انتقد خبراء سياسيون واستراتيجيون سيطرة فكرة المحاور علي المنطقة العربية وانقسامها إلي محورين أحدهما للاعتدال والثاني للممانعة اللذان يتنافسان علي قيادة المنطقة، وأكدوا أن هذا الأمر سيؤدي إلي إضعاف المنطقة أكثر مما عليه الآن من ضعف، وحذروا من خطورة هذا الانقسام علي مستقبل الأمن والاستقرار في المنطقة. واتفق الخبراء خلال ورشة العمل التي نظمها المركز الدولي للدراسات السياسية والاستراتيجية مؤخراً بعنوان "مستقبل الأمن والاستقرار في المنطقة ما بين الممانعة والاعتدال في بيئة إقليمية ودولية متغيرة" علي أن منطقة الشرق الأوسط تواجه في المرحلة الحالية وضعا شديد التعقيد حيث شهدت ظهور أحد أهم أشكال التفاعلات الإقليمية السلبية وهي سياسة المحاور، واتضح عقب سقوط النظام العراقي السابق أن لدي إيران تصورات تصل إلي حد "الأوهام" حول إمكانية قيامها بقيادة المنطقة، في ظل التصور بأنها قوة إقليمية مسيطرة يمكنها أن تحدد مسار التفاعلات الإقليمية بطريقة تدفع في اتجاه قيامها بالتفاوض مع الولاياتالمتحدة حول ترتيب الأوضاع الإقليمية. وذهب الدكتور عادل سليمان المدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية إلي أن الشرق الأوسط سواء بمفهومه التقليدي أو المفهوم الذي طرحته الولاياتالمتحدة كان ولا يزال منطقة شديدة الاضطراب تفتقد إلي الاستقرار، وساحة لكل صنوف النزاعات والصراعات السياسية والأيديولوجية والعرقية والطائفية التي وصلت في أحيان كثيرة إلي حد الصراعات العسكرية. مؤكدا أن العالم العربي لا تجمعه رؤية واضحة ومحددة حول مفهوم الأمن القومي العربي وما الذي يهدده وكيف يمكن تحقيقه؟ وخلص سليمان إلي ضرورة أن تدعم القوي الإقليمية قدراتها الذاتية لتوفير متطلبات الحفاظ علي أمنها الوطني لتكون قادرة عندما تتهيأ الظروف لدعم الأمن القومي العربي والأمن الإقليمي. وقال الدكتور جمال عبدالجواد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تسهم في تأجيج عدم الاستقرار والصراع في المنطقة، الأول هو وجود دول ضعيفة لدرجة أنها مهددة بالانهيار أو بنشوب صراعات داخلية عنيفة تصل إلي حد الصراع الداخلي المسلح، والثاني يتعلق بوجود أطراف في الإقليم مستعدة لتوظيف الصراعات الداخلية التي تجري داخل الدول لصالحها مما يؤجج هذه الصراعات الداخلية بما يوفره من دعم لأطراف الصراع من ناحية، ويثير الصراع بين دول الإقليم المتنافسة علي كسب النفوذ داخل الدول المختلفة من ناحية أخري. أما العامل الثالث فيتعلق بالوجود والأثر القوي لتيارات وقوي فوق قومية تمارس آثارها في المنطقة.