ليلة العبور والمهمة السرية الخطيرة، من كتابات أبطال حرب أكتوبر المجيدة    النص الكامل لكلمة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعد انتصارات 6 أكتوبر    الرئيس السيسي: مصر تؤكد موقفها الثابت المدعوم بالتوافق الدولي بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية    اللواء المنصوري.. أطلق عليه الإسرائيليون «الطيار المجنون»    تفاصيل تفعيل دور صندوق الرعاية الاجتماعية للمعلمين    أعرف سعر الذهب اليوم في مصر 6 أكتوبر    البربوني ب320 جنيهاً والبلطي ب85.. أسعار السمك والمأكولات البحرية في الإسكندرية 6 أكتوبر 2024    تحرير 112 محضرا متنوعا خلال حملات تموينية مكبرة في أسيوط    الإسكان: حملات على وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات بالمدن جديدة    «الإسكان»: إعادة فتح باب التقدم لاستيفاء طلبات توفيق الأوضاع بمنطقة صحراء الأهرام    مقر الحرس الثوري ضمن القائمة، إسرائيل تدرس ضرب أهداف مهمة في إيران    استشهاد الصحفي الفلسطيني «حسن حمد» جراء قصف منزله شمال غزة    الأهلي يكلف سامي قمصان بحضور قرعة المجموعات بدوري أبطال إفريقيا    دور الأهلى والزمالك فى مباراة الكرامة بذكرى نصر أكتوبر    مواعيد مباريات اليوم.. فرانكفورت مع البايرن وألافيس أمام برشلونة فى الدوري الإسباني    اليوم طقس حار نهارا معتدل ليلا وسحب منخفضة والعظمى بالقاهرة 31 درجة    الأمن يكشف ملابسات التعدي على سيدة ونجلها خلال مشاجرة بالمنصورة    مصرع 3 عناصر إجرامية شديدى الخطورة بقنا .. عقب تبادل إطلاق النيران مع القوات)    البالون الطائر يحلق بصور الرئيس السيسي للاحتفال بالذكرى 51 لنصر أكتوبر غرب الأقصر    «جيش وشعب» ل ريهام عبد الحكيم بمناسبة احتفالات نصر أكتوبر    «ترانسفير ماركت» يكشف عن صفقة جديدة تقترب من صفوف الأهلي.. وقرار مفاجئ من سيراميكا بعد أزمة أحمد قندوسي| عاجل    اليوم انطلاق معسكر منتخب مصر استعدادا لمواجهة موريتانيا.. تفاصيل برنامج الفراعنة.. موعد انضمام محمد صلاح.. و"بركة يا جامع" سبب أزمة بين أكرم توفيق وحسام حسن    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    قوات الاحتلال تقتحم حي رأس العامود في سلوان وأغلقت مدخل عابود برام الله    د. شريف فاروق: دعم المواطن مهمة أساسية لوزارة التموين والتجارة الداخلية    البوصلة    الشوارع "فاضية".. انتظام حركة السيارات بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    الأزهر: الأسلحة الدقيقة مصطلح صهيونى يستخدم فى تبرير جرائم القتل الجماعى .. من غزة إلى لبنان.. جرائم الكيان الصهيونى مستمرة    مصر أولا.. موت الإنسانية.. عام من الآلام وتوقف الحياة.. غزة.. فى مرمى تصويب الآلة العسكرية الإسرائيلية!    مفتي الجمهورية: الرفق والحكمة أساس الفتوى.. وملتزمون بالمنهج الأزهري    الكاريكاتير فى قلب الحدث!    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    طريقة عمل البيتزا في البيت زي المحلات، وبأقل التكاليف    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: لقاح جدري القرود آمن تماما ولم يتسبب في حالات وفاة    أسعار الدولار اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    مدحت شلبي يكشف مصير " زيزو" في نادي الزمالك    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    بعد شائعات وفاته.. جورج قرداحي يوجه رساله شديدة اللهجة    عاجل.. إسرائيل تعلن الاستعداد لضرب إيران.. و«الخارجية الأمريكية»: لا ضمانات لاستثناء المنشآت النووية.. وقائد عسكري أمريكي يزور المنطقة    الكويت.. سحب جنسية 63 شخصا بينهم مزدوجان متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    الكشف موقف أحمد فتوح من المشاركة في السوبر الإماراتي    أحمد السقا يمازح علاء مرسي ويبعده عن ابنته ليرقص معها (فيديو)    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    جيسوس: الهلال السعودي قوي بدون نيمار    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    نجوى فؤاد: فيفي عبده الوحيدة اللي ملتزمة بالزي المخصص للراقصات    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    مصرع وإصابة 3 أطفال في تصادم دراجة بخارية وسيارة ملاكي بقنا    يقي من الخرف والألزهايمر.. 