بدأت الثورة الليبية تسير فى الاتجاه المعاكس، حيث اختطفت من قبل لجنة الاتصال الدولية وقيادة الناتو العسكرية فيما خيمت أجواء من الغموض والمخاوف لمستقبل ليبيا وشعبها من جراء التدخلات الخارجية، أما اليمن فقد تراجع الرئيس على عبد الله صالح عن فكرة تسليم السلطة وبدأ يطالب المعارضة والشعب بالرحيل، مع بروز انفلات أمنى غير مسبوق فى معظم المدن اليمنية يشير إلى تدخلات للقاعدة وتقسيم اليمن. انتقل المشهد فى ليبيا من ثورة تغيير إلى معارك حربية ومؤتمرات فى عواصم غربية لدعم الثوار فى المنطقتين الشرقية والغربية وفى الوقت الذى تتحدث فيه قيادة العمليات العسكرية الأجنبية عن تقدم لدخول وسيطرة المجلس الوطنى الانتقالى الليبى على الأوضاع فى المنطقة المحررة دخلت قوات القذافى وخرجت عديد المرات فيما انتشرت الشائعات عن فرار سكان مدينة سرت مسقط رأس القذافى منها خشية الغارات الجوية لقوات التحالف ووصول المتمردين الذين يتقدمون بسرعة نحو الغرب بدأت قوات القذافى تنتشر فى راس لانوف ومصراته وكأن الأوضاع تدور فى دائرة مغلقة رغم ارتفاع عدد الطلعات الجوية لمقاتلات التحالف التى ترمى حمولات غير مسبوقة فى قوة انفجارتها وحتى هذه اللحظة مازال ثوار بنغازى يتحدثون عن زحف إلى طرابلس وباب العزيزية وهو نفس الإعلان الذى تردده كتائب القذافى الأمنية وما بين الحديثين تضيع مقدرات الشعب الليبى وثرواته فيما أصبحنا مقدمين على ما يسمى بعمل لجنة الاتصال الدولية التى تجتمع فى عواصم غربية لتقييم وضع العمليات العسكرية ولا مانع من دعوات لنظام القذافى بالرحيل فى إطار سياسى يقضى بخروج القذافى من ليبيا وهو حل فى تقديرى لن يرى النور.. وكان أحمد قذاف الدم الذى استقال من كل مناصبه فى ليبيا احتجاجا على استخدام العنف قد وجه نداء بوقف إطلاق النار حرصا على مستقبل ليبيا وأن يراجع الجميع حساباته وحذر من ألا يكون قرارا السلم والحرب بأيدى الجميع بعد تدويل هذا الصراع ودخول هذه الأطراف فى النزاع يتحمل نتائجه كل الليبيين بلا استثناء. من جهة أخرى عاد المشهد الثورى فى اليمن للمربع الصفر بعدما أعلن استعداده للتخلى عن السلطة والرحيل تجاوبا مع مطلب الثوار وقال إنه لن يترك منصبه إلا فى مطلع عام 2013 رافضا بذلك إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو نقل السلطة إلى نائبه ولم يكتف بذلك بل طالب المعارضة اليمنية بالرحيل التى حمَلته مسئولية تدهور الوضع الأمنى، وطالب ائتلاف ثورة الشباب اليمنى المجتمع الدولى ومنظماته خاصة مجلس الأمن وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجى بتحديد موقفهم وتحمل مسئولياتهم تجاه جرائم إبادة جماعية بحق الشعب اليمنى وفى نفس الاتجاه أبدى المجتمع الدولى استياءه من تراجع الرئيس على عبد الله صالح عن مبادرته كما أصبح عاجزا عن ضبط الأمور أو تقديم حل سياسى للخروج من أزمة تتفاقم، وكان وزير الخارجية اليمنى أبو بكر القربى قد أتهم الولاياتالمتحدةالأمريكية بالاستفادة من الاضطرابات التى يعانى منها العالم العربى وفقا لأجندتها ومصالحها، مشيرا إلى أن المنطقة العربية تلقى اهتماما كبيرا من أمريكا وغيرها لأنها منطقة غنية ومليئة بالثروات المتعددة فيما يرى وزراء خارجية عرب بأن واشنطن تحاول استباق التطورات اعتمادا على علاقاتها القديمة مع أنظمة الحكم العربية التى تشهد حراكا شعبيا ينادى بالاصلاح أملاً فى ألا تفقد جميع مواقعها وتأثيرها على هذه الأنظمة فى المستقبل. ومن هنا فإنها تبذل جهودا حثيثة لترك انطباعات ايجابية لدى شعوب المنطقة وتتدخل بصورة أكثر وضوحا كما فى الحالة اليمنية حفاظا على مصالحها إلا أن الوضع فى ليبيا مختلف فقد أخذ التدخل منحنى آخر حيث ساهمت واشنطن فى إصدار قرار مجلس الأمن بفرض الحظر الجوى بحجة حماية المدنيين من قوات القذافى، وفى المقابل اتهم بعض الخبراء الروس منظمات مدنية فى أمريكا بتولى تدريب شخصيات من العالم العربى لإحداث الفوضى فى كل العواصم العربية مستغلة بذلك رغبة الشعوب فى التغيير. وحذر هؤلاء الخبراء من تطورات سلبية تنال من استقرار المنطقة العربية.