جميع مدربي العالم يدركون تماما ان استمرا رهم من عدمه تقرره نتائج المباريات لفرقهم وأن حساب ادارات الاندية مع المدربين يكون في العادة في نهاية الموسم الكروي تلك القاعدة التي يتم فيها التعامل مع فئة المدربين في العالم اجمع. ولكن الذي حدث في المانيا يعتبر قياسيا في تاريخ المانيا الكروي اذ فقد ثلاثة مدربين مناصبهم بفارق ساعات عن كل واحد منهم. وسجلت آخر احصائيات كرة القدم الالمانية وتاريخ البوندسليجا أن المدربين هم فيلكس ماجاث "بايرن ميونخ" وجوب هينكس "بروسيا مونش جلادباخ" وتوماس دول "هامبورج اس في" تركوا جميعا فرقهم وانديتهم في يوم واحد "يوم الاربعاء" وهو اليوم الذي اطلقت عليه مجلة كيكر الالمانية الشهيرة يوم الاربعاء الدامي وهو اليوم الشديد الغيوم الذي ظلل بالسواد اهم ثلاثة اندية المانية بعد اسبوع واحد من انتهاء استراحة نصف الموسم الكروي. ويدرك كافة المدربين الغيورين ان الوقت يهرب من تحت ايديهم حال عدم تحقيق الاهداف المرجوة التي تم التخطيط لها مع الاندية، ولعل جميع المدربين السابقين كانوا علي يقين تماما من ان النجاحات السابقة سرعان ما تذوب ويتم نسيانها مقارنة بالوضع القائم الحالي لاسيما اذا وصل الي نقطة اللا عودة وهي المرحلة التي لا يمكن علاجها الا باستدعاء مدرب جديد. واوردت مجلة كيكر خمس مناسبات في الماضي وفي تاريخ كرة القدم الالمانية من خلال منافسات البوندسليجا شهدت استبعاد اثنين من المدربين في يوم واحد، ولكن لم يحدث قط ان تم استبعاد ثلاثة في يوم واحد مثلما حدث يوم الاربعاء الدامي الواحد والثلاثين من شهر يناير 2007. ففي 11 مارس عام 1992 طرد نادي هامبورج مدربه جيرد فولكر شوك في نفس الوقت الذي طرد فيه نادي بايرن "سورن ليربي" وهي آخر مرة يتم فيها طرد اثنين من المدربين في يوم واحد مقارنة بما حدث يوم الاربعاء الدامي الذي شهد ضغوطا عنيفة علي كل من ماجاث وهينكس ودول بسبب النتائج السيئة جدا بعد استئناف مباريات الدوري الالماني "البوندسليجا" ويبدو ان طرد 3 مدربين من بين 18 مدربا يعملون في الدوري انهي حالة الاستقرار والسلام التي كانت تسكن فيه كرة القدم الالمانية. وعلق ماجاث علي مجزرة الاربعاء بقوله انه كان يعلم تماما ان وظيفته لها تاريخ انتهاء صلاحية مثل اي منتج تطرحه الشركات في الاسواق، واستطرد ماجاث "53 عاما" ان تلك هي فلسفته الخاصة وانه حقق مع فريق بايرن بطولتين للدوري وكأسين لالمانيا خلال العامين ونصف العام التي قضاها مع النادي، ولكن للاسف لا يتذكر النادي او الجماهير انجازات الماضي بل تفكر فقط تحت اقدامها وانه لزاما علي المدرب ان يحقق الفوز في كل مباراة ويحصل علي كل بطولة، وهذا منطق لا يعترف به قانون الحياة او ناموس كرة القدم التي تتراوح بين الفوز والخسارة والتعادل، فلم تكن كرة القدم هي فوز واحد فقط. ويبدو ان ادارة بايرن لم تقتنع بالانجازات الاربعة التي حققها ربما لانه ابتعد عن مضمار السباق علي القمة هذا الموسم، فلم تشفع ذكريات الماضي في انقاذه من الموقف الذي يعيشه الآن، حيث حصل علي نقطة واحدة خلال مباراتين واستقر في المركز الرابع وبفارق 8 نقاط عن البطل فيودير بريمن المتربع علي القمة. الثاني اما كبش الفداء الثاني فهو هينكس احد اكبر الاسماء في عالم التدريب في المانيا الذي سبق له وفاز ببطولة اوروبا مع ريال مدريد الذي كان يقوم بتدريبه. الطريق في امر هينكس ان خطابات التهديد بالقتل التي وصلته بسبب نتائج فريقه بروسيا مونشن جلادباخ هي سبب استقالته، وهي القضية التي نشرتها بالكامل صحيفة رينسك بوست وقالت فيها ان المدرب اكد بالفعل استلامه لثلاثة خطابات تهدده بالقتل، وقال انه اخذ التهديدات بمحمل الجد وابلغ جهاز الشرطة التي كلفت مجموعات من المباحث التي ترتدي ملابس مدنية لحمايته طوال الفترة الماضية خشية قتله او الاعتداء عليه من الجماهير الغاضبة وهي المظاهر المخيفة التي لم تتحملها زوجته فدفعته للاستقالة.. والغريب في أمر هذا المدرب انه سبق ورفض تدريب المنتخب الالماني ووافق علي تدريب مونشن جلادباخ اي انه اشتري النادي وباع المنتخب، فباعه النادي وكأنه يقرأ المستقبل.. فقد كان يفكر في اعتزال التدريب لبلوغه 61 عاما ولكنه قبل تدريب هذا الفريق من اجل اعادته للاضواء وللامجاد والانتصارات لانه النادي الذي يقع في نفس منطقة اقامته والذي ترعرع فيه.. تلك امنيات المدرب وتخطيطه وآماله وامنياته ولكنه الجحود الذي لا يعترف بالحدود وانعدام الوفاء لبعض البشر الذين لا يقدرون الانسان المعطاء الذي يعيش للبذل والسخاء فيقابل بالجفاء والازدراء. واختصر هينكس الطريق واستقال من منصبه قبل ان يحصد فريقه نقطة واحدة في مباراتين واستقر في قاع البطولة ليعاني من مخاوف الهبوط. الطريف ان هينكس سلم السيارة لرئيس النادي مونشن جلادباخ وقال له "السيارة تم غسلها والخزان مليء بالوقود" ولم يتكلم رئيس النادي رولف كونيجز حول عبارة هينكس وهو يسلم مفاتيح سيارته، لان المدرب كان يريد ان يقول له شكرا لوفائكم لمن عمل معكم بكل امانة واخلاص، فكانت النتيجة قمة الجحود بسبب تعثر النادي في محطة واحدة من محطات الصمود واثبات الوجود. الضحية الثالثة اما الضحية الثالثة فهو توماس دول الذي قاد هامبورج لبطولة اوروبا مايو الماضي واعفاه ناديه ايضا يوم الاربعاء.. ولم تشفع شعبيته وحب الجماهير واللاعبين في ان يتجرع قرار الفصل من الخدمة. وكان المدرب 40 عاما قد تعرض لمشكلة كادت تعصف به في ديسمبر، ولكن تعادل الفريق مرتين هذا الاسبوع لم تكن كافية لحفظ ماء وجهه لاسيما مع ناد لم يغب عن البوندسليجا منذ نشأته عام 1963م... وعلق دول علي قرار استبعاده بأنه حزين ولكن حصوله علي 000.900 يورو كفيلة بتضميد جراحه. وهكذا يقبع هامبورج ب 15 نقطة في القاع ويسعي للاستفادة من خدمات ماجاث الذي لعب ودرب هامبورج في السابق ولكن يبدو ان الاربعاء الدامي لن يمكن احد الفرسان الثلاثة من مزاولة التدريب في المستقبل القريب اعترافا بالقدر والنصيب.