يحتمل أن تشجع اسرائيل نفسها في الختام علي تنفيذ خطة الانطواء الغامضة لرئيس الوزراء ايهود اولمرت من طرف واحد. ولما كان جوهر الخطة هو انسحابا احادي الجانب، فمن المهم الايضاح للجمهور بان كل الفرص هي ان تكون خطوط الانطواء هي الخطوط القتالية لاسرائيل. والزعيم الذي يوهم نفسه ويوهم الجمهور في هذا المجال يبدي عدم مسئولية. هذا ما حصل في خطوط فك الارتباط عن قطاع غزة. فقد تحولت الي خطوط قتالية جديدة - بعد ان اثني العالم بأسره علي ارييل شارون لهذا الانسحاب. فاخلاء المستوطنات تم بشكل احادي الجانب، دون مفاوضات، كان يمكن للفلسطينيين ولمحمود عباس أن يسجلوا فيها لانفسهم انجازا سياسيا. اما اسرائيل فقد انسحبت دون أن تحصل علي اي مقابل. من الطبيعي أن تكون حماس سجلت لنفسها انجازا عسكريا كمن استخدم القوة ودفع اسرائيل الي الانسحاب. هكذا يبدو الامر في ناظر الفلسطينيين. واحساس النصر اشتد بسبب الفشل المتواصل للجيش الاسرائيلي في مكافحته لصواريخ القسام. اما انتصار حماس في الانتخابات فمجد انتصارهم أكثر فأكثر. أول من ادعي بان فك الارتباط جري دون دراسة جذرية كان رئيس الاركان السابق موشيه بوغي يعلون الذي حذر من العوائق. وبسبب من ذلك اساسا جري ابعاده عن منصب رئيس الاركان. اما غيورا ايلاند، رئيس مجلس الامن القومي سابقا فقد كرر ما قاله يعلون. وفي فك الارتباط مع أن الجيش الاسرائيلي قص الخطوط ووفر المال، ولكن اموال التوفير اُنفقت مع تسويف أثار حفيظة مراقب الدولة علي تحصين المباني في القري والمدن غلاف غزة . والان يتحدثون عن خطة انطواء انسحاب احادي الجانب جديدة، وكأن امرا لم يحصل. ليس واضحا، من اليوم يعد دراسة مفصلة، حتي كخطة احتياطية، عن الانطواء. بحثت في كل مكان عن الخبراء فلم أجدهم. في انطواء احادي الجانب جديد ستكرر اسرائيل الخطأ الاكبر للتنازل عن تجريد المنطقة الفلسطينية التي تنسحب منها من السلاح. فالتجريد كان موضوعا رئيسا في كل مشروع للتسوية مع الفلسطينيين وجري الحديث معهم كثيرا عن ذلك. اما انطواء احادي الجانب فسيعطي زخما جديدا لحماس، وليس لعباس. ستكون هذه خطوة استراتيجية فاشلة لان اسرائيل ستعرض بذلك الاردن والنظام الهاشمي للخطر. الاردن يطالب بكل لسان ممكن الا تمارس اسرائيل شيئا احادي الجانب. وهو يفهم بان الحديث يدور عن استمرار القتال؛ ما من شأنه أن يعمق انعدام الاستقرار في الاردن. وفي اسرائيل ستعزز عملية كهذه من يطالبون بعدم الانسحاب من غور الاردن. ومع أن الرئيس بوش وصف الخطة بالشجاعة، ولكن من يخشي علي مستقبل الاردن، يجمل به أن يمارس الضغط علي اولمرت للامتناع عن خطوة احادية الجانب كهذه. عندما تصبح خطوط الانسحاب الخطوط القتالية الجديدة فانها ستكون مسألة وقت فقط حتي يعود الجيش الاسرائيلي الي الغزو بكامل قواته للضفة ومدنها. يكفي قسام واحد علي مطار بن جوريون. وضرب صواريخ القسام لمدن الشاطئ هو تهديد استراتيجي قد يلزم بالمس دون تمييز بالفلسطينيين. تاريخ النزاع يدل علي انه لدي الفلسطينيين سيكون هناك دوما متطرفون وافقوا علي الانتحار في عملية ارهابية. هذه المرة يمكن لايران أن تساعدهم بارادتها ضعضعة الوضع الراهن الاقليمي. لكل ذلك ينبغي أن يضاف ان اولمرت لا يريد حقا ادارة مفاوضات مع عباس. يبدو أنه مستعد للحديث معه، ولكن ليس التفاوض. وهو علي ما يبدو يخشي أزمة سريعة في المفاوضات. اذا كان اولمرت مستعدا للانسحاب، للانطواء ولتصحيح الخطوط فليفعل ذلك بالمفاوضات، انطلاقا من الفهم المتبادل والتنازلات لعباس بشكل شخصي. اذا كان يرغب في اخلاء مستوطنات فليبدأ باخلاء مستوطنات منعزلة اضافة الي ازالة المواقع الاستيطانية غير القانونية.