ارتكبت حركة حماس في غزة وكذلك حزب الله في لبنان خطأ فادحاً في حق الشعبين الفلسطيني واللبناني باختطافهما جنودا اسرائيليين في محاولة منهما لاستبدالهما بأسري لهم لدي اسرائيل ويتركز الخطأ في: 1 أنه أسلوب جار عليه الزمن وأصبح مُدانا دولياً. 2 استخدام القوة العسكرية وهو السلاح الذي تتفوق به اسرائيل عليهم بعشرات المرات. 3 تقديم المصالح الفئوية والحزبية علي المصالح الوطنية. 4 عدم التقدير والاكتراس برد فعل الجانب الاسرائيلي وتأثير ذلك علي حياة المواطن البسيط. 5 عدم التقدير الحقيقي لرد الفعل الدولي سواء علي مستوي الدول أو المؤسسات الدولية. جمع بين كل من "سي حسن" و"سي خالد" أنهما يرفعان شعار "الصمود والتصدي" بالاشتراك مع الدولة المصدرة له... سوريا والمؤيدة له... ايران وسؤالي لهما ما جدوي هذه السياسة خلال الخمسين عاماً الماضية فمازالت الجولان محتلة والقضية الفلسطينية لم تحل بعد بل إن الخطوات القصيرة التي تقدمت بها الأخيرة الي الأمام كانت عندما رجع القرار العربي الي العقل والتفاوض بغرض الوصول الي تسويه سياسية ثم من الذي يدفع فاتورة سياسة الصمود والتصدي؟ هل أنتم؟... التي تمتلئ حساباتكم بالمليارات أم الشعوب المغلوبة علي أمرها نتيجة سيادة مناخ الجهل والتغيب؟. فبسياسة الصمود والتصدي هذه تتقدم اسرائيل كل يوم خطوة إلي الأمام ونتأخر نحن عشرات الخطوات الي الخلف. أي صمود وأي تصدي فيما حدث ويحدث في لبنان هذه الأيام تدمير للبنية الأساسية (مطار/كوبري/ محطات توليد كهرباء/هوائيات المحمول/ قناة المنار التليفزيونية/ ممتلكات وثروات لأفراد ومؤسسات) أي صمود وأي تصدي. لقد كان رد فعل السعودية رائعا ومسئولا عندما حمّلت "حزب الله"، من دون أن تسميه، مسئولية ما يعيشه لبنان من تطورات عسكرية، داعية إلي التمييز بين المقاومة والمغامرات غير المحسوبة. وأوضحت أن هذه المغامرات "تقوم بها عناصر داخل الدولة ومن وراءها من دون رجوع إلي السلطة الشرعية". كذلك الحال في مدينة غزة.... تدمير وقتل بالعشرات يومياً وتدمير للبنية الأساسية وتقسيم للمدينة وتشريد للأهالي وأغلاق للحدود مع مصر ومنع المئات من الفلسطينيين من دخول بلادهم والوصول لمنازلهم والعودة مرة أخري الي أحتلالها _ كل ذلك ويخرج علينا "سي خالد" من دمشق ويعلن بأن الشعب الفلسطيني صامد ويتحدي. ولرافعي شعار "الصمود و التصدي" سؤال آخر... لماذا لا تطلق طلقة واحدة من الجولان في اتجاه اسرائيل؟- لقد طرحت لجنة 14 مارس هذا السؤال بأسلوب آخر في بيانها قائلة "إن الرأي العام اللبناني يسأل ونسأل معه، صحيح أن تحرير الأسري مطلب لبناني جامع وقضية أخلاقية، لكن هل حصلت العمليات العسكرية وفقاً لهذا الهدف أم وفقاً لحسابات إقليمية رداً علي تحليق الطيران الاسرائيلي فوق قصر ما او لتعثر في مفاوضات ما أو لإعاقة تشكيل المحكمة الدولية؟ وهل تعريض حياة اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم أمر يتمّ تجاوزه بهذه البساطة وبهذا التفرد؟ لماذا لم يتحرك النظام السوري وأرضه محتلة، وسوريا ايضاً صاحبة قضية أخلاقية لتحرير أسراها في السجون الإسرائيلية، ويسمح هذا النظام لنفسه بإعطاء الدروس للبنان ولفلسطين تنفيذاً لمصالحه عبر هذه الشعوب؟ ولماذا يتفهم البعض ممن يدافعون دوماً عن هذا النظام وظروفه وأولوياته ولا يتفهم ظروف لبنان وأولوياته؟ إن الاجرام الاسرائيلي لا يحتاج الي دليل، ولكن لماذا علي الشعب اللبناني أن يتحمل أعباء إقليمية من دماء أبنائه". "نصرك هز الدني... شعبك ما بينحني"، هكذا يردد تليفزيون المنار الذي يمتلكه حزب الله علي مسامع المشاهدين ليل نهار.... وهذه نصف الحقيقة... ونصف الحقيقة كذب كامل أن المقاومة حق من حقوق الإنسان. ولكن السؤال دائما كيف نقاوم؟ "مقاومة بناء" وليس "مقاومة هدم". كيف تنعكس طريقة المقاومة إيجابياً علي الفرد والوطن؟ هل الخسارة والتأخر والتخلف نتائج ضرورية للمقاومة؟ للمقاومة صور وطرق عديدة منها المسلح بدون شك وان كان ليس أفضلها وفي تقديري يرجع رواج المقاومة المسلحة في الشارع العربي عما عداها من صور وطرق أخري الي سببين: الأول مفهوم "الوطن" في العقلية العربية التراثية والمعاصرة وهو انه "الوعاء" الذي نتواجد داخله وبالتالي علينا أن نظل دائما نحميه وندافع عنه ضد كل غاز. وبالتالي عندما يتعرض الوطن لمكروه يتبادر الي الذهن العربي هذا المفهوم ويسود علي غيره من المفاهيم. هناك مفهوم آخر للوطن اتفق معه وهو أن الوطن "جزء" من المواطن وليس وعاء له وبالتالي نمو هذا المواطن الإنسان هو نمو للوطن والإنسانية وبالتالي يرتفع شأن الوطن برفعة شأن المواطن وفي تقديري إذا تغير مفهوم الوطن في الشارع العربي فان هذا يستتبعه تغير في مفهوم المقاومة واسلوبها. بحيث تتحول المقاومة الي اسلوب بناء للانسان وليس هدما لمقدراته وبالتالي تنتقل المقاومة من الساحة العسكرية الي ساحة القدرات والكفاءات ومعدل ونوعية البناء. أما الثاني فهو اعتقادنا في أن الحق التاريخي ثابت لا يتغير او يتبدل أو يتداول....... في حين أن "الحق التاريخي كان في زمنه معطيات واقع" - اذا استطاع الشارع العربي أن يعي هذه الحقيقة فأن رؤيته لأسلوب المقاومة سوف يتغير وسوف يتجه الي اساليب المقاومة التي تبني قدرات الإنسان وتُعلي من شأنه وبالتالي تزيد من اسهمه عند التفاوض. وأن نتائج التفاوض بالضرورة غير نهائية تحكمها معطيات الواقع ومقدراته والزمان والمكان وهي معطيات متغيرة بطبيعتها. يتبقي لي سؤال أرسله الي الشارع الفلسطيني... العراقي... اللبناني بصفة خاصة والشارع العربي بصفة عامة هل الاستفادة من قدرات ومقدرات الُمستعمر تُعد صورة من صور المقاومة؟؟؟؟؟