حالة الطقس في المحافظات اليوم.. أجواء غائمة ونشاط للرياح    شاهد| صور شقق المبادرة الرئاسية لتطوير عواصم المحافظات    بعد انتهاء الضربة الإسرائيلية، الحرس الثوري يحذِّر الإيرانيين    ياريت تجيب بلستر.. إبراهيم سعيد يوجه رسالة لمحمود كهربا بعد أزمته الأخيرة    «مكنش دوره يشوط».. مفاجأة يفجرها إبراهيم سعيد بشأن إهدار شيكابالا ركلة الترجيح في السوبر    موعد مباراة ريال مدريد ضد برشلونة في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    استقرار أسعار الدواجن اليوم السبت 26-10-2024 في محافظة الفيوم    ضبط لص يسرق توك توك لمدرس بسوهاج    حالة الطرق اليوم، اعرف حركة السيارات بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    أول تعليق من محمد ثروت بعد حفل «ليلة عبدالوهاب».. ماذا قال؟    علاج منزلي .. ضع البصل تحت الإبط وشاهد ماذا يحدث لجسمك ؟    ترامب يعرب عن دعمه حرب نتنياهو في غزة ولبنان    اخبار التوك شو| الصحفيين تتضامن مع مصور القاهرة الإخبارية المصاب ب لبنان..يمن الحماقى: الدولار سينخفض أمام الجنيه في هذه الحالة    للمعتمرين.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    وزير التموين يشهد افتتاح مشروع سوق اليوم الواحد للمزارعين بالإسكندرية    صور تكشف عن فساتين إنجي علي الجريئة والمثيرة للجدل ..صور    ارتفاع سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 يسجل 3742 جنيهاً    غلق القيد الصيفي للدوري الممتاز للموسم الجديد 2024 - 2025    عاجل.. قرار كاف مع خماسي الأهلي والزمالك وفيفا يعتمد إنجاز حسام حسن    جامعة الأزهر: خروج طالبات الأقصر من المستشفى وتحقيق لكشف الملابسات    إغلاق المجال الجوى الإيرانى بعد استهداف مطار الخميني    48 هجوما.. "حزب الله" ينفذ أكبر موجة هجمات ضد إسرائيل منذ بدء الحرب    رسميا.. محمد معيط رئيسا للمجموعة العربية بصندوق النقد الدولى    خبير يكشف عن أخر تفاصيل سد النهضة.. توقف جميع التوربينات    أول ظهور ل أحمد سعد بعد إجراء عملية جراحية في الفك (صورة)    نهاية مأساوية لفنانتين من مصر| «دميانة» و«هيباتيا».. الإبداع في مواجهة التعصب    اليوم.. الصحة تطلق 8 قوافل طبية بالمحافظات    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف زينب عوض.. طريقة عمل ورقة اللحم    إنجي المقدم.. أناقة جريئة بالتوب المكشوف الأسود في مهرجان الجونة    عالم شائعات.. ياسمين الخطيب وهدير عبد الرازق وأسرار أزمة الفيديو المسرب    إصابة 6 جنود إسرائيليين جراء سقوط صاروخ في منطقة شومرا بالجليل الغربي    اللواء هشام الحلبي: حرب أكتوبر تجسيد للاحتراف العسكري وأسقطت نظريات دفاعية عالمية    تعليق ناري من نجم الأهلي بشأن احتفاله أمام الزمالك في السوبر الأفريقي    رغم ارتفاع نسبة الحضور ل80% رسميًا.. عودة ظاهرة «التزويغ» من المدارس    موعد بدء التوقيت الشتوي 2024 في مصر.. اضبط ساعتك وتعرف على مواقيت الصلاة الجديدة    عاجل - إسرائيل تشن غارات جوية عنيفة على إيران.. و5 انفجارات ضخمة تهز طهران    ضبط