على طريقة موقع «ويكيليكس» الالكترونى وتسريباته المثيرة للجدل، قامت قناة الجزيرة الفضائية بكشفت بما وصفته بالوثائق السرية التى اطلعت عليها القناة والتى قالت إنها تفيد بأن السلطة الفلسطينية تنازلت عن المطالب بإزالة كل المستوطنات الإسرائيلية فى القدسالشرقية باستثناء مستوطنة جبل أبو غنيم وقالت إن السلطة أبدت استعدادها لتقديم تنازلات غير مسبوقة فى الحرم الشريف وكل من حى الأرمن وحى الشيخ جراح. وعلى مدار أربعة أيام أخذت القناة فى بث أكثر من 1600 وثيقة تتجاوز 6500 صفحة، قالت إنها تسجل محاضر جلسات المفاوضات. وذكرت الجزيرة أنه بحسب محضر اجتماع بتاريخ 15 يونيو 2008 حضره مفاوضون أمريكيون وإسرائيليون قال رئيس طاقم المفاوضات فى السلطة الفلسطينية أحمد قريع «اقترحنا أن تضم إسرائيل كل المستوطنات فى القدس ما عدا جبل أبوغنيم. وأضاف أن «هذا المقترح الأخير يمكن أن يساعد فى عملية التبادل»، وأن «هذه أول مرة فى التاريخ نقدم فيها مقترحا كهذا وقد رفضنا أن نفعل ذلك فى كامب ديفيد». وبحسب وثائق الجزيرة فإن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات سار على نفس الاتجاه عندما قال فى اجتماع بتاريخ 21 أكتوبر 2009 مع المبعوث الأمريكى إلى منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل، وفقا لوثيقة سرية، «بالنسبة للمدينة القديمة فإنها تكون تحت السيادة الفلسطينية ما عدا الحى اليهودى وجزء من الحى الأرمنى»، وتابع عريقات قائلا فى الاجتماع نفسه «الحرم القدسى يمكن تركه للنقاش. هناك طرق خلاقة، مثل تكوين هيئة أو لجنة، الحصول على تعهدات مثلاً بعدم الحفر». ولكن الإسرائيليين رفضوا مناقشة القدس التى تصر إسرائيل على أنها خارج دائرة التفاوض. وبحسب الوثائق فإن السلطة الفلسطينية ترى أن لها أعداءً كثيرين بالمنطقة، من ضمنهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله وإيران وبعض الدول العربية. وفى أول تعليق له على ما نشر بهذه الوثائق أكد الرئيس محمود عباس أن السلطة الفلسطينية تطلع القادة العرب أولا بأول سواء عبر اللقاءات المباشرة أو عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية على تفاصيل ما يجرى فى المفاوضات مع إسرائيل والولاياتالمتحدة. وجاء تعليق الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى: أن السلطة الفلسطينية تسلم الجامعة وحكومات أخرى بالفعل عددا من المواقف المتعلقة بالمفاوضات، دون أن يذكر إذا كانت هذه الوثائق هى نفسها ما عرضته الجزيرة. من جانبه أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه ان الحملة التى تقودها قناة الجزيرة ضد السلطة الفلسطينية هدفها تشويه صورتها أمام الرأى العام، ودعا أثناء مؤتمر صحفى فى رام الله إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقق من صحة الوثائق مؤكدا أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية كانت أكثر المفاوضات شفافية من بين الأعمال السياسية التى جرت فى المنطقة فى التاريخ المعاصر، مشيرا إلى أنه لم تحدث أية واقعة صغيرة أو كبيرة خلال المفاوضات إلا وتم التحدث عنها أمام الرأى العام، ولافتا بهذا الصدد إلى أن سير المفاوضات فى كامب ديفيد كان مكشوفا للجميع ويخضع للنقاش العلنى. ونفى عبد ربه حدوث أى تنازل فلسطينى فى موضوع القدس، كما نفى فكرة تبادل الأراضى بنسبة 1 إلى 50، معتبراً أن هذا الأمر «خارج نطاق العقل والمنطق». وفى نفس السياق، أعرب رئيس دائرة المفاوضات فى منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات عن استعداد السلطة الوطنية الفلسطينية لنشر وثائقها وأرشيفها الخاص بملفات المفاوضات مع إسرائيل لتوضيح المواقف للرأى العام الفلسطينى والعربي. وهو ما فعلته فعلا قناة «العربية» المنافسة للجزيرة عبر موقعها الإلكترونى، حيث قالت «العربية» انها حصلت على النص الكامل لوثائق المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ومحاضر جلسات المحادثات المتعلقة بقضايا الوضع النهائى.وبدأت «العربية» بالفعل فى نشر وثائق متعلقة بهذه المفاوضات تناقض ما نشرتها الجزيرة. وفى الوقت الذى رفضت تسيبى ليفنى رئيسة طاقم المفاوضات الإسرائيلى فى عهد رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود أولمرت التعقيب للصحافة الإسرائيلية الرد أو التعليق على نشر تلك الوثائق. أعلن مكتب رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت التى جرت فى عهده المفاوضات أن الوثائق التى نشرتها الجزيرة فيها الكثير من المغالطات والأمور غير الصحيحة، بينما تناولت الصحف الإسرائيلية باهتمام كبير ما نشرته الجزيرة، وأفردت عبر مواقعها الإلكترونية مساحات واسعة لما بث من وثائق، كما تساءلت عن مصدر هذه الوثائق وكيفية وصولها للجزيرة. أما الولاياتالمتحدة الراعية الأولى لعملية التفاوض بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى فقالت فى تصريحات لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون من المكسيك إن نشر الوثائق السرية التى تبثها الجزيرة والمتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لن يؤثر على جهودها فى إحياء عملية السلام بين الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى.