المجلس الأعلى للقضاء يعلن الجزء الثاني من الحركة القضائية لعام 2024-2025    تعرف على سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 19-9-2024 ببداية التعاملات    تراجع أسعار البترول بعد فشل خفض الفائدة الأمريكية في تعزيز معنويات السوق    بورصة الدواجن الآن.. سعر الفراخ اليوم والبيض الخميس 19 سبتمبر 2024    سى إن إن: إسرائيل أبلغت أمريكا قبل تنفيذ تفجيرات لبنان ولم تقدم تفاصيل    أخبار مصر والعالم.. تعديلات بالمناهج الدراسية بالمعاهد الأزهرية.. طرح جديد لشقق محدودي الدخل.. تراجع أسعار البترول.. واليوم اجتماع حاسم لمجلس إدارة اتحاد الكرة    "الراى الكويتية" تبرز تأكيد الرئيس السيسى على دعم لبنان.. وحرص مصر على أمنها    موعد مباراة الزمالك والشرطة الكيني والقنوات الناقلة    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ولايبزيج في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    معلق مباراة الأهلي والزمالك في كأس السوبر الإفريقي 2024    التصريح بدفن جثة سيدة ضحية سقوط أسانسير في مدينة نصر    أهالي الشرقية يستعدون لتشييع جنازة فتاة لقت مصرعها ليلة الحنة    بعد نجاح كوبليه "شكمان الصبر مفوت"..ما علاقة أحمد حاتم ب تأليف الأغاني؟    أستاذ علوم سياسية: الأسابيع المقبلة من أصعب المراحل على المنطقة    قصف غزة.. الاحتلال يعتقل شابا بعد محاصرة منزله في كفر راعي جنوب جنين    إجهاض إيمان العاصي في مسلسل برغم القانون يجذب الأنظار.. «مشهد مبدع»    استديوهات مارفل تطرح أول حلقتين من مسلسل Agatha All Along    مواعيد دخول الطلاب للمدارس في جميع المراحل التعليمية    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    «أيام الفقر وذكرياته مع والده».. ماذا قال الشاب خالد في برنامج بيت السعد؟ (تقرير)    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: القرار الأممي نقطة تحول في مسار نضالنا من أجل الحرية والعدالة    قراصنة إيرانيون أرسلوا لحملة بايدن مواد مسروقة مرتبطة بترامب    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    الخارجية الأمريكية ل أحمد موسى: أمريكا مستعدة لتقديم خدمات لحل أزمة سد النهضة    حقيقة الذكاء الاصطناعي واستهلاك الطاقة    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    الأهلي لم يتسلم درع الدوري المصري حتى الآن.. اعرف السبب    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024    تفاصيل مصرع مُسن في مشاجرة على قطعة أرض في كرداسة    إصابة 12 شخصا إثر تصادم 4 أتوبيسات على طريق السخنة    عبير بسيوني تكتب: وزارة الطفل ومدينة لإنقاذ المشردين    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    آيتن عامر بإطلالة جريئة في أحدث ظهور..والجمهور: "ناوية على إيه" (صور)    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    طفرة عمرانية غير مسبوقة واستثمارات ضخمة تشهدها مدينة العاشر من رمضان    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    الشاب خالد: اشتغلت بائع عصير على الطريق أيام الفقر وتركت المدرسة (فيديو)    «استعلم مجانًا».. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 علمي وأدبي فور إعلانها رسميًا (رابط متاح)    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    إيمان كريم تلتقي محافظ الإسكندرية وتؤكد على التعاون بما يخدم قضايا ذوي الإعاقة    تراجع بقيمة 220 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الخميس 19 سبتمبر 2024 بعد التحديث الجديد    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    «هي الهداية بقت حجاب بس؟».. حلا شيحة تسخر من سؤال أحد متابعيها على التواصل الاجتماعي    كيفية تحفيز طفلك وتشجيعه للتركيز على الدراسة    السفر والسياحة يساعدان في إبطاء عملية الشيخوخة    أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد وتخلصه من السموم    الخطيب يدرس مع كولر ملف تجديد عقود اللاعبين وأزمة الدوليين قبل السوبر المصري    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    قمة نهائي 2023 تنتهي بالتعادل بين مانشستر سيتي وإنتر ميلان    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    عقب تدشينها رسميًا.. محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة «بداية جديدة»    صحة مطروح تقدم 20 ألف خدمة في أولى أيام المبادرة الرئاسية «بداية جديدة».. صور    عاجل - قرار تاريخي:الاحتياطي الفيدرالي يخفض الفائدة إلى 5.00% لأول مرة منذ سنوات    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    محافظ القليوبية يكرم المتفوقين في الشهادات العامة بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق من التقسيم إلي "الدولة الشيعية"
نشر في نهضة مصر يوم 22 - 01 - 2007

باقٍ من الزمن وقت محدود للغاية، ويجري الإعلان عن قيام "الدولة الشيعية المحررة" في العراق، فجميع الأحداث والتطورات التي تجري داخل العراق ومن حوله منذ بداية عام 2006، حتي الآن، تشير بوضوح كافٍ إلي أن الطريق بات مفتوحاً لرفع العلم الشيعي علي العراق إيذاناً بانتهاء الدولة العراقية العربية الموحَّدة، وقيام كيان شيعي، وسط دعم شيعي إيراني يسعي بكل همَّة إلي إيجاد دولة موالية له في العراق، وفي ظل مباركة أمريكية تضمن "الهروب" العسكري المشرف للقوات الأمريكية التي أريق ماء وجهها علي أيدي "السُّنة" من المقاومة و"البعث" و"القاعدة" والمليشيات المسلحة الأخري.
