يسعى غاستون بشلار في حدس اللحظة إلى توضيح عدد من المفاهيم وإزالة الإلتباس عنها، ومنها توضيح الأساس الميتافيزيقي لفلسفته وما وضعت هذه الفلسفة من مفاهيم بستمولوجية، وكذلك تحديد حقيقة الزمن من خلال توضيح العلاقة التي تربط أصناف المعرفة بعضها مع البعض مرورا بالخلق الأدبي من خلال لحظة الخلق وليس إسترجاع اللحظة من الماضي أو امتدادها فيه. من خلال هذه الرؤيا إستعان بشلار بمفهومي برغسون ورونبال عن الحدس الزماني والواقع الحقيقي للزمن، ففي الوقت الذي يرى فيه برغسون إن الزمن أو بالأحرى حقيقته هو الديمومة، أما اللحظة فهي ليست سوى تجريد لا واقع له، يرى روبنال إن الواقع الحقيقي للزمن هو اللحظة، ويعرف الديمومة بأنها البناء الذي ليس له أي واقع مطلق. ويرى روبنال أيضا بهذا الخصوص بأن الديمومة فرضتها الذاكرة من الخارج، ومن خلال ما طرحه برغسون عن الديمومة نرى أنها ترتبط بتجربة باطنية شخصية والفكرة البروغسونية ترتبط بالقياس وبداهة الحس الباطني، لكن بشلار وجد فيما بعد أن مفاهيم أنشتاين حول الديمومة الموضوعية لبرغسون عززت مفاهيم مطلق اللحظة وليست بصالح الديمومة الموضوعية، فالديمومة هنا تأتي من عمومية ومن تحديدات مُسبقة وغباء في التحليل مقابل اللحظة التي ذكر بأنها قابلة للتحقيق والموضوعية وهي مجموعة من الفواصل الزمنية تربط بينها ظاهرة منظورة وتتميز بصفتي الثبوت والإطلاق. لقد ارتبطت فلسفة بشلار بالفلسفة المثالية الفرنسية وتأثر بمفاهيم الفيلسوف هملان بما يخص قضايا المعرفة والجدلية، وأثار من خلال آراءه قضايا ذات أهمية في مفاهيم اللحظة والديمومة، ومنها الذات والموضوع والتكامل والتناقض كما أنه لم يتفق مع بعض الفلسفات وإشكالات ربطها بنظرية المعرفة. إن خلو الكائن من وحدة الشعور، أي الكائن الذي نراه من بُعد محدودا، لا يدلل على وجود اتصال حقيقي وترابطي ذي أثر فعال بين اللحظة وإضافاتها، بين قدرة الكائن وتأثيراته المكانية، بين تحوله وعزلته، بين تأثير ومعطيات اللحظة الحاضرة واللحظة المتوقعة الحضور. بذلك نستطع أن نجزم بوجود قطيعة بين اللحظات، ويمكن وبنفس الوصف أن نتساءل: هل هناك قطيعة بين مراحل المعرفة أم أن هناك اتصالا بينهما، وهذا لايتم بتعبير بشلار إلا بدراستنا لتاريخ هذه المعرفة، ودراستنا لنماذج من الدحض الفلسفي وتحليل النصوص الأدبية لتحصيل حدوس جديدة تبنى عليها مفاهيم فلسفية.