اهتمت الصحف البريطانية في تغطيتها لآخر أحداث العراق بالدعم العسكري الذي تقدمه بريطانيا والولاياتالمتحدة لرئيس وزراء العراق نوري المالكي، وتململ بعض من أفراد الشرطة العراقية. ويقول باتريك كوكبورن مراسل الإندبندنت في العراق: "إن الجنود الحكوميين بالبصرة اشتكوا من تعرضهم لنيران أفراد الشرطة من الموالين للصدر." وينقل عن ضابط عراقي في فرقة خاصة قوله إنهم لم يتوقعوا أن تكون مقاومة "جيش المهدي" بهذه الشراسة. ويضيف هذا الضابط قائلا: "إن العديد من رجالي أخبروني أنهم لن يستأنفوا القتال حتي يحصلوا علي ضمانات بحماية وعلي تعزيزات." ويقول الكاتب إن العديد في العراق يعتبر تدخل القوات الأمريكية، وتمديد مهلة تسليم الأسلحة التي أمهلها رئيس الوزراء العراقي "جيش المهدي"، دليلا علي تعثر الحملة التي شنها المالكي علي الحركة المسلحة. ويستغرب الكاتب قرار رئيس الوزراء شن هذه الحملة في هذا الوقت بالذات، علي الرغم من أن "جيش المهدي" مدد من الهدنة ستة أشهر أخري. ويعتقد الكاتب أن المالكي تعرض لضغوط حليفه السياسي حزب المجلس الإسلامي الأعلي للعراق من أجل شن هذه الحملة لإضعاف التيار الصدري قبل خوض الانتخابات المحلية، لكنه لم يفلح سوي "في الإضرار بسلطته". وينقل مراسل الإندبندنت عن سياسي عراقي رفض الكشف عن هويته تصريحا قال فيه: "من المحتمل جدا أن يخرج مقتدي [الصدر] وجيش المهدي من هذه الأزمة أكثر قوة." وكيفما كان الوضع علي الساحة -يقول الكاتب- فإن تأجج العنف من جديد " تعريض ساخر بما أعلنه الرئيس الأمريكي من أن الولاياتالمتحدة قد قطعت شوطا في العراق". كما أن ما يحدث في البصرة وضع القوات البريطانية في موقف حرج بين خيارين أحلاهما مر: فإما أن يظل الجنود الأربعة ألاف علي الحياد، ليتعرضوا إلي وابل من النقد، وإما أن يتدخلوا في معركة بين فصيلين شيعيين لينجروا إلي حرب لن يخرج أي طرف منها منتصرا." وذكرت واختارت الجارديان وضع القوات البريطانية في العراق موضوعا لافتتاحيتها. وذكرت بالموقف المحايد الذي أصرت علي إعلانه الحكومة البريطانية، لتتساءل "لماذا نحن هناك؟" وترد بالقول إن الإجابة عن هذا السؤال ليست بالسهلة "لأن الانسحاب، وحتي نقص عدد الجنود، سيكون بمثابة التولي يوم الزحف". ولكن البقاء مخاطرة، فحتي في حال انتصار المالكي في هذه المعركة، فإن دورهم لن يتجاوز دور القبعات الزرق، أي مراقبة وقف إطلاق النار، والوقوف عن تقاطع نيران الطرفين. وتري الصحيفة أن المؤشرات الميدانية لا تبعث علي التفاؤل، وتعتبر أن المالكي قامر بزج جيش حديث التدريب لا تجربة له لمواجهة ميليشيا خبرت حرب الشوارع. ويعلق سامي رمضان بصحيفة الجارديان علي ما يحدث في البصرة بالقول إن من اتخذ قرار الحملة "كائنا من كان، قد قرر المغامرة في الرمال المتحركة لحركة الصدر." ويعتقد الكاتب أن الغطاء الجوي الذي وفرته القوات الأمريكية والبريطانية للعملية أساء إلي سمعتها. ويقول الكاتب إن أحد الزعماء النقابيين لفتت انتباهه إلي أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين شن في مثل هذا الشهر من عام 1991 حملته لقمع انتفاضة الشيعة التي انطلقت من البصرة، فما أشبه اليوم بالبارحة، إلا أن حملة هذا الأسبوع أشرس. ومن أوجه الشبه بين الحملتين أن الطيران الأمريكي والبريطاني كان يعاين الوضع عن كثب، بحكم تحكمه في منطقتي الحظر الجوي الشمالية والجنوبية، حسب كاتب المقال. ويقول أيضا إن العديد من العراقيين يربط بين هذه الحملة وبين زيارة تشيني -نائب الرئيس الأمريكي- مؤخرا التي تندرج في نظرهم في سياق ضغوط واشنطن من أجل اختبار مدي أهلية القوات العراقية ميدانيا.