ماذا نريد؟ دولة مدنية أم دولة دينية؟ تفعيل مواد الدستور الخاصة بحقوق المواطنة أم هدر تلك المواد؟ كيف يشارك الأقباط في العملية السياسية في الوقت الذي يصر فيه كثير من رجال الدين المسيحيين علي أنهم هم القيادات الدينية والسياسية في نفس الوقت والتي تحدد للأقباط من يختارون أو أيًا من المرشحين يناصرون؟ هل رجل الدين يحل له دستوريًا وقانونيًا وكنسيا أن يتدخل في غير دوره الديني؟ وما هي ثوابت الكنيسة المصرية علي مدي التاريخ؟ هذه أسئلة كثيرة وعديدة وهي عينة من جملة أسئلة تتعدد وتتكاثر نظرًا لتلك الازدواجية التي نراها الآن من استمراء حب التدخل لرجال الدين في غير ما يجب أن يكون؟ وعلي ذلك فقد خرج علينا الأنبا بيشوي الراهب الذي سيم أسقفًا وعضو المجمع المقدس للكنيسة المصرية بحديث للمصري اليوم الأسبوع الماضي يثير قضايا عديدة لابد من حسمها منعًا للتداخل المخل بين الديني والسياسي الشيء الذي يعطي التبرير والحق لبعض الجماعات الدينية والتي تخلط الديني بالسياسي والتي تستغل تلك العاطفة الدينية لدي المسلمين بل تلك العاطفة تشمل المصريين جميعهم مسلمين ومسيحيين. فماذا قال بيشوي؟ هذه بعض أقواله التي تثير لغطًا نحن في غني عنه يقول «أن الكنيسة يجب ألا تدخل معركة سياسية قبل أوانها» وهنا نريد أن نقول أن ثوابت الكنيسة المصرية تاريخيًا هو دورها الوطني وليس السياسي. بمعني أن الكنيسة كمؤسسة مصرية هي دائمًا مع الشعب المصري ضد أي شكل استعماري مهما كان مسماه. وهي ضد التدخل الأجنبي وهي علي القضايا الحياتية، والمشاكل الجماهيرية التي تخص كل المصريين. وهذا يميز الدور السياسي الذي يتدخل مع حزب ضد آخر أو مناصرة شخص غير الآخرين، فهذه سياسة حياتية تخص المواطنين دستوريا في اختياره الحر دون ضغط من أحد لا جهة ولا كنيسة ولا رجل دين، وهنا فما علاقة الكنيسة بأي معركة سياسية؟ وهل الكنيسة من واجباتها الدخول في معارك سياسية معه من أي نوع؟ وما الفرق بين الكنيسة وبين الحزب السياسي؟ وهل يتصور بل هل يريد بيشوي وأمثاله أن يحول الكنيسة إلي حزب سياسي يعبر عن المسيحيين في مواجهة الآخر؟ أم يتخيل ويتمني أن يكون زعيمًا سياسيًا؟ كما يقول صراحة وبدون مواربة لا أستبعد وجود تنسيق بين الكنيسة والحزب الوطني وذلك متروك للبابا، ما هذا؟ وما علاقة الكنيسة بالانتخابات أصلا وهل هي حزب سياسي سينسق مع الوطني في الانتخابات؟ إذا كان الوطني سيرشح أقباطًا علي قوائمه فما دخل الكنيسة والبابا في هذا؟ وهل البابا والكنيسة هما اللذان يرشحان للحزب الوطني من سيرشحهم علي قوائمه؟ وإذا كان ذلك كذلك فما هي المبررات الدستورية والقانونية لذلك؟ ألا يعتبر هذا تدخلاً للدين في السياسي؟ ألا يعني هذا التسليم بدور الكنيسة السياسي الذي يتناقض مع المادة الخامسة من الدستور المصري؟. وإذا كان الأمر هكذا وبدون مواربة ولا خجل فما هو الموقف من الآخرين الذين يتاجرون بالدين ويرفعون شعارات مرفوضة وهل هنا يكون التعامل بمكيالين مما سيؤدي إلي خطأ في مشاكل سياسية لا نريدها وليست في صالح الوطن؟ وهل في هذا لا تتذكرون ما قام به كيرلس أسقف نجع حمادي وتدخله في الانتخابات وإعلانه أنه يأمر الأقباط لمن ينتخبون، وكيف كانت النتائج الكارثية لذلك؟ كما يقول بيشوي لاويا عنق النصوص الإنجيلية أن الإنجيل يأمرنا بانتخاب الرئيس. وهنا نقول أن الإنجيل بشكل عام والمسيحيين أيضًا يطلبون من أتباعهم الصلاة والدعاء للحاكم حتي يرشده الله لما فيه خير الوطن والعدالة بين المواطنين كما يصلي الأقباط في القداس للنيل وللهواء والزرع ولكل ما يخص الوطن والمواطنين. وهذا بالطبع غير التدخل في اختيار رئيس الجمهورية في انتخابات من المفروض أنها حرة ونزيهة خاصة بعد تعديل الدستور وتحويل الاستفتاء علي رئيس الجمهورية إلي انتخابات بين أكثر من مرشح، وهل يريد بيشوي أن يكون ملكًا أكثر من الملك؟ والإشكالية هنا أن أمثال بيشوي يتم أخذ مثل الأحاديث الصحفية لهم بصفتهم الدينية فبيشوي هو أسقف في الكنيسة ولا يعرفه أحد قبل وصفه الديني وهنا هل بيشوي وأمثاله يجب أن يتدخلوا في السياسة؟ بالطبع لا وهذا ضد الدستور وضد القيم المسيحية، حيث إن المسيحية تقول أن مملكتي ليست من هذا العالم، وأعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وهنا بيشوي كرجل دين مفروض أن يتعامل مع ما لله، ولا علاقة له بالقيصر غير الصلاة والدعاء فقط. وهنا لا يجب أن يتفلسف أحد بأن بيشوي وأمثاله لهم حق سياسي في المشاركة، وهنا نقول إذا كان يحرم علي رجل الشرطة والقضاء والقوات المسلحة العمل السياسي، فمن باب أولي يكون هذا لرجال الدين المسيحي تحديدًا وذلك لأن الواقع يؤكد ذلك، فهم رهبان ماتوا عن العالم ولم يموتوا حبًا في العالم، كما أن الظروف الطائفية التي نعيشها الآن والتي ساهمت في هجرة الأقباط إلي الكنيسة وأيضًا الدور الذي تؤديه الكنيسة من خلال قدرتها المالية الكبيرة للأقباط مما يجعلهم ينتمون إلي الكنيسة أكثر من الوطن بما يعني تلك الازدواجية التي تصب لصالح الكنيسة الشيء الذي استغله أمثال بيشوي في لعب دور سياسي لن يكون في صالح الكنيسة ولا الأقباط ولا الوطن، فليكف بيشوي وأمثاله عن التدخل في تلك الأمور وليشارك الأقباط كمصريين وليسوا كأقباط في العمل السياسي والانتخابي وعلي أرضية سياسية طالبين مساعدة المصريين وليس المسيحيين، ولتكن علاقتهم بالكنيسة في الإطار الروحي وغير ذلك هو تكريس للطائفية وتصعيد للمناخ الطائفي وتسريع للقسمة بين المصريين وتأكيد لدور سياسي مرفوض وغير دستوري وليس في صالح أحد للكنيسة اللهم بلغت اللهم فاشهد.