مع توالي الفضائح التي تلاحق قوات الاحتلال الانجلو امريكي في العراق بداية من فضيحة سجن ابو غريب ومروراً بمجزرة حديثة وليس انتهاء بمذبحة الاشخاص، لم يعد هناك ادني شك في فشل مغامرة غزو العراق التي قادها الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير.. والتي أدت نجاحهما في الاطاحة بنظام صدام حسين الي ارتفاع شعبيتهما الي اعلي معدلاتهما قبل ان تهوي الي الحضيض.. وبات استمرارهما محل شك كبير في منصبيهما في ظل الضغوط التي يواجهها بلير للاستقالة لصالح وزير ماليته جوردون براون.. وكذلك ضغوط الحزب الديمقراطي علي بوش لمحاكمته بتهمة تضليل الامة وقيادتهما الي حرب فاسدة. ومن المؤكد ان بوش وبلير باتا مقتنعان اكثر من اي وقت مضي بالبحث عن مخرج يحفظ ماء وجههما من المستنقع العراقي.. وهذا ماركزت عليه قمتهما الاخيرة في واشنطن التي جاءت بعد أيام منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء العراقي الجديد نوري المالكي. توقيت مبكر وهذه المسألة سحب القوات الأمريكية والبريطانية هي الأمل الذي عبّر عنه رئيس الوزراء العراقي الجديد نوري المالكي بُعيد تشكيل حكومته. فقد صرح المالكي بأن سحب قوات التحالف من العراق سوف يبدأ في يوليو، وهو توقيت قد يكون مبكرا بالنسبة لما يعتقده الزعيمان بوش وبلير وقال المالكي ان القوات العراقية ستبدأ في التواجد محل القوات البريطانية في اثنتيْن من محافظات العراق الجنوبية وأضاف المالكي أن 16 محافظة من اجمالي 18 محافظة عراقية ستكون في أيدي القوات العراقية بنهاية هذا العام. وتخالف تصريحات المالكي التقديرات الأمريكية والبريطانية حول انسحاب قوات التحالف. ويري بعض المحللين أن تواجد القوات الأجنبية في العراق سوف يستمر لعشر سنوات قادمة. وقام المسئولون البريطانيون بتصحيح تاريخ أول تسليم للمسئولية الي القوات العراقية بشهر يوليو القادم، كما جاء بيان عراقي بريطاني مشترك حول نقل لمهام غامضا حول المواعيد الأخري. وقال البيان انه بنهاية هذا العام سوف تنتقل المسئولية في أغلب المناطق الأمنية بالعراق الي الأيدي العراقية ويدرك نوري المالكي أن فرصته سانحة الآن، ومع بدء حكومته لعملها، لتنفيذ الجدول الزمني الذي طرحه بالنسبة لسحب القوات. السيناريو الأفضل ولكن العوامل التي ستحدد تقليص عدد قوات التحالف، أو سحبها تماما من العراق، تبقي معقدة ومتغيره. وفي حال سارت الأمور علي مايرام فان تحقيق السيناريو الأفضل للعراق يمكن أن يحدث. ويتلخص هذا السيناريو في أن يسود الهدوء ويقل العنف بعد التوصل الي صفقة تمنح وزارة الداخلية الي أحد أبناء الشيعة، وأن يتولي حقيبة الدفاع مسئول من السنة. وبناء علي الخطة الموضوعة يتم نقل سلطة الأمن في محافظتي المثني وميسان جنوب العراق الي أيدي القوات العراقية وقتها تتمكن الحكومة العراقية من رفع عدد جنود الأمن من 253 ألف عنصر الي 325 ألف جندي، مع تدريبهم بكفاءة عالية، ومنح الفرصة للمسلحين من كافة الطوائف للاندراج في سلك هذه القوات بعد ذلك يمكن تسليم نصف ال 110 قاعدة أمريكية في العراق الي القوات العراقية بحلول شهر يوليو القادم، واكمال عملية تسليم باقي القواعد بحلول يوليو من عام 2007. عندئذ يتمكن الرئيس بوش من تقليص عدد القوات الأمريكية في العراق من 133 ألف الي 100 ألف جندي بحلول شهر نوفمبر القادم ليتزامن هذا مع انتخابات نصف المدة الأمريكية. ويستطيع توني بلير بحلول شهر ديسمبر اعادة 3 ألاف جندي بريطاني في العراق من أصل 8 آلاف جندي الي بريطانيا. السيناريو الأسوء ولكن هذا السيناريو المتفائل يقابله تصور آخر يُستقي من واقع الحال، ويلخص العقبات التي يمكن أن تواجه سحب القوات الأجنبية من العراق فمن الممكن أن يستمر الخلاف حول من يتولي حقيبتي الداخلية والدفاع في العراق، مع استمرار الأعمال المسلحة التي تستهدف زعزعة الحكومة الجديدة ويتواصل هذا مع العنف الطائفي بين السنة والشيعة وهو العنف الذي تصاعد بعد الاعتداء علي مسجد الاماميْن في سامراء وبالتالي لايمكن تحقيق هدف زيادة عدد قوات الأمن العراقية الي 325 ألف جندي بحلول نهاية العام وقد أشار تقرير صدر مؤخرا عن جنرال أمريكي متقاعد الي أن القوات العراقية بحاجة الي دعم القوات الأمريكية لفترة قد تصل الي خمسة أعوام، قبل أن تتمكن القوات العراقية من الاعتماد علي نفسها وطبقا لهذا السيناريو، فيخشي أيضا من وجود جماعات الجريمة المنظمة في العراق، والتي تعمل علي زعزعة الاستقرار والأمن الي جانب وجود المسلحين وتترك الأوضاع بصورتها هذه فكرة خلق عراق ديمقراطي التي يتبناها الرئيس بوش خاوية من كل معني وتكون النتيجة أن تضطر الحكومتان الأمريكية والبريطانية الي زيادة قواتهما في العراق بدلا من خفض عدد هذه القوات.