من قبل البدء في مسار الحرب المثير للاشكال يتوجب أن نقول بصورة واضحة وحادة أن هذه حربا كان فيها العدل الي جانبنا، حرباً استعد لها حزب الله طوال سنوات، حرب اسرائيل كانت تؤجلها مرة تلو الاخري بسبب عدم رغبتها في إشعال شمالي البلاد وتحويل مواطنيها الي لحوم تنهشها الصواريخ والمدافع. وحرب يمكن أن تكون نتائجها جيدة لشعوب المنطقة إن هب العالم كما فعل في هذا الاسبوع وتجند لتطبيق قرار مجلس الأمن كما ورد في نصه. بعد الحرب من المعتقد والممكن الافتراض أن الجميع سينتصبون وفقا لمواقفهم قبل اندلاع النيران. من اعتقدوا أن الحرب ضد حزب الله ليست إلا صراعا حدوديا محدودا سيقولون بأن اسرائيل قد زُجت بالقوة الي جبهة الحرب التي يخوضها جورج بوش ضد محور الشر. آخرون سيشعرون بالخيبة لأن الانتصار لم يكن ساحقا وسيقولون بأن قدرة الغرب الردعية قد تصدعت. التباينات في الرؤية بين يوسي بيلين وبنيامين نتنياهو في قضية الارهاب العالمي ليست كبيرة كما يبدو. الفرق الحقيقي يكمن في الوسائل التي يعتقد كل واحد منهما أن علي اسرائيل أن تستخدمها. هناك من يعتقد أنه لا خيار أمام اسرائيل إلا الانضمام بصورة نشطة للكفاح الامريكي ضد محور الشر ، وهناك من يعتقدون أن علي اسرائيل أن تتبع وسائل من شأنها أن تقلص من ألسنة اللهب وتُخفض مستوي الكراهية تجاهها وتجاه اليهود عموما. حل الصراع مع الفلسطينيين يمكنه فقط أن يصب في مصلحة الكفاح العالمي ضد الارهاب. حسن نصر الله الذي يطلق علي نهاريا وحيفا وكرمئيل ايضا اسم المستوطنات، ليس رجلا للتسويات، وهو يمثل الاسلام المتطرف الذي يعتبر مجرد وجود اسرائيل مسألة مرفوضة. حقيقة أن مواطني لبنان الشيعة اختاروا ممثلي حزب الله الذين يشاركون في الحكومة لا تُبشر بالخير للمنطقة، وتنضم الي نجاح حماس في انتخابات السلطة الفلسطينية. من الممكن ايجاد تفسيرات لذلك، ولكن النتائج حبلي بالمآسي. محاولة النظر الي حزب الله علي أنه ليس أكثر من حزب علي شاكلة شاس، يقوم برفع هامة الشيعة ويوفر لهم التعليم والاعانات، تُشير الي عمي خطير لا يتيح للمصابين به القدرة علي تمييز وجود مشكلة الاسلام المتطرف المسلح والارهابي علي المستوي العالمي، والذي ينشط علي الحدود اللبنانية بنفس التصميم الذي ينشط فيه علي خطوط الطيران بين لندن وأمريكا، وهو يشكل تهديدا فعليا وهذا ليس مجرد لغط سياسي أمريكي محافظ - للعالم الحر كله. علي هذا الخط الواضح يتوجب أن تستقر سياسة اسرائيل ايضا. الاسلام المتطرف استغل الديمقراطية والانفتاح والحرية حتي يرسخ مواقعه في داخل الدول، ويستخدمها للأنشطة المناهضة للديمقراطية ذات الطابع الارهابي. العالم الحر أبرز عضلاته في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، ولكن بصورة متأخرة جدا في معرض دفاعه عن قيمه وعن حياته، ليس من أجل مقاتلة المسلمين لكونهم كذلك. لذلك فان الحرب ضد حزب الله ليست نزاعا حدوديا وانما حربا في احدي الجبهات، ليس باسم ادارة بوش، وانما باسم الديمقراطية. في هذه الحرب يمكن أن نجادل حول التكتيك واختيار الأهداف، ولكن من الصعب أن نناقش قضية الصدق والعدالة. أسرة التحرير "هآرتس"