مازالت وستظل الأنغام تعزف علي سيمفونية نجع حمادي وستظل بعض الأصوات وكثير من الأقلام الطائفية هنا وهناك تتحدث بأسلوب طائفي وتطالب بمطالب طائفية تحت مسمي الحرية وتطبيق ما يسمي بالمواطنة ومازال بعض المتاجرين يستغلون الكارثة لبث سمومهم الطائفية القاتلة مدعين تمثيلهم للأقباط مختلسين التحدث باسمهم تحت إطلاق شعارات تتعامل مع العاطفة الدينية المتأجحة بعد الأحداث ونتيجة لها وهم لا علاقة لهم بالأقباط، لا يعنيهم حل مشاكلهم لأن حل مشاكل الأقباط تجعل تجارتهم بائرة بلا سوق يبيعون فيه ولأن أحداث نجع حمادي كانت كاشفة وكانت الصوت الذي يصرخ في المصريين جميعاً ينذرهم بالخطر المحدق بالوطن ولذا فلنجب الطائفية بكل أشكالها ولنستبدل حديث الطائفية بحديث المواطنة وأن نلغي تلك المطالب الطائفية بمطالب سياسية لكل المصريين، فعند الخطر لا يجب أن يتخفي أحد وراء الطائفيين ولا يصح لأحد أن يحتمي بدرع الدين ولا ينبغي لأي من كان أن يرمي المسئولية علي الآخر متصورا أنه البريء الذي لا يخطئ، في أوقات الخطر يتساوي الكم ولنبحث عن تأثير الكيف، فالقضية ليست كم عدد القنوات التي تسيء إلي المسيحية وكم عدد تلك التي تسيء إلي الإسلام ولكن الأهم والأخطر أن هناك رؤوس فتنة هنا وهناك يشحنون نفوس البشر ضد الآخر ليس المهم ما هو قدر الفعل ولا كم رد الفعل، المهم هي تلك النتيجة النهائية السلبية للفعل ولرده ولذا فأسباب الفتنة كثيرة ومتعددة، والكل مسئول والجميع مدان وهنا نتحدث عن إشكالية تساهم بشكل غير مباشر في تصعيد وتكريس ذلك المناخ أو تلك الفتنة أو علي أقل تقدير تساهم في تكريس العزلة بين الأقباط والمسلمين وتصل إلي القسمة بينهم، ذلك حيث إن التعبير عن مشاكل المواطن أيا كانت تلك المشاكل ونوعيتها يجب أن يتم في إطار سياسي وعن طريق المؤسسات السياسية وبطريقة سياسية، حيث إن أي مشكلة حتي ولو لها خلفية دينية أو طائفية هي أولاً وأخيراً مشكلة مصريين مهما كانت هويتهم الدينية، ويجب أن تخص كل المصريين وحلها مسئولية الدولة وليس غيرها والإشكالية التي أقصدها ليست هي كل المشكلة أو لا يوجد غيرها أو إنني أنكر مسعاها في تصعيد المناخ الطائفي، ولكن هنا نريد أن نحلل ونتحدث عن المشاكل جميعها وفي إطار من المصارحة الحقيقية وعلي أرضية الوطن والمواطنة بعيداً عن أي انتماء ديني، حيث إن مكانه الكنيسة وحدها وليس خارجها إطلاقاً كذلك المسجد أيضا، ولكن اليوم نتحدث عن إحدي الإشكاليات الطائفية وهي تدخل بعض إن م يكن كل رجال الدين في قضايا سياسية تحت توهم حل مشاكل الأقباط أو تحت زعم الدفاع عن الأقباط. وقد كان لي كتاب صدر في عام 1992 باسم من يمثل الأقباط.. الدولة أم البابا؟ وكان المقصود في ذلك الحين هو التنبيه بأن البابا ليس ممثلاً سياسياً للأقباط ولن تكون الكنيسة بديلاً للدولة للأقباط، لأن ذلك يحول كل القضايا إلي قضايا طائفية كنسية تخص الكنيسة والأقباط وهذه هي الطائفية بعينها، وكان ولايزال البابا شخصياً يؤكد علي تصوري السياسي هذا ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي يقول إن الكنيسة لا تعمل بالسياسة ولا شأن لها بالسياسة في الوقت الذي تتناقض فيه الممارسات والمواقف مع هذا القول والأمثلة كثيرة ومتعددة ومعروفة ولا