لم تجد إسرائيل بدا من محاولة الانفراد بالساحة الأمريكية فى إطار جهودها لدفع صفة الجمود عن موقفها فى ظل التقدير لحاجة واشنطن، بل المنطقة، لإظهار قدر من الاختلاف يغطى على الغموض الذى صار ينطوى عليه الموقف الذى يهدد العديد من المصالح فى المنطقة فى مقدمتها الفلسطينية والعربية بل الأمريكية أيضا. وعلى ذلك فإن الموقف الإسرائيلى يشبه القول المأثور «رب ضارة نافعة»، فهى تستطيع فى الظروف الحالية إظهار قدرتها على التحرك حيث يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلى أولا للحصول على ما وعدت به الولاياتالمتحدة من مساعدات وضمانات بمجرد إبداء التجاوب مع ضرورات دفع المسار الفلسطينى الإسرائيلى وفى حدود ما أبداه نانتياهو من إمكانية تحديد مدة التفاوض فى حدود شهرين مع طرح اشتراكات عامة ومنها عدم قابلية هذه الفترة للتجديد من ناحية ومنع إمكانات الجانب الآخر فى اللجوء إلى وسائل أخرى غير المفاوضات مع مطالبته بعدم الالتزام بمزيد من الوقف لبناء المستوطنات وبالتالى يصبح التجاوب الإسرائيلى المشروط بما يشكل المخرج السحرى سواء بتفادى الضغوط أو الحصول على المزيد من المكاسب. الوضع فى صورته كما أشرنا يشكل مدخلا أكثر من مناسب للحوار المهم مع كل من جو بايدن نائب الرئيس وهيلارى كلينتون كما يصبح أكثر من مناسب للحوار مع أمين عام الأممالمتحدة بان كى مون خاصة فى ظل المواقف السابقة تجاة المسئولين الإسرائيليين من ناحية وما قد تبديه إسرائيل من موافقة تعد لها على تحريك موقفها من مسألة قرية الغجر على حدودها مع لبنان من محاولة إظهار صدق انتقاداتها لمواقف المنظمة الدولية والملاحظات التى أبداها كيمون تجاة الموقف الإسرائيلى خاصة فى قضية السفينة التركية مرمرة منذ فترة ليست بعيدة. المناخ يصبح متاحا بصورة أكبر أمام منظمة ايباك باعتبارها اللوبى الإسرائيلى فى الولاياتالمتحدة وجماعة الضغط فى الولاياتالمتحدة من طرح المزيد من المواقف المؤيدة لإسرائيل والتى قد تنجح فى أن تستحث المجتمع الأمريكى على زيادة الدعم لها. الصورة بالتالى مازالت ترجح أن تنحصر الخلافات مع واشنطن فى بعض التفصيلات غير الجوهرية وليس فى الجوهر نفسه وكذلك أن تحاول إسرائيل استغلال المناخ لإرساء المزيد من الأسس فى معالم الحوار مع الإدارة الأمريكية يساعد عليها بالتأكيد التقدير لحاجة هذه الإدارة وبعد نجاح الجمهوريين فى الانتخابات التمهيدية للكونجرس لتأكيد مناخ التفاعل مع إسرائيل خاصة فى مواجهة بعض المشاكل المثارة فى المنطقة. وليس من قبيل المصادفة أن تحاول إسرائيل الاستفادة من الحرص العربى والدولى على تسيير عجلة السلام فى المنطقة خاصة فى الوقت الذى مازالت فيه إسرائيل أيضا تقدر حاجة المجتمع الدولى وواشنطن بصفة خاصة إلى جس نبض شكل التحالف المتوقع فى مواجهة بعض القوى فى المنطقة وخاصة إيران فى حالة تصاعد الموقف بينها وبين واشنطن على خلفية توتر العلاقات إزاء قضية السلاح النووى أو للتغطية عليها.