قد يعتقد البعض أن البداية كانت مع صدور الدستور العراقي الجديد الذي جري الاستفتاء عليه في منتصف نوفمبر 2005، وقد كرَّس الطائفية، وأسهم في الانقسام، وشجع علي انتشار العنف بكل أشكاله، ولكن البداية الحقيقية كانت مع انتفاضة الشيعة في العراق ضد صدام حسين ونظامه عام 1991، في ظل أمل كان يراودهم بالحصول علي شكل من الحكم الذاتي مثلما كان حال الأكراد، بدعم من واشنطن، إلا أن بوش الكبير خذلهم حينها، وتركهم يواجهون مصيرهم أمام القوة العسكرية العراقية، فكان علي بوش الصغير أن يصلح الغلطة ويناصرهم في دعواهم.
لذلك جاء الدستور ليدق مسمار الانفصال ويكرِّس أسس التقسيم لسبب واضح: أنه لم يحصل علي الإجماع الكافي من كل العراقيين، وغابت عن المساهمة فيه فئات عدة علي رأسها السُّنة، وصوتت ضده بأغلبية ساحقة محافظتان عراقيتان، هما ديالي وصلاح الدين، واقتربت محافظة نينوي من التصويت ضده أيضاً، غير أن 85 ألف صوت فقط حالت دون ذلك، ولو فعلت لانهار بأكمله، لأن إحدي مواده تنص علي أنه إذا لم توافق ثلاث محافظات علي الدستور يسقط ويعاد النظر فيه.
جاء الدستور العراقي يحمل في طياته عناصر الفرقة الطائفية والعرقية، وتقطعت أوصال العراق بين الأكراد والشيعة، وضاع السُّنة، ونظراً إلي أن أوضاع الأكراد كانت مستقرة ومحصورة في الشمال، قرر الشيعة الاستيلاء علي العراق، وطرحوا أنفسهم علي أنهم الممثلون الوحيدون والحقيقيون للشعب العراقي. وفرض "منطق التقسيم" والحكم الذاتي نفسه علي كل شيء في العراق يوماً بعد يوم، وبصورة مأساوية.
لقد بدأ قادة الشيعة تنفيذ مخططهم وفق أجندة واضحة تطرح نفسها بديلاً عن الدولة، فجري تقسيم الأحياء داخل العاصمة بغداد بحدود طائفية فاصلة جعلت معظم هذه الأحياء في يد الشيعة، حيث قامت المليشيات الشيعية بعملية تطهير طائفي منظم، في الوقت الذي كانت حكومة نوري المالكي تتفاوض مع إدارة بوش الصغير علي الصفقة الشاملة، التي تجعل للشيعة اليد العليا في العراق وتفرض سيطرتها علي الجنوب والعاصمة وبعض المحافظات التي كانت يوماً ما ذات أغلبية سُنية، علي أن تحمل أمريكا عصاها وترحل مع بداية عام 2008، وتترك ما تريده من قوات في القواعد التي أنشأتها في العراق لتكون في حماية الشيعة، وتتم محاصرة مناطق السُّنة تمهيداً لفرض الأمر الواقع عليهم أو إجبارهم علي الرحيل.
يتمسك شيعة العراق بحجة واهية ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب والدمار، فهم يبررون مواقفهم بأنهم رضخوا لحكم الأقلية السُّنية عقوداً من الزمن، وكان الثمن هو الديكتاتورية وخراب العراق، فلماذا لا يقبل السُّنة بحكم الأغلبية الشيعية؟ وهذا بالطبع عمل ديمقراطي، حيث يجب علي الأقلية قبول قرار الأغلبية.
