غدًا.. انطلاق دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب    الرئيس السيسى: مشروعات المرحلة الأولى لحياة كريمة تكلفت 400 مليار جنيه للآن    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    محافظ الغربية يودع عمال النظافة الفائزين برحلات عمرة قبل سفرهم إلى الأراضي المقدسة    محافظ القليوبية يشهد تكريم حملة الماجستير والدكتوراه بنقابة المهندسين    "لف وارجع تاني" .. ماذا يعني عودة البناء بقانون 2008 ؟    الرئيس السيسي يوجه رسالة للأسر بشأن تعليم أبنائها    بدء قبول الطلاب ببرنامج «تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي» بحاسبات طنطا    الخارجية الألمانية: الأسد ليس لديه رغبة في حل الأزمة السورية    السيسي: مصر لا تعمل على تزكية الصراعات أو التدخل في شؤون الآخرين    الخارجية تعبر عن قلق مصر إزاء التطورات الأخيرة فى جمهورية السودان الشقيق    هيئة الأركان الأوكرانية: الوضع على طول خط الجبهة لا يزال متوترا    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    تعيين محمد رمضان مديرا رياضيا في الأهلي.. مع اختصاصات مدير الكرة والإشراف على التعاقدات والكشافين    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    المعمل الجنائي يعاين حريق شقة في الشيخ زايد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    عروسة قماش ودبابيس.. حيلة تربي مقابر الإمام الشافعي للنصب على مؤمن زكريا    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    3 أعمال تنتظرها دينا الشربيني خلال الفترة المقبلة    عادل حمودة يكشف أسرار حياة أحمد زكي في "معكم منى الشاذلي" الخميس    الخارجية الأمريكية: إسرائيل أبلغتنا بعمليات قرب حدود لبنان لكنها محدودة    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    جامعة القناة تنظم قافلة طبية بالتل الكبير فى الإسماعيلية ضمن حياة كريمة    طريقة عمل الكيكة العادية، بخطوات سهلة ونتيجة مضمونة    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    وزير الصحة: الحكومة تلتزم بتهيئة بيئة مناسبة لضمان قدرة المستثمرين الأجانب على النجاح في السوق المصري    500 وفاة لكل 100 ألف سنويا .. أمراض القلب القاتل الأول بين المصريين    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    والد محمد الدرة: الاحتلال عاجز عن مواجهة المقاومة.. ويرتكب محرقة هولوكوست بحق الفلسطينيين    خُط المنطقة المزيف    الزمالك 2007 يكتسح غزل المحلة بخماسية نظيفة في بطولة الجمهورية للشباب    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    النيابة تواجه مؤمن زكريا وزوجته ب التربي في واقعة السحر    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    يختصر الاشتراطات.. مساعد "التنمية المحلية" يكشف مميزات قانون بناء 2008    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يفعل هؤلاء في غزة ؟
نشر في الشعب يوم 19 - 05 - 2007


بقلم :محمد فاضل
أيا كانت الخلافات في الرؤى بين حركة (فتح) وحركة (حماس)، فان الاقتتال بينهما مؤشر على اختراق كبير للأمن الوطني الفلسطيني بمفهومه الأشمل. وغدا واضحا أن الخلاف السياسي المستحكم والتباين الشديد في الرؤى حيال مستقبل الحركة الفلسطينية كلها لم يفض سوى إلى هدم كل عناصر الالتقاء على برنامج حد أدنى بين أكبر حركتين تقودان الشعب الفلسطيني في مواجهة إسرائيل. قد لا يكون هذا الاقتتال جديدا من نوعه في الساحة الفلسطينية أو في تاريخ الثورات عموما، لكن هذا إذا طرح من باب التهوين فهو يقرب إلى تبرير الاحتراب الأهلي والترويج له لسبب وجيه جدا، انه يأتي في الوقت الخطأ تماما من الناحية التاريخية.
فبعد أكثر من قرن على هذا الصراع وعلى النضال الفلسطيني، يتعين أن يكون الفلسطينيون قد استوعبوا دروسا تاريخية عديدة في هذا الصراع وعلى رأسها كيفية صياغة موقف موحد أمام إسرائيل والعالم رغم الخلافات الداخلية. بمعنى أن عليهم أن يفهموا أن الموقف العام والاستراتيجي يجب أن يكون موحدا وان الخلافات الداخلية وسقفها وحدودها مرهونة دوما بتأثيرها المحتمل على الهدف الاستراتيجي. على هذا فان أي إضعاف للموقف العام يجب أن يكون خطا احمر استراتيجيا أمام جميع الفرقاء قبل أن يوغلوا عميقا في خلافاتهم وتحويلها إلى تناقضات تناحرية.
هنا تبدأ المشكلة، وتحديدا منذ التوقيع على اتفاق «اوسلو». السؤال الذي يتعين الإجابة عليه هنا هو: هل هذا الاتفاق هو نهاية المطاف أم أن تحرير الضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى حدود 1967 وعودة القدس الشرقية هو الهدف لكلا الحركتين؟. هنا، فان حركة (حماس) تبدو غامضة حيال هذا الأفق ولا ترى ذلك ولا يجمعها أي اتفاق مع حركة (فتح) في هذه الرؤية. أما حركة (فتح) وبافتراض أن هذه هي رؤيتها الإستراتيجية وافقها، فهي تبدو مطالبة بإثبات ذلك لان سجلها في إدارة السلطة منذ أوسلو مخفق للغاية.
