حصار اقتصادي وسياسي خانق.. جيوب خاوية.. اتهامات متبادلة بالخيانة والعمالة والفساد.. اشتباكات متقطعة واقتتال داخلي بين أنصار فتح وحماس.. هذا هو واقع الشعب الفلسطيني الذي يعيشه هذه الأيام علاوة علي مآسه المريرة بعد أن تصاعدت هذه الخلافات بين الحكومة المنتخبة التي ترأسها حماس من جانب ورئيس السلطة الوطنية محمود عباس "أبو مازن" ومعه حركة فتح من جانب آخر، في الوقت الذي يرفض فيه العقلاء من الجانبين استمرار التصعيد الاعلامي والانقسامات بين أبناء الشعب الواحد، ويحذرون من مخاطر اتساع الاقتتال الداخلي والانزلاق نحو هاوية حرب أهلية مريرة سيكون الفلسطينيون أنفسهم بجميع فصائلهم هم الخاسر الوحيد فيها، وتكون إسرائيل هي المنتصر الأكبر بدون أن تطلق رصاصة واحدة. ويحذر مسئولون ومحللون فلسطينيون من استمرار التصعيد الذي يفتح الطريق إلي جحيم الفتنة، لافتين إلي أن هذا ما تريده إسرائيل، التي يجثم احتلالها علي صدور الفلسطينيين، محاولة أن تفرض حدودا توسعية جديدة، داعين الجميع إلي ضبط النفس والابتعاد عن التجييش، وإذكاء النعرات والانقسامات التناحرية والتصعيد الإعلامي، وأن يتحملوا مسئولياتهم أمام شعبهم. وكانت الأزمة بين حركتي حماس وفتح قد تصاعدت عقب فتح خالد مشعل زعيم حماس بالخارج النار علي قيادت سابقة بالسلطة الوطنية واتهامهم بالتآمر علي حكومة حماس متهما البعض بالفساد وسرقة الأموال، وأوضح المسئولون بان الأزمة الناشبة بين مؤسستي الرئاسة وحكومة حماس في السلطة الفلسطينية، وتداعياتها الخطيرة هي أولي الثمار المرة والسامة لازدواجية الخطاب والبرامج. وأضافوا ان ذلك تجلي بوضوح في الجلسة الافتتاحية للمجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب (18/2/2006) علي حساب تغييب برنامج القاسم الوطني المشترك. وشددوا علي ان المخرج من المأزق الراهن الذي تعيشه الحالة الفلسطينية ككل يتطلب حلولا وطنية شاملة، والتقدم إلي الإمام بالحوار الجاد والمسئول والمثمر وبتقديم المصلحة الوطنية علي حساب المصالح الفئوية الضيقة، ورفضوا الإنجرار إلي معارك ثانوية مدمرة، المستفيد الوحيد منها الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل نهبه لأرضنا، ومصادرته لحقوقنا ووجهوا دعوة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولحركة حماس، والفصائل الوطنية، للعودة إلي طاولة الحوار لاستكمال ما بدأته القوي السياسية في مؤتمر الحوار الوطني بالقاهرة، وإيجاد آليات لتنفيذ قرارات إعلان القاهرة المعلقة منذ (17 مارس 2005)، وفي مقدمة ذلك برنامج قواسم مشترك موحد وحكومة وحدة وطنية بدلا عن حكومات اللون الواحد. كما شددوا علي ضرورة إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية علي أسس ديمقراطية ائتلافية، وانتخابية بالتمثيل النسبي الكامل وتمكين 64% لشعب الفلسطيني الذي يعيش في مخيمات وتجمعات الشتات من حقهم في انتخاب ممثليهم في المجلس الوطني الفلسطيني الموحد، داعين أبو مازن بالمبادرة سريعا إلي دعوة اللجنة الوطنية العليا للاجتماع لتأخذ دورها في وضع قرارات إعلان القاهرة موضع التنفيذ. أظهر استطلاع جديد للرأي، أن غالبية الفلسطينيين يعتقدون أن الدول العربية قادرة علي تغطية المساعدات المالية التي قطعها الأوربيون والأمريكيون عن الحكومة الفلسطينية. أظهر استطلاع جديد للرأي، أن غالبية الفلسطينيين يعتقدون أن الدول العربية قادرة علي تغطية المساعدات المالية التي قطعها الأوروبيون والأمريكيون عن الحكومة الفلسطينية. وبين الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي أن 58.7% من المستطلعين يرون بأن الدول العربية ستكون قادرة علي تغطية المساعدات المالية التي قطعها الأوروبيون والأمريكيون عن الحكومة الفلسطينية، في حين قال 40.1% منهم إنها غير قادرة، وتحفظ 1.2% عن إجابة السؤال. ويري 59.8% من الفلسطينيين المستطلعين أن قطع المساعدات سيزيد من حدة العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة. واعتبر 50.2% ممن شملهم الاستطلاع أن موقف الحكومة الإسرائيلية المتعلق بقطع جميع الاتصالات مع الحكومة الفلسطينية سيزيد من صلابة موقف حماس، في حين قال 47.7% إنه سيضعف من صلابة موقفها، ولم يفصح 2.1% عن مواقفهم. كما يري 37.3% من المستطلعين أن المساعدات الأوروبية والأمريكية تساهم بشكل كبير في رخاء الشعب الفلسطيني، فيما اعتبر44% أنها تساهم بشكل متوسط، وقال 12.8% إن المساعدات تؤثر بشكل ضئيل. وأشار 36.9% من المشاركين في الاستطلاع إلي أن نظرتهم إلي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ستكون أكثر إيجابية إذا ما أعادا النظر في قرارهما بوقف مساعدتهما المالية للحكومة الفلسطينية، في حين قال 32.6% إن موقفه سيكون أقل إيجابية حتي وإن أعادت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي النظر في موقفيهما وأوضح 30.4% أن لا تأثير لذلك علي نظرتهم للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وطالب 73.9% حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية بأن تستمر في تقديم الدعم المالي للحكومة الفلسطينية، في حين طالب 24.3% بوقف الدعم المالي عن الحكومة الفلسطينية وتردد 1.8% عن إجابة السؤال. وطالب كذلك 31.6% الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة بتقديم مساعداتهم إلي الفلسطينيين في الوقت الحاضر من خلال رئاسة السلطة الفلسطينية، و38.2% من خلال الحكومة الفلسطينية، و22.5% عبر وكالة الغوث الدولية والأنروا، و7.3% من خلال منظمات غير حكومية، وقال 0.4% غير ذلك. وبالنسبة للموقف الاسرائيلي يري خبراء ومحللون أن اسرائيل ستستغل الأزمة الداخلية وستركز خلال 2005 علي مواصلة مساعيها للإجهاز علي ما تبقي من العملية التفاوضية مع الجانب الفلسطيني، عبر تكثيف محاولتها التهميشية وطرح مشاريع تسويات أحادية الجانب. وتوقع المحللون أن تركز إسرائيل في الفترة المقبلة علي مواصلة التعامل مع القضية الفلسطينية والدول العربية من خلال فرض سياستها ورؤاها بصورة أحادية دون تقديم تنازلات من طرفها، إضافة إلي محاولة نقل اهتمامات العالم إلي ميادين صراعية أخري، مستفيدة من غياب الدور العربي، ومن الدعم الأمريكي غير المحدود والصمت شبه المطبق من الاتحاد الأوروبي. ويري الخبراء أن المشهد الإسرائيلي الداخلي اتسم بتواصل ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وازدياد حدة الصراعات الحزبية داخل الأحزاب والتيارات السياسية، ما أدّي إلي تأكيد انهيار الأحزاب الأيديولوجية وبداية التحول إلي الأحزاب ذات القيادة الفردية أو سلطة الشخص، مشيرين إلي أن حزب "كاديما" هو نموذج واضح لهذه الظاهرة. وقالوا إن وصول شخص عمير بيرتس إلي قيادة حزب العمل أحدث تغييرا ملحوظا في قيادة الأحزاب السياسية التقليدية التي كانت رازحة تحت قيادة إشكنازية (اليهودية الغربية)، فتحولت إلي قيادة سفاردية (اليهودية الشرقية). ويري الخبراء انه في العام 2005 تعمق الشرخ بين إسرائيل كدولة ومؤسسة والمواطنين الفلسطينيين فيها، نتيجة مواصلة سياسة التمييز وتهميش وإقصاء المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل، ومنعه بجميع الطرق من المشاركة الفاعلة في حياة الدولة. ورغم تعهد كل من فتح وحماس العمل علي نزع فتيل الأزمة لتخفيف الاحتقان، إلا أن الكثيرين يشكون في إستمرار مثل تلك الهدنة الهشة ويرون أن كلاً من الطرفين يسعي لتسجيل نقاط ضد الطرف الآخر.