هل من الصحيح أن يصبح رجل الدين سياسيا . وكيف يكون ذلك . وهل سيوفق رجل الدين في رسالته الروحية إذا ما استهوته السياسة بدهاليزها المتسعة والمتشعبة. وهل يجوز لرجل الدين الملتزم بحياته الروحية ورسالته الدينية أن يكون غائباً عن المشاركة في قضايا وطنه. أسئلة كثيرة جالت بخاطري حينما رحت أتأمل في شخص البابا شنودة الثالث كرجل دين يؤدي رسالته الروحية بنجاح واهبا لها حياته كراهب ارتقي كرسي الكرازة المرقسية ومن عادة الراهب انه يعيش حياته ممارسا النسك راغبا في الزهد ومن هذا المنطلق مارس البابا شنودة حياته في تقشف شديد وقد سمعت شخصياً بذلك من أحد المقربين اليه في خلوته الروحية. ولقد سجل البابا شنودة حياته هذه في ابيات الشعر التالية والتي اقتطفتها من إحدي قصائده حيث يقول: قد دخلت الكون عريانا .. فلا قنية املك فيه أو غني. وسأمضي عاريا عن كل ما .. جمع العقل بجهل واقتني عجبا هل بعد هذا نشتهي .. مسكنا في الارض أو مستوطنا . وهنا نجد أن جزءاً مهماً من تكوين الانسان أن يكون وطنيا محبا لارضه وبلاده وفيا مخلصا لها. فحب الوطن جزء من إيمان الانسان ودليل دامغ علي سلامة تكوينه يقول الشاعر بشارة خوري: حقا م أحيا غريب .. مالي وطن .. يا يوم وصل الحبيب .. أنت الزمن" ومن خلال تصريحات قداسة البابا في جميع المواقف الوطنية يتأكد لنا وطنية هذه الشخصية وما افرزه من حب لبلاده ولقداسته عبارة يعرفها معظم الذين قرأوا له .. وهي: (مصر ليست وطنا نعيش فيه .. بل هي وطن يعيش فينا) ومن هنا كانت مبادرة ومشاركة البابا والادلاء بما يمليه عليه ضميره الوطني . ،لنأخذ مثلا حديثاً جداً . ففي السابع من ابريل الحالي . دعي قداسته ليشارك اخوته علماء المسلمين في مؤتمر المجلس الأعلي للشئون الاسلامية . ماذا قال البابا. كانت هذه هي كلماته (ان الانعزال لم يعد مقبولا في عصر العولمة فهل عندما يتكلم البابا عن الوطن نعتبر هذا سياسة. وهل عندما يقرر البابا عدم ذهاب الاقباط لزيارة القدس مؤكداً عدم زيارتها إلا مع اخوته المسلمين. فهل هذه وقفة سياسية أم هو حس وطني سبقه اليه الراحل البابا باكيرلس السادس والمعروف بمواقفه الوطنية. والجدير بالذكر ان البابا شنودة عضو بنقابة الصحفيين وامضي سنوات ينشر مقالات بجريده الجمهورية وأخبار اليوم - وجميع ما كتبه لا يمت للسياسة بصلة. كل ما يكتبه موضوعات تحث علي الفضيلة والاجتماعيات والسلوكيات.. بحق انه كلام غريب ومثير وقداسة البابا رجل روحي من الطراز الأول وبالحقيقه لا يحتاج الي من يدافع عنه ولكن كان لزاما وطنيا ان نناقش طبيعة هذه الشخصية فهو الراعي الروحي الذي اتسمت طباعه بالحنو والرأفة،اذا كان قد قدر للبابا الصدام مع الرئيس الراحل السادات حينما احتجزه بدير وادي النطرون في قرار تعسفي استنكره كل الاحرار علي المستوي المحلي من اخوتنا المسلمين ورفضه العالم من حولنا.. ليس هذا استعراضا لحياة البابا بقدر ما هو توضيح لسلوكيات هذا الرجل.