سجل إخفاقات السلطة هذا لا يفعل سوى تعزيز قناعة حماس وجزء غير قليل من الشارع الفلسطيني بأن الوضع الراهن هو نهاية المطاف بالنسبة لفتح. هذا يعبر عن نفسه في هذا التركيز المستمر في خطاب (حماس) على فساد السلطة، فساد الأجهزة الأمنية والهجاء المستمر لأي موقف أميركي مساند للرئاسة والسلطة واعتباره دليل خيانة بحق الرئيس والسلطة. انه خطاب شعبوي نوعا ما لأنه يتغافل عن حقيقة هامة تتعلق بالموقف الأميركي من هذا الصراع منذ بداياته المبكرة وتأكد مرة تلو الأخرى فيما بعد. هل يساند الأميركيون قيام دولة فلسطينية قابلة للعيش ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية؟. ليس هناك ما يثبت ذلك أبدا وهم إن أرادوا حلا فان هذا الحل لن يخرج عن التصور الإسرائيلي.
هذه إحدى حقائق هذا الصراع، على هذا فان الدعم المفترض للرئاسة حتى إن وصل إلى حد تزويد حرس الرئاسة بالسلاح فهو يتم أساسا لإشعال الحرب الأهلية نفسها. وبقدر ما يتعين أن يكون هذا واضحا لقادة (حماس) يجب أن يكون واضحا لقادة (فتح) أيضا. مثله مثل ما أعلنه شمعون بيريز الأربعاء 16 مايو من أن إسرائيل «لن تتدخل بصورة مباشرة في الاقتتال الدائر ولكنها سترد على طلبات محددة من عباس» مضيفا «يتعين علينا مساعدة السيد عباس في قتاله ضد الإرهابيين». (وكالة رويترز الأربعاء 16 مايو).
هذا صب للزيت على النار، لكن المتقاتلين اليوم يبدون غارقين في تفاصيل الخلافات إلى حد مهلك. انهم غارقون اليوم في البحث عمن بدأ الاقتتال ومن المعتدي ومن المعتدى عليه ويبدو أن بعض أطراف هذا الاقتتال وخصوصا (حماس) أخذت تفكر بطريقة الهروب إلى الأمام عبر خطوة تبدو خلابة لجميع الفلسطينيين والعرب وهي جر إسرائيل للمواجهة العسكرية. حسب حماس وأنصارها، فان المواجهة مع إسرائيل أفضل طريقة لاستعادة الشعب الفلسطيني لحيويته وإرادته ووحدته عوضا عن الاقتتال على الحكومة والسلطة والامتيازات. قد يبدو هذا صحيحاً للوهلة الأولى لكن المشكلة ان المعركة العسكرية تبدو بلا أفق وليس هناك ضمان بان تأتي العواقب والتبعات على مقاس الأهداف الفلسطينية مهما كانت مقدسة.
مثل هذا التفكير ليس سوى إعادة إنتاج للازمة الداخلية نفسها التي تبدأ من غياب الأفق المشترك للنضال الفلسطيني بين الفصائل المتقاتلة. فما بين اتهامات التخوين والعمالة المتبادلة بين المتقاتلين وما بين ضرورات المعركة الشاملة ضد المحتل (سياسيا وميدانيا على الأرض)، فان أي مواجهة تفتقد لأفق محدد وموضع إجماع ستكون اقرب للخسارة.
هذا ما رصده الإسرائيليون أنفسهم عندما يكتب عميت كوهن في معاريف «حماس أثبتت مساء أمس أنها تُفضل المواجهة المباشرة مع إسرائيل على الاشتباكات مع فتح (...) وحتى أنهم لم يحاولوا في حماس إخفاء مناورتهم العنيفة، فبعد دقائق على إطلاق الحركة صواريخ القسام على سديروت، كُتب في موقعهم الرسمي أن كتائب عز الدين القسام توجه الآن جهودها نحو العدو». (ينتظرون الجيش الإسرائيلي ليفصل بينهم المستقبل اللبنانية مترجما عن معاريف الإسرائيلية 16 مايو).
وفي المسار نفسه، كتب الصحافي الإسرائيلي داني روبنشتاين عن قيام حماس بإطلاق صواريخ القسام على سديروت انها «قامت بذلك انطلاقا من اعتقادها بأن حصول رد عسكري إسرائيلي فوري سيوقف الحرب الأهلية في قطاع غزة بحيث يتحد الجميع ضد إسرائيل». (المخرج: توجيه النار نحو إسرائيل. المستقبل مترجما عن هارتس 16 مايو).
في مسيرة السلطة نفسها، كان هناك درس يتعين أن يفهمه قادة (حماس) قبل الآخرين هو رد الفعل الإسرائيلي. فالرد الإسرائيلي على العمليات التي كانت تشنها (حماس) ضد إسرائيل كان مركزا على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها. تقوم حماس بعملية فترد إسرائيل بضرب مؤسسات السلطة إلى أن توجت رد فعلها باجتياح جنين وحصار الراحل ياسر عرفات في المقاطعة إلى أن اغتالته مسموما. وبعد أن أنهكت السلطة وشلتها تماما تفرغت لحركة حماس واغتالت قادتها واحدا تلو الآخر.
إذا كان هذا يعني شيئا فهو يعني حقيقة أخرى غفل عنها قادة