اني لا اراك ولكن احس بوجودك معي، فانت الكامن في كل كائن، اذناي لا تسمعانك ولكن قلبي يصغي لصوتك في عقلي وضميري، اجدك كل يوم في كل زهرة تتفتح مع كل يوم له شروق ثم تأفل مع كل غروب لتعبر عن سنة الحياة، احس بك مع كل نسمة رقيقة تنعش النفوس، ولا اجد غيرك اذا ما تضاربت الاماني والآلام. يا من خلقت العالم ولونته بالوان قوس قزح وعطرته بأريج الفل والياسمين، وارسلت الرياح تنذر الارواح وتلعب بها وطعم العسل في الافواه حتي يزيله اللعاب او يسيح مع القبلات، استودعك روحي كل مساء لعطاء جديد فهي منك ولك فأغفر لي اذا ما سهوت عن ذكرك فانا انسان من النسيان، واغفر لي ضعفي فانت تملكني وانا لا املك حتي نفسي فنحن البشر حلقات مترابطة متتالية في سلسلة بلا نهاية حتي تأذن يا رب الزمان حين يأتي الاوان ويومها اقول لابني: يا بني انت مني ولكن اذا جاء الحق فاغفر لي اذا لم استطع ان افديك بروحي، يا بني وقد واريتك التراب ولكن حبي لك قائم لاينام، لهذا اضرع اليك يا ربي ان ترعاني في ترحي فانا الي محبتك مشتاق والي رحمتك محتاج لاني قاصر وناقص احاول ان اصعد علي درجات الايمان لاصل اليك ولكنك البعيد القريب، فانت الوسيلة والغاية في المنظور الكوني وانا الوسيلة والغاية في المنظور البشري، فالناس كالطيور تحلق في الافاق تشدهم الي بعضهم البعض اغراض ورغبات فمنهم من تجذبهم الارض فيهوون صرعي ومنهم يرتفعون باجنحتهم الي السماء فيصعدون. حين تتفتح العقول لتبصر سر وجمال الوجود سوف تجد الطريق اليك المعبد باللؤلؤ والمرجان، ولاني وحيد في الحياة لا اري ما اريد ان اراه ولا اسمع صوت الحب من القلب الذي اتمناه، الحب الذي سأسمعه قبل ان اراه والذي سينقذني من انانيتي، ذلك الانسان المرسوم في الخيال فلا مللت في البحث عنه ولا هو كف عن البحث عني، فهذه لعبة الاقدار، فالاقدار اوهام نجري خلفها كما يشدنا السراب، اكتب علينا الوحدة والحياة زاخرة بالانام! فلا تلمني ان ناشدت الكمال فانا مشدود وضال بين الحقائق والاوهام، انشد الحرية والانطلاق لاشعر بكياني دون اصفاد، ولاني وحيد في الحياة فلا الحرية اسعدتني ولا قيود الحب امتعتني فكلاهما اوهام. كيف الومك يا صديقي علي عدم الوفاء وانا اول من غدر بنفسه وجعلها تعيش في الخيال وتحيا بالامال، تتقاذفنا المشاعر تائهين في صحراء نبحث عن واحة من صنع الافكار والخيال، واحة من السحاب ترتفع اشجارها الي السماء ثمارها كالعسل في الأفواه ومياهها تروي العطشان فبشر اليوم يتكلمون ولا ينطقون، لهم اذان ولا يسمعون وعيون مفتوحة ولا يرون يمشون كالدمي تحركها الاقدار، اني وحيد في الحياة باحثا عن ذلك الانسان الذي يري دقات قلبي وينظر الي عيني فيقرأني مع روعة السكون والسكوت لحديث قلب الي قلب وانانيته عطاء وعطاؤه بلاحدود ومع هذا فانا وحيد في الحياة.