نريد التكرار سواء كانت تلك الأمثلة في إطار التدخل في مشاكل تخص الأقباط وكأن الكنيسة هي وراءهم في مواجهة الدولة والنظام أو تدخل رجال الدين أو البابا في قضايا عامة ويتم الضغط علي النظام ويستجيب ويكون رد الفعل ذلك التراكم الطائفي ناحية الآخر المسلم، بل تكون الصورة أن الكنيسة وهي الأقوي في مواجهة الدولة التي تدافع عن الأقباط في الوقت الذي لا يجد المسلم أحدًا للدفاع عنه. وهنا ويا للغرابة تصبح نجع حمادي كاشفة وفاضحة لذلك التدخل لرجال الدين في السياسة بشكل فج وعقيم وجاهل بالسياسة، بل يريد أن يمارس السياسة باسم الدين في إطار قبلي متخلف، وبالتالي تكون المشكلة مركبة أي طائفية في إطار قبلي وتصريحات أسقف نجع حمادي الذي رددها شخصياً ظهرته كأنه زعيم سياسي وكبير للنصاري في مواجهة كبير قبائل العرب أو الهوارة وهنا وفي مجلة الإذاعة والتليفزيون في61/1/0102 نهدي أقوال كيرلس لقداسة البابا مذكرينه بأقواله إن الكنيسة لا تعمل بالسياسة وإذا كان الأمر كذلك فلننبه إلي تلك الكارثة التي تحدث عن طريق ذلك الأسقف بقول كيرلس في انتخابات 2000 كان لي رأي وكنت السبب في إسقاط الغول والجميع في نجع حمادي يعرف أن لنا دوراً كبيراً في الانتخابات، ويضيف: نعم أنا كأسقف وممثل للكنيسة أوجه الأقباط لانتخاب الشخص المناسب حتي يكون النائب متعاوناً معنا. ويقول كيرلس أنا أعتبر نفسي أباً من حقه أن يوجه أتباعه نحو الأفضل وأعتقد أن هذا يجوز لي وأنا رجل دين ويضيف لابد للنائب أن يحسن علاقته بنا حتي يستمر في البرلمان أو أقول له مع السلامة ولا مجاملة في ذلك لأنه في هذه الحالة لن يكون مستحقا للحصانة التي حصل عليها هذا الكلام الكارثي وغيره كثير ألا يؤكد بدون مراوغة علي أن الكنيسة تعمل بالسياسة؟ وما هي مؤهلات هذا وأمثاله في من ينوب عنهم في الاختيار؟ وأين حق الأقباط الدستوري في ممارسة دورهم السياسي ومشاركتهم السياسية من خلال الانتخاب؟ وعندما يقوم أمثال هذا الجاهل سياسياً وكنسياً بهذا العمل ألا يسقط حق المواطنة عن الأقباط ويحولهم إلي قطيع يسوقه هذا القبلي؟ ومن الذي أعطاه هذا الحق هل الدستور الذي يجرم في مادته الخامسة عدم خلط الدين بالسياسة أم قانون الكنيسة التي تقطعه إذا انشغل بغير الرعاية الروحية عن شعبه؟ أم المسيحية التي قالت مملكتي ليست من هذا العالم فهل هناك حالة مخجلة وكاشفة أكثر من ذلك تخلط بين الدين والسياسة وما هو موقف الكنيسة يا قداسة البابا من هذا الفعل المؤكد الذي هدد سلامة الوطن، وهل تعلم يا قداسة البابا أن الذي كان يقود المظاهرات بالكاتدرائية لعدم محاكمة كيرلس كان الكموني؟ إذا كانت الكنيسة لا تتدخل في السياسة، فلماذا لا تخاطب هذا الأسقف وإذا كانت تتدخل فهذه مصيبة لا تسكت عليها مصر وإذا كانت الحكومة صامتة وغير قادرة فمصر أهم من الحكومة ومن رجال الدين ومن كل المتاجرين، وللعلم إن هناك أساقفة استملحوا وتوهموا أن يكونوا زعماء وهم تابعون للخارج ويريدون أن يلعبوا دوراً في مواسم الانتخابات القادمة ولكن لن نسكت وسنكشفهم ولن يصمت كل المصريين تجاه هؤلاء الذين لا تعنيهم سلامة الوطن ونحن في انتظار بيان أو تصريح من قداسة البابا للتوضيح ولأخذ مواقف من أجل سلامة مصر وكل المصريين وإنا لمنتظرون.