليسية، بينما كان له أبعاد أخرى ضرورية تستدعى تقديمه فى رؤيه جديدة، وهو أن الصحفى رؤوف علوان أحل السرقة لسعيد مهران وفى النهاية تنكر له، فعملية استحلال السرقة ذاتها هى ما لفت نظرى، وهو ما تكرر فيما بعد من قبل بعض الجماعات المتطرفة التى استحلت أموال الناس باعتبارهم كفاراً. * ويعترض السينارست وليد يوسف هو الآخر على فكرة تحويل الأفلام السينمائية إلى مسلسلات لأن ماحققته هذه الأفلام من شهرة ونجاح لابد أن يظل منسوبا لاصحابه ولا يشاركهم فيه أحد غيرهم ولا توجد دواع درامية لهذا التحويل فهناك من المشاهد والرؤى الموجودة حاليا على الساحة ما يمكن أن نقدم من خلالها المئات من المسلسلات. * من جانبه يقول المخرج الكبير على عبد الخالق صاحب فيلم «العار» الذى تحول إلى مسلسل: «ولم لا..فلدينا عشرات الأفلام الشهيرة التى تستحق تحويلها إلى مسلسلات، وهذا الأمر وارد فى كل مكان، فكم من قصص أدبية تم تناولها فى افلام ومسلسلات إذاعية وتليفزيونية، والسينما الأمريكية نفسها تحولت كثير من أفلامها إلى مسلسلات ..و«العار» حقق العام الماضى نجاحا باهرا.. فالقصة عندما يعالجها سينارست ماهر ويظهرها بشكل جيد تحقق النجاح ويقبل الجمهور على مشاهدتها، ولا اعتقد ان هذا افلاس فنى أو أدبى، فالفيلم بشهرته عندما يتحول إلى مسلسل يكون نوعا من تذكير المشاهد بأحداث الفيلم وعمل مقارنة بينهما. * أما الناقد محمود قاسم فيقول إن هذه التجربة ليست جديدة على الدراما المصرية، فقد سبق استنساخ فيلم «لاتطفئ الشمس» فى مسلسل تليفزيونى عام 1965ونجحت الفكرة، وستظل جذابة وسهلة بالنسبة للكثيرين من صناع الدراما الذين يسعون لتقديم تنويعات على موضوعات قديمة أحبها الناس، ومن طبيعة المشاهد أنه يحب التفاصيل الأكثر، والمهم هو مراعاة الجودة والإجادة، فالمشاهدة التليفزيونية الدرامية عليها إقبال شديد ولكن ماهو المسلسل الذى يجذب المشاهد؟ هذا هو الموضوع ووهو ما نجح فيه مسلسل «العار» العام الماضى، لأنه قدم قصة غير قصة الفيلم وجذبت المشاهد تماما وهذا هو المطلوب. وفى النهاية يتساءل الكاتب والناقد سامى حلمى قائلا: ما الذى يمنع تحويل عمل ذى قيمة من وسيط إلى اخر.. المهم كيف يحدث ذلك وبأى مستوى فنى؟.. فمسلسل سمارة الذى يعرض حاليا كان فى الأصل مسلسلاً إذاعيًا قبل أن يتحول إلى فيلم، وحين كان يذاع لم يكن أحد يتواجد وقتها فى الشارع لأنه جذب الناس بشدة فى ذلك الوقت الذى لم يكن فيه تليفزيون .. وعند عرضه كمسلسل تليفزيونى، فإننا يجب أن ننتظر حتى نهاية عرض المسلسل ونتعرف على رد فعل المشاهد وتقييمه للعمل القديم والجديد وبذلك نقدر ان نحكم على نجاح العمل من فشله، مشيرا إلى أننا بشكل عام نعانى من نقص عدد كتاب الدراما الجيدين، ولكن مع ثورة 25 يناير فإنى أؤكد أن الشباب سيكون لهم رأى آخر فى المعالجات التليفزيونية والسينمائية.