ولكن كيف تحقق ذلك علي أرض الواقع؟ تحقق من خلال ثلاثية الرعب، التي تشمل "المرجعية والمليشيات والحكومة"، حيث يقع علي عاتق المرجعية الدينية الشيعية إضفاء الشرعية الدينية علي العمل السياسي والعسكري؛ بإصدار الفتاوي الملزمة للشيعة كافة، التي تبرر استخدام أي وسيلة بما فيها عمليات القتل والذبح والاغتيال والتشريد وإثارة الفوضي في المناطق السُّنية، علي أن تتحمل المليشيات الشيعية التابعة للصدر والحكيم و"حزب الدعوة" والعناصر المسلحة الأخري المدعومة من الحرس الثوري الإيراني مسئولية تنفيذ الفتاوي، وتشن حرب إبادة طائفية للسُّنة في العراق، وتعمل علي التهجير القسري لهم ووضعهم في "كانتونات" خارج المناطق التي يستولي عليها الشيعة، بينما تقوم الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية بقيادة المالكي بتوفير الغطاء السياسي الشرعي لهذا العمل، والتنسيق مع قوات الاحتلال بطرح المليشيات الشيعية كوسيلة مضمونة لتحقيق الأمن وفرض الاستقرار؛ وبالتالي تقلل تعرض القوات الأمريكية لأي أعمال عسكرية معادية.
لقد أصبح العراق رهين الشيعة، وفي الوقت الذي نجد فيه السُّنة مشتتين وكل منهم يتصرف علي هواه ولا تجمعهم كلمة واحدة أو موقف واحد، نري الشيعة موحدين تحت راية المرجعية الدينية، وتعمل طهران علي استمرار تماسكهم، وتشد من أزرهم حكومة تراهن علي مستقبل الدولة العراقية، فتدعو إلي المصالحة الوطنية كستار لإخفاء نواياها الحقيقية، لأنها تفعل عكس ما تقول، وتنفذ عكس ما تتفق عليه، وتهدد بمراجعة علاقاتها العربية.
ويطرح ذلك كله سؤالاً محدداً: هل يوجد أي مستقبل للسُّنة في العراق خاصة بعد اقتناعهم بأنهم لن يؤثروا علي توجهات الشيعة أو الأكراد لتغيير الواقع علي الأرض؟ يوجد شك كبير في قدرة السُّنة علي عمل أي شيء أكثر من الاستمرار في عمليات الانتقام، الأمر الذي سيعجل بإعلان الشيعة قيام دولتهم الطائفية في العراق لقطع الطريق علي السُّنة من جانب، وإضفاء الشرعية علي مزيد من إجراءات التطهير الطائفي، وحصار السُّنة وتركهم من دون ثروات طبيعية من مياه ونفط.
هل هذا يعني أن الانتقام الشيعي من نظام صدام وزبانيته يدفع ثمنه السُّنة الذين عانوا بالقدر نفسه الذي عاناه الشيعة؟ للأسف الإجابة واضحة: "نعم"، ومنذ بداية الغزو العسكري الأمريكي للعراق ومعادلة بوش الصغير ورفاقه هي التحالف مع الأكراد والاتفاق مع الشيعة والقضاء علي أي نفوذ للسُّنة. فمصالح الولايات المتحدة من الغزو كانت زوال نظام صدام حسين السُّني المعادي لواشنطن، والذي يهدد ربيبتها إسرائيل، وفرض السيطرة علي مناطق حقول النفط التي تقع في أراضي الشيعة والأكراد، وليس للسُّنة فيها "ناقة ولا جمل" بل هم عالة علي العراق، وتناسوا الهوية الوطنية العراقية وتركيبته المجتمعية.
ستكون الدولة الشيعية في العراق متحالفة جهراً مع الولايات المتحدة، وموالية سراً لنظام طهران، ومنتمية للعرب، ومعادية سراً لكل العرب من السُّنة، ومهادنة لإسرائيل باعتبار ذلك طريقاً إلي قلب أمريكا، وتعلن بغداد عاصمة لها، وتصبح الميليشيات الشيعية نواة جيشها، والحرس الثوري الإيراني مثلها الأعلي في إخضاع باقي الأقليات لحكم الشيعة أو تصفيتهم، وتعلن قيام الفيدرالية مع الأكراد، وتسمح لهم بحق تقرير المصير، وتفرض سطوتها علي النفط العراقي في الجنوب بالتعاون مع واشنطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.