بعد حادثة نجع حمادي الفظيعة استشعر السيد رئيس الجمهورية الخطر المحدق بالوطن وكانت كلماته الحاسمة والمحددة تتناول أهم قضيتين في هذا الإطار وهما عدم تدخل الدين في السياسة ولا السياسة في الدين وأيضا تغيير الخطاب الديني الذي يحدث فرزاً طائفيا إلي خطاب ديني يدعو إلي الحب والتسامح وقبول الآخر وحمل المؤسستين الدينيتين وهما الأزهر والكنيسة تلك المسئولية الهامة والمهمة وعدم تداخل الديني في السياسي أو العكس يعني ألا يستغل الديني لصالح قضية أو موقف سياسي وعدم تدخل السياسي في الديني ألا تستغل حالة التدين أو العاطفة الدينية لدي الجماهير لصالح المؤسسة الدينية وهنا بالطبع الأشخاص أي رجال الدين وليس المؤسسة بمعناها المادي أي مبني المسجد أو الكنيسة بما يعني أن تكون المؤسسة الدينية للدين فقط وأن تكون السياسة للمؤسسات السياسية الدستورية وهذا حتي لا يحدث خلط يسيء للدين وقيمه العظيمة وفي ذات الموقف يسقط السياسي فلا المؤسسة الدينية تقوم بدور سياسي حيث إن دورها ليس سياسياً بل لا تستطيع القيام بهذا الدور علي كل المستويات وحتي لا نتعامل مع المؤسسات السياسية في الإطار السلبي فتغيب المشاركة السياسية ويتلاشي الانتماء للوطن ويحل بديلا عنه تلك الانتماءات الثقافية الخاصة أو الدينية أو القبلية وفي حالتنا هذه يكون الانتماء الديني بديلا وحيداً أو واحداً عن كل الانتماءات الأخري وعلي رأسها الانتماء للوطن وبلا شك فإن حالة التداخل هذه بين الديني والسياسي كانت نتيجة لأسباب كثيرة ومتعددة وكان علي رأس تلك الأشياء الخطاب الديني الذي كان ولايزال في سياقه العام يحاول أن يؤكد لتابعيه أن مؤسسته الدينية أيا كان اسمها وعقيدتها هي الأول والأخير وهي الحصن الحصين ولا يوجد غيرها علي أي مستوي حياتي آخر ففيها الدين والاقتصاد والثقافة والرياضة والاجتماع ولذا فما حاجتك للاخر وعندها يتم تلك العزلة فلا شك يكون الآخر ليس صديقاً بل عدواً لا يجب التعامل معه بأي شكل وفي أي صورة وعلي ذلك فهل استشعرت المؤسسات الدينية هذا الخطب وهل وصلت رسالة الرئيس إليها؟ وهل يقتنع القائمون علي تلك المؤسسات بهذا وبصراحة أكثر هل يمكن أن يسلم هؤلاء ببساطة بالتنازل عن الأدوار المفترضة والمتخيلة لديهم بأنهم زعماء روحيون وغير روحيين؟ وهل يرضون بدورهم الروحي فقط؟ وهنا نسوق واقعة كاشفة لحجم التداخل الخطير بين الديني وبين السياسي والذي يشارك فيه قيادات دينية وللأسف قيادات سياسية أيضا سواء كانت تدري بهذا التداخل وهذا التناقض أو أنها لا تنفذ تعليمات السيد الرئيس التي تحمي سلامة الوطن أولا تدري فسواء كانت تدري أو لا تدري فتلك مصيبة المصائب الواقعة يوم الأربعاء 2010/2/24 وفي اجتماع البابا الأسبوعي والذي ينقل علي الهواء عن طريق القنوات الكنسية ذلك الاجتماع الذي تتناقله كل وسائل الإعلام بشكل يعطي المؤسسة الكنسية أبعاداً كثيرة غير الأبعاد الروحية ذلك الاجتماع الذي كانت بدايته الظهور للأسقف شنودة عندما كان أسف تعليم وهذا الاجتماع الذي يستغله البابا الآن حيث مازال هذا الاجتماع متواصلاً منذ الستينيات وحتي الآن وبلا شك الاستغلال هنا هو ذلك التواصل الجماهيري للبابا والذي أصبح إحدي الوسائل التي يعتمد عليها في حالات الضغط السياسي علي الآخر والآخر هنا بمعناه الواسع وكانت الأسئلة التي ترسل للبابا لكي يرد عليها كانت تقتصر علي تلك الأسئلة الروحية والعقائدية واللاهوتية "بعض الأسئلة الجمائية" خاصة بعد انتشار موجة الفتاوي علي ا لجانب الإسلامي والمسيحي تلك الفتاوي التي كرست ذلك المناخ الطائفي وفوجئت أنا شخصياً بالبابا يطرح سؤالاً لشخص من قرية الكشح بمحافظة سوهاج وما أدراك ما الكشح والتي تستغل الآن من المتاجرين بالأقباط سواء في الداخل أو الخارج حيث استطاع الخطاب الديني الكنسي أن يكرس في الضمير الجمعي المسيحي أن الكشح هذه هي الموقعة الاستشهادية التي تضاف إلي عصر الشهداء قال السؤال الكشحي أن هناك شخصاً مريضاً يريد استخراج رخصة لكشك ولكن المسئولين لا يوافقون بصراحة أنا ذهلت من طرح هذا السؤال حيث إن مكانه ليس الكنيسة ولن يكون البابا بالطبع ؟ المحليات أو مجلس محلي المحافظة أو بالأكثر محافظ سوهاج فكان من الطبيعي ألا يعلن البابا هذا السؤال ولكن هو يريد أن يثبت أنه والكنيسة هما دولة الأقباط وأن الكنيسة مسئولة عن الأقباط في كل شيء حتي انها مسئولة عن استخراج رخصة كشك ومع هذا قال البابا إجابة للسؤال أنه سيتصل بأسقف سوهاج أي أنه يريد أن يحدث إسقاطا للجميع بأن رئيس دولة الأقباط سيتصل بمحافظ دولة الأقباط في سوهاج وهنا فالإعلان خطأ والجواب أكثر خطأ وكلاهما يسير في خلط دور الكنيسة الروحي بأدوار أخري غير دورها ولا علاقة لها بها أما الأعظم في كارثيته ما هو قادم فوجئ الجميع بالأسقف الإعلامي الكنسي وقف يحدث البابا فقطع البابا حديثه ثم بعد الانتهاء من حديث الأسقف أعلن البابا أن الأسقف أخبره بأن السيد المبجل الطيب محافظ سوهاج قد اتصل بالأسقف يعلن له موافقته علي أصدار رخصة للرجل يا لها من عظمة! ما هذا الذي نعيشه؟ أي إدراك وفهم ووعي سياسي نتحرك من خلاله؟ وهذا ما معناه يا سادة؟ يعني هذا أن الكنيسة والبابا هو المسئول الأول عن حياة الأقباط كذا؟ وأن أجهزة الدولة تتابع اجتماعات وتصريحات البابا حتي تقوم بتنفيذ توصياته وقراراته علي الهواء مباشرة وهذا يعني بل يصبح من الطبيعي أن يقتنع ويؤمن الأقباط أن دولتهم الكنيسة والمسئول عنهم الكنيسة وبالتالي لابد أن يكون الانتماء للكنيسة وليس لأحد آخر وأن يكون الخضوع الروحي وهذا طبيعي وغير الروحي للبابا وليس لأي شيء آخر خاصة أن البابا منظور ومرئي ولا نعلم هناك هل اتصل المحافظ مثلاً أم أحد آخر؟ وهذا لا يفرق المهم تم الاتصال علي الهواء ولا نعلم لو كان هناك مسئول آخر مثلا رئيس الوزراء كفاية كده هل كان السيد المحافظ المسيس جدا والواعي جدا والمتابع للأمور جدا كان سيقوم بحل المشكلة في تلك الثواني المعدودة وعلي الهواء وهل ناقش المحافظ قانونية تلك الرخصة من عدمها والأهم إذا كانت هذه الواقعة الكاشفة والفاضحة تؤكد أسقاط الانتماء للدولة من قبل الأقباط واستبداله بالكنيسة ماذا سيكون الوضع بالنسبة للمواطن الفقير المسلم الذي لم يستطع أن يستخرج رخصة كشك أيضا فإذا كان المواطن الكشحي لم ير حلا لدي السلطات ووجد البابا والمحافظ الذي نفذ أوامر البابا فلمن يلجأ المواطن المسلم غير الكشحي للمحافظ لم ينفع لشيخ الأزهر لا يوجد اجتماع الأربعاء لشيخ الأزهر ولا نعلم هل كان سيستجيب المحافظ لشيخ الأزهر علي الهواء أم لا الواقعة خطيرة ومعانيها كارثية و الموقف خطير حقا والتهاون مع أي من كان ليس في مصلحة مصر فنحن في انتظار التعليق أو التوضيح أم أن هناك أصراراً علي الخلط وعلي الطائفية وعلي قسمة الوطن ولكن لن نقبل هذا فمصر أهم وأعظم من الجميع.