سائق تاكسي قتل طالب بالمطرية    أقراص تحديد النسل للرجال!.. إنجاز علمي تحقق عام 1963 وشاركت جامعة القاهرة في الأبحاث    «البوتكس».. يخلصك من «تجاعيد الموبايل»    خبيرة تكشف مفاجأة: هدم مقابر الإمام الشافعي يوفر 3 دقائق فقط بالطريق (فيديو)    التقديم اليوم رسميًا.. شروط ومكان وظائف شركة مياه القاهرة 2024 (رابط مباشر)    «زي النهارده».. وقوع حادث المنشية 26 أكتوبر 1954    جمارك مطار برج العرب تحبط تهريب هواتف وساعات ومستلزمات الشيشة الإلكترونية    حظك اليوم برج الحوت السبت 26 أكتوبر.. اغتنم الفرص    المخرج عمرو سلامة يختار الفائزين في برنامج «كاستنج»    واعظ بالأزهر: الإخلاص أمر مهم ذو تأثير كبير على الإنسان والمجتمع    إشبيلية يفوز على إسبانيول في الدوري الإسباني    ملف يلا كورة.. حظر إعلامي في الأهلي.. موعد مباراتي مصر.. ومفاوضات ليفربول مع مرموش    10 شركات سمسرة تستحوذ على 73.8% من تعاملات البورصة خلال الأسبوع الماضى    لعبة Overwatch 2 تعود رسميًا للمواجهة 6 ضد 6 ديسمبر المقبل    النائب العام يلتقي سكرتير الدولة للعدل الإسباني    مجموعة السبع تعلن الاتفاق على قرض ب 50 مليار دولار لأوكرانيا مدعوم بفوائد الأصول الروسية    مطرانية ملوي بالمنيا تكشف سبب إحلال وتجديد الكنيسة المرقسية    انتشال جثة شخص من مشروع ناصر بعد 24 ساعة بالبحيرة    وزير الأوقاف والمفتي ومحافظ السويس يشهدون احتفال المحافظة بالعيد القومي    خطيب الجامع الأزهر: خيرية الأمة ليست شعارا بل نتيجة لامتلاكها مقدمات النجاح    مواقيت الصلاة .. اعرف موعد صلاة الجمعة والصلوات الخمس في جميع المحافظات    خطيب المسجد الحرام: شعائر الدين كلها موصوفة بالاعتدال والوسطية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ضيافة الرسام عبد الرزاق الساحلي
نشر في نقطة ضوء يوم 15 - 01 - 2017

لا يزال هناك أثر من عبد الرزاق الساحلي في الحمامات بتونس. مدينته الساحلية الصغيرة التي لم يغادرها عام 2009 في وداع أخير إلا بعد أن نقل الجزء الأكبر من روحها إلى سطوح لوحاته. كانت كونه فصار حارس علاماتها التي اكتسيت بسبب خيال يده الكثير من الغموض. لقد اجتهد في وفائه ليكون واحداً من حرفييها، لكنه في الوقت نفسه وهبها بتواضع شيئاً من دهشة عيني الطفل الذي يسكنه.
كانت رسومه بمثابة آيات شكر موجهة إلى أسلافه الذين قادتني علاماتهم إلى بيته. لا يزال مرسمه كما تركه. تحرص زوجته الفرنسية على ألا يتغير أي شيء فيه خشية أن يعود إلى الرسم. كرمه كان باذخاً. هناك عدد من المحترفات الملحقة ببيته، كان قد استضاف فيها عدداً من الرسامين العرب والأجانب ممن أعجب بتجاربهم الفنية.
أدخل إلى مرسمه فأتوهّم أن كل شيء في مكانه، كما تركه الرسام لذي سيعود مبتسماً في أية لحظة ليرحب بي. سيكون علي أن أعتذر منه. «لقد تأخرت في حضوري» فالساحلي المولود في الحمامات عام 1941 كان واحداً من الأسباب التي دعتني إلى تفكيك رؤيتي إلى العالم واعتبارها الوسيلة المثلى لفهم المصير. ما من صورة مكتملة. الصورة العميقة لا تصل إلا عبر شظاياها.
