اعتدت أنا وأصدقائي من القوميين العرب أن نحمل الكثير من الاحترام للسيد حسن نصرالله الأمين العام ل"حزب الله" اللبناني الذي تصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلي بنجاح علي مدي 20 عاماً... ولكن السؤال الذي يحيرنا الآن هو: طالما أن الجيش الإسرائيلي قد انسحب من لبنان منذ سنوات... فلماذا يحتفظ السيد نصرالله بمليشياته العسكرية، ويواصل حديثه عن الحرب والصواريخ والهجمات والعمليات الانتحارية ضد إسرائيل، في حين أن لبنان قد أصبح دولة حرة؟ في الأسبوع الماضي فقد الكثيرون منا فعلياً أي احترام للسيد نصرالله عندما شاهدوه، وسمعوا خطابه علي شاشة تليفزيون شبكة "المنار" الفضائية اللبنانية، والذي ألقاه أمام حشود من الشبان والشابات، قائلاً لهم بعبارات حماسية إن مصدراً من أهم مصادر قوتهم هو استعدادهم للموت -يقصد الانتحار في الحقيقة- والتخلي عن المستقبل الزاهر الذي ينتظرهم من أجل نصر الله أو- توخياً للدقة- من أجل كل ما يقول نصرالله أنهم يجب أن يموتوا من أجله. واسمحوا لي أن أختلف مع الشيخ حسن. لقد سرنا علي هذا الطريق لمدة 30 عاماً ولم نصل إلي شيء حتي الآن... والسؤال الذي ينبغي أن يجيب عليه هو وغيره من رجال الدين العرب والمسلمين هو: كم من الشباب والشابات العرب ينبغي أن يستمعوا إلي مثل هذا التحريض، وكم منهم يجب أن يموتوا من أجل أن يرضي رجال الدين؟ وفي الحقيقة أن تشجيع المسلمين علي إنهاء حياتهم هو -بنص القرآن- عمل يرقي إلي مستوي الجريمة وسلوك يتناقض مع جوهر الدين ذاته، خصوصاً عندما تأتي هذه الدعوة وهذا التشجيع من رجل يتظاهر بأنه رجل دين. فرجل الدين الحقيقي هو ذلك الذي ييسر الحياة علي أتباعه لا ذلك الذي يعقدها عليهم. وحسن نصرالله ليس رجل سياسة وإنما هو رجل دين فحسب. ولكنني أعتقد أن القارئ يجب أن يحكم بنفسه، ليس فقط علي أحاديث الموت التي يلقيها الشيخ حسن نصرالله، ولكن علي أسلوب تفكيره بشأن السهولة التي سنتمكن بها من إلحاق الهزيمة بإسرائيل. وإليكم ما قاله نصرالله، عندما كان يعدد ما وصفه بنقاط ضعف إسرائيل العديدة ونقاط قوة العرب العديدة كذلك، في الخطاب الذي أذاعته محطة "المنار" يوم 23 مايو 2006. قال نصرالله في معرض حديثه عن نقاط ضعف إسرائيل: "من ضمن نقاط الضعف الأخري أن الصهاينة، سواء كأفراد أو كجماعات، متعلقون بالدنيا بما فيها من مسرات ومتاع زائل تعلقاً كبيراً... وهذا التعلق يمثل نقطة ضعف بالنسبة لهم. علي العكس من ذلك نجد أن استعداد أمتنا للتضحية بدماء أبنائها وأرواحهم وأبنائهم وآبائهم وعائلاتهم... من أجل شرف الأمة والحياة والسعادة، كان دائماً من ضمن نقاط القوة التي تتمتع بها هذه الأمة..."! أحقاً أن الأمر علي هذا النحو؟ حسناً.. يا شيخ حسن! ربما أكون من الخاطئين... ولكنني متأكد تماماً من أنني لا أريد لأبنائي أن يموتوا من خلال تفجير أنفسهم خصوصاً إذا ما كان ذلك سيتم من أجل قضية لم تعد قائمة. فلبنان أصبح حراً ولم يعد محتلاً. والجيش الإسرائيلي، ومن بعده الجيش السوري، رحلا عن لبنان، فلماذا بعد ذلك يجب علي أي لبناني أن يقتل نفسه في قتال ضد أي أحد؟