5 فوائد صحية لتناول البيض    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    استئصال ورم كبير من قلب مريضة بمستشفى جامعة أسيوط    كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    إعلام لبناني: صعوبات في وصول الإطفاء والدفاع المدني لأماكن الغارات الإسرائيلية    تعيينات وتنقلات جديدة للكهنة في مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاطمة ناعوت: ما يجري إحباط ل9 قرون تنوير
نشر في نقطة ضوء يوم 28 - 01 - 2016

«الثقافة في المواجهة» شعار الدورة ال47 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب الذي بدأ فعالياته أمس، وسطَ ضبابية تسود المناخ الثقافي الذي يبدو أنه يواجه نفسه ليس إلّا. الراحل جمال الغيطاني هو شخصية المعرض لهذا العام.. لكن يا ترى ما هو فاعل إن علم أن المعرض ينطلق في لحظة فارقة تضع المثقفين خلف قضبان التضييق بينما الحرية التي كانت جل اهتماماته «الحق أنني أعتبر الحرية من أهم المحاور التى تدور حولها همومي»؛ هي كلمة خجلى بين السطور والهتافات فقط.
قبل يوم واحد من بدء الملتقى الفكري الأكبر في مصر قضت محكمة جنح الخليفة المنعقدة بمجمع محاكم زينهم بحبس الكاتبة فاطمة ناعوت 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه لاتهامها بازدراء الدين الإسلامي، بسبب تناولها قضية الأضحية في «بوست» على «فيسبوك». ناعوت أدانت أواخر 2014 - بلغة مجازية - ذبح آلاف الكائنات سنوياً في عيد الأضحى «أهول مذبحة يرتكبها الإنسان كل عام منذ 10 قرون»، قوبلت بسيل من الاتهامات لترد قائلة «أنا مسلمة، لكنني لا أطيق إزهاق أي روح حتى ولو نملة صغيرة تسعى، وليحاسبني الله على ذلك فهو خالقي وهو بي أدرى».
لم تجزم فاطمة ناعوت بأن الحكم الصادر بحقها مُسيّس لكنها لم تنفِ ذلك قطعاً، معللةً بأنه لم يحدث في تاريخ البشرية أن يحاكَم أحدٌ لبوست على «فيس بوك»، فهي ليست قصيدة ولا دراسة ولا مقالاً كي أصل لما أنا عليه الآن، مشيرة إلى أن محامين وفقهاء أكدوا بأن المطبخ السياسي له شأن في ذلك.
حرية الإبداع مهدّدة في مصر، أكد ذلك الكاتب والصحافي محمد فوزي في مداخلة لأحد البرامج التلفزيونية «سجن فاطمة سيصيبني بالخوف وأنا لا أريد أن أخاف»، تقول فاطمة ناعوت إن الضغوط التي تمارس على المبدع المصري تسببت في وأدِ تلقائية الكتابة، بل وجعلت الرقيب الداخلي يعمل بركاكة نتيجة لغياب أي مساحة للحرية والاختيار»، مضيفة ل «السفير» أن إرهاب الكتاب والفنانين والمبدعين سيجعل الخوف ملازماً للقصيدة واللوحة والقصة «دولةٌ نخبتها خائفة اِعلم أنها إلى زوال».
العقلية الوهابية
ولعُ فاطمة ناعوت باللغة العربية منذ طفولتها وفخرها بهويتها المصرية دفعاها للمواءمة بين الاثنتين، لتضفر منهما تاريخاً مترعاً بالإنجاز قوامه 21 كتاباً ودراسات عدة حول المخاطر التي تهدد اللغة العربية الآن. ناصرت المرأة ووقفت إلى جانب الأقباط والأقليات في مصر من خلال كلمتها، الأمر الذي جعلها تتعرّض للهجوم من قبل المتعصبين، تزامناً مع ذلك اعتنت ناعوت بولديها (مازن وعمر)، من إصداراتها الشعرية (فوق كفّ امرأة) 2004، «صانع الفرح» 2012، ومن ترجماتها «جيوب مثقلة بالحجارة»، «قتل الأرانب» 2005. «لماذا نحبّ؟» 2015 آخر إصداراتها المترجمة، في حين تشير إلى أنها على وشك إصدار كتاب تحت عنوان «مافيش فايدة».