العلامات هي أثرنا الرمزي الذي يلخص حياة لا تزال ممكنة. وهو ما تعلمه الساحلي منذ طفولة عينيه. هناك شيء منا نتركه لكي يكون شاهداً على مرورنا وهناك شيء نحمله معنا لكي يكون بمثابة جرس، تعيدنا دقاته إلى السطر الأول الذي لم نكتبه. يستعيد الساحلي روح المكان وهو يعرف أنه لم يغادر السوق التي اهتدى من خلال أصواتها إلى سحر الأشكال. يرسم الساحلي بالحواس كلها. كنت أمد يدي بين لحظة وأخرى لأتأكد من أن ما أراه هو أصباغ ليس إلا.
أن ترى رسوم عبد الرزاق الساحلي في المكان التي أنتجت فيه هو غير أن تراها معلقة على جدار في قاعة فنية أو في بيت أحد مقتني أعمال الرسام الذي عاش جل سنوات شبابه في باريس ثم عاد في تسعينات القرن الماضي إلى بلدته الصغيرة ليبني بيته ومرسمه محميين بمسافة خضراء تضمن له القدرة على النظر من بعد إلى حياته السابقة التي امتزجت فيها دربته على استعمال حواسه المباشرة بفكرته عن البعد التجريدي الذي تنطوي عليه العلامات التي صنعت عالم خياله.
في المرسم تكشف تقنيات الساحلي عن رغبة صانعها في أن لا ترى رموزه مرتين، على رغم أنه يجد نفسه لحظة الرسم مضطراً إلى أن يمد يده إليها، من غير أن يتعامل معها باعتبارها مادة جاهزة. لقد رأيت عشرات لوحات، هي ما أنتجه الساحلي في سنواته الأخيرة ولم يعرضه ولم تكن هناك لوحة تشبه أخرى. كان حضور الرسام واضحاً. لكن ذلك الحضور لم يتحقق إلا من خلال سحر العلاقات المتشنجة التي يقيمها بين مفرداته التي وإن قيل إنه استعارها من الحياة المباشرة، غير أنها قد اكتسبت بين يديه خبرة الافتراس.
يهاجمنا الساحلي بمفرداته النافرة ويقطع علينا سبل إعادتها إلى مصادرها. هذا رسام يضع الرسم في مواجهة الواقع. إنه ينشئ حياة رمزية لمفرداته، لينقيها من أصوات السوق التي علقت بها. تعيش تلك المفردات على سطوح لوحاته جدلاً موسيقياً، هو انعكاس لرغبة الرسام في الارتقاء بالعادي والمهمل والمتداول سوقياً إلى مستوى النادر والنفيس والمدهش الذي يثري الواقع بسعادته من غير أن ينفصل عنه.
أقوى ما في عبد الرزاق الساحلي يكمن في ما يوحي به من أنه خلف وراءه عالماً مكتملاً. مَن يرغب في إكمال مسيرة ذلك الرسام لن يبدأ من الصفر. لقد فكك الساحلي عالماً، كان بمثابة ملعب للطفولة وأعاد تركيبه بطريقة لا تذكر بماضيه. كان الساحلي ذكياً في مكره حين سعى إلى استدراج كل شيء من أجل أن ينفتح على لا شيء يقطع من خلاله صلته بما كان عليه. الكائن الذي لم ينفصل عن الواقع كان يقدم ولاءه للرسم على فرحته بهبات ذلك الواقع. رسوم الساحلي تحيي الواقع، لكن بشروط هوائها المقبل من جهة مجهولة.
خرجت من مرسم الساحلي محملاً بأدعيته التي وهبتني ثقة وصفاء الخارجين من المعابد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.