الي جانب المخاوف الشعبية من حدوث انقسام داخل البيت الفلسطيني علي ضوء الخلاف الناشب بين حماس وفتح حول تشكيل حكومة وحدة وطنية للخروج من هذا النفق المظلم والمقصود به أساسا العزلة التي يفرضها المجتمع الدولي علي الحكومة الحالية بالاضافة للتصعيد الاسرائيلي الخطير علي قطاع غزة والضفة الغربية في اعقاب اختطاف الجندي جلحاد شاليت في أواخر يونيه الماضي. تسود الشارع الفلسطيني مخاوف حقيقية من انهيار المسيرة التعليمية وتردي القطاع التعليمي، خاصة بعد أن أعلن ممثلو نحو 37 ألف معلم ومعلمة الشروع بإضراب مفتوح عن العمل مع بدء العام الدراسي الجديد لعدم تلقيهم مرتباتهم منذ ستة أشهر. ورغم التطمينات التي تبثها الجهات الرسمية فإن أولياء أمور نحو 1.25 مليون طالب وطالبة قلقون من عدم تمكن الحكومة من توفير الكتب ومستلزمات المدارس، وعدم قدرتهم علي توفير احتياجات أبنائهم تلك. ويعتبر الإضراب المفتوح الذي أعلنته اللجنة المطلبية الموحدة للمعلمين الحكوميين بفلسطين الإجراء الأصعب بقطاع التربية والتعليم الذي تتخذه اللجنة رفضا للحصار، وهو ما يعني شلل القطاع بأسره إن استمر. من جانبه أكد أمين سر اللجنة يوسف أبو رأس إنه تقرر الشروع بإضراب مفتوح عن العمل اعتبارا من 2 سبتمبر القادم، واصفا إياه بأنه "إضراب نقابي موحد" بهدف الضغط علي العالم وبالذات علي الدول التي أنشأت السلطة الفلسطينية وتكفلت بدعمها ورعايتها. وأضاف أن دول العالم أعفت إسرائيل من الأعباء المالية للشعب الفلسطيني والمؤسسات الخدمية، وبالتالي عليها وبالذات الاتحاد الأوروبي وأميركا الاستمرار بدعم السلطة بغض النظر عن الحكومة المنتخبة. وشدد علي أن هذه الدول لا تقوم بدورها ولا تدفع المال عطفا علي الشعب الفلسطيني بل نيابة عن إسرائيل الدولة المحتلة. وأكد أبو رأس احترام اللجنة المطلبية لخيار الشعب الفلسطيني الديمقراطي الذي شهد العالم بأسره بما فيها أميركا وأوروبا بنزاهتها، معربا عن تأييده لمواقف الحكومة الحالية الداعية للتمسك بالثوابت الوطنية وعدم الخضوع للابتزاز السياسي الذي يمارس ضدها. ورغم الإضراب الكبير المتوقع استبعد وكيل وزارة التربية والتعليم د. زيد قمحية انهيار المسيرة التعليمية نتيجة الإَضراب المرتقب، مشيرا إلي أنه ليس الأول من نوعه، إذ مرت المسيرة التعليمية بمراحل أصعب وإضرابات أكبر. وأضاف قمحية أن الشعب الفلسطيني علي وعي تام ويميز بين الإضراب الضار والنافع، ويتفهم أي إضراب احتجاجي محدود. لكنه شدد علي أن الإضراب يجب أن يكون موجها نحو الاحتلال وليس نحو السلطة الوطنية المحاصرة. وحول مدي قدرة الوزارة علي تلبية متطلبات المدارس بالعام الجديد أوضح قمحية أن الأمور تسير كما هو مخطط لها رغم وجود عوائق، مضيفا أن الكتب بدأت تصل للمدارس وكذلك الأثاث لكن مع وجود تأخير نتيجة الحصار. وكشف المسئول الفلسطيني عن بعض الإعاقات لتنفيذ المشاريع التطويرية لامتناع بعض الدول المانحة عن الاستمرار بالتمويل في ظل الوضع السياسي الراهن، لكنه أشار لوجود خطط طوارئ بديلة يتم بموجبها تمويل المشاريع بالحد الأدني. بدوره يؤكد خليل الشحاتيت (صاحب مكتبة لبيع القرطاسية) تراجع نسبة المبيعات لديه لأكثر من 75% عن مثل هذا الوقت العام الماضي، مضيفا أن أولياء الأمور يقتصرون علي القليل من المشتريات اللازمة لأبنائهم نتيجة ما يقال عن إضراب المعلمين. ويقول المواطن أبو ناصر (62 عاما) أب لأحد عشر ابنا منهم أربعة بالمدارس، ولا يستطيع العمل، إن ظروفه الاقتصادية صعبة موضحا أنه بحاجة علي الأقل لمائتي دولار حتي يتمكن من تجهيز أبنائه الأربعة للعام الدراسي. ويصف الإضراب الذي أعلن مع بدء العام الدراسي بأنه معقول رغم الضرر الذي سينتج عنه وتأثر المسيرة التعليمية به، مضيفا أن المعلمين لم يتقاضوا رواتبهم منذ شهور وبالتالي فكثير منهم لا يملكون أجرة المواصلات لمدارسهم.