أعجبتني رشاقة الرئيس بوش وهو يتفادي جزمة الصحفي العراقي، وأدهشني ثبات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي لم يطرف له جفن أثناء طيران الجزمة باتجاه المنصة بل حاول الرجل أن يحمي ضيفه العزيز بجسده ليبعده عن الجزمة، وفي النهاية طاشت الجزمة وكتفوا الصحفي وكاد الحرس أن يخنق أنفاسه، والقصة كلها حدثت وكأنها مشهد في مسرحية هزلية، غير أن أكثر ما آلمني هو أن أول الذين تكالبوا علي الصحفي العراقي وانهالوا عليه ضربا ولطما كانوا من زملائه الصحفيين العراقيين الغيورين علي الرئيس الأمريكي الغاضبين من الإهانة التي لحقت به بين أهله ومضيفيه وفي وطنه الثاني.. العراق!! حدثت الواقعة علي الهواء في التليفزيون وكنت في جمع من الناس،.. أعمار واهتمامات واتجاهات سياسية مختلفة،.. كلهم هللوا وشمتوا في الرئيس الأمريكي وتمنوا لو أصابته الجزمة في وجهه وتركت فيه جرحا يأخذه معه في نخب العراق وهو يودع البيت الأبيض!، وكنت أتمني شخصيا لو كان الذي ألقي بالحذاء مواطناً عراقياً عادياً وليس صحفيا مهنته الكلمة وسلاحه القلم، غير أن مشاعر الغضب والحزن لا تفرق بين الناس علي أساس الثقافة والمهنة والوضع الاجتماعي، وربما كانت رشاقة بوش هي التي أنقذته هذه المرة من الجزمة العراقية الطائرة غير أن "رسالة الحذاء" من المؤكد أنها وصلت إلي الرئيس القادم إلي البيت الأبيض باراك أوباما الذي لا نتمني أن يكون الحوار معه بالأحذية، ولكن بالعقل وبلغة المصالح، فإذا كانت أمريكا تريد خيرا لمصالحها ولعلاقاتها ولسمعتها بين شعوب المنطقة فعليها أن تلجأ لاختيارات أخري غير التي أصر عليها الرئيس بوش وجماعته من المحافظين دعاة الحرب الذين لا يعرفون غير لغة الضغط علي الشعوب والتلويح بعصا الحصار والعقوبات. وها هو صاحب هذه السياسة الغبية العقيمة يذهب مشيعا بحذاء صحفي عراقي غاضب يعبر عن غضب ملايين العراقيين الذين فقدوا الأب والابن في حرب دامية طائفية عمياء أشعلها الغزو الأمريكي وراح بوش وحلفاؤه يرقصون حولها معتبرين أنها واحدة من أمجادهم العظمي، ولكني كنت أتمني لو كنا نجيد لغة أخري غير لغة الأحذية التي تعودناها من مقاعد البرلمان إلي مقصورة ستاد كرة القدم لأن الغزاة العتاة أمثال جورج بوش يتمعتون "برشاقة" لا تصلح معها الأحذية وحدها!!