الاضطهاد والسجن والتعذيب كان مآل مثقفين وعلماء ومبدعين كُثُر على مر التاريخ، منذ أيام الحلاج 858 – 922م الذي قوبلت فلسفته الصوفية بالاتهام بالزندقة وحُكم عليه بالصلب، مروراً بابن رشد في العصر الأندلسي 1126-1198 الذي اتهم بالكفر والإلحاد وتم إبعاده إلى مراكش حتى وفاته فيها، وصولاً إلى نصر حامد أبو زيد 1943-2010 الذي فُرّق بينه وبين زوجته بحجة أنه غير مسلم بعد فشل قانونية مقاضاته بالإلحاد. فاطمة ناعوت تعرّج خلال حديثها ل «السفير» على هذه الأسماء قائلة إن أكثر ما يحزنها أن ما يجري الآن هو إحباط لتسعة قرون من الجهد والتنوير ساهم فيها هؤلاء العظماء وغيرهم ممن خط هذا التاريخ التنويري ليأتي بعض الطغمة الدينية وينسفوا هذا الإنجاز، مشيرة إلى أن العقلية الوهابية تسري كالسرطان في نسيج الوطن العربي «نحن فينا – مصر- من الوهابية الآن أكثر مما هو كائن في منشئها الأصلي».
ناهضت صاحبة «نصف شمس» النظام وحاربته بقلمها في عهد مبارك وشاركت في ثورة 25 يناير، واستمرت في مناهضتها لحكم «الإخوان» فكان اسمها رقم 9 على قائمة المهدَّر دمهم، رغم ذلك حافظت على شكيمتها وشاركت في ثورة 30 يونيو أملاً في نورٍ كانت ترى بصيصه قادماً من بعيد، لكن المفارقة المبهمة أن يصدر الحكم بعد ثورتين اشتعلتا كي تكون مصر على المسار الصحيح، لكن مصر أضاعت البوصلة وضلت الطريق، حسب قولها، مستعينة بقول ديكارت «الثورة التي لا تفضي لمجتمع مدني لا يعوَّل عليها»؛ لتؤكد أن السنوات الخمس الماضية تاهت ودماء الشهداء ضاعت سدى ولم تحقق الثورتان ما هو مرجوّ منهما. «حزينة لأن الحكم قد صدر في عصر راهنتُ عليه وحاربتُ بقلمي كي نصل إليه».
لا تهاب السجن
الحكم على فاطمة ناعوت قوبل بردة فعل غاضبة من قبل النشطاء والمثقفين الذين عبّروا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن جور الحكم وحالة القمع التي يعانيها المثقفون؛ حول هذا تقول ناعوت إن ذاكرة الشارع الثقافي المصري كذاكرة الذبابة، يثور يوماً أو يومين ثم يخبو صوته بفعل ما يعانيه من تشتت وضعف استغلهما «لصوص الكهوف ومهووسو الشهرة» في اصطياد المثقفين واحداً تلو الآخر.
تؤكد فاطمة ناعوت أن الرئيس السيسي طلب منها وزملائها المثقفين بشكل مباشر خلال لقائه بهم العام الفائت أن يشكلو حراكاً ثقافياً بهدف تنشيط الشارع الثقافي وزيادة الوعي، لكن حكماً كهذا ليس إلا دليلاً على سحب سوداء داكنة تهدد الثقافة المصرية.
الجرأة والإقدام سلاحا ناعوت فهي لا تهاب السجن، معتبرة أنها أدت رسالتها تجاه نفسها والحياة وهي حبيسة بين دفتي كتاب منذ عقود، أصدقاؤها الراحلون والشخصيات الروائية، فكيف لحكمٍ قضائي أن يسكت صوتاً حراً أو يكسر قلماً لم يعرف الخوف يوماً، بل وأدرك مُذ خطّ أول كلمة أن الحرية ضرورة وحاجة وليست ترفاً، وإنسانٌ لا يملك حريته هو عاجزٌ عن الإنجاز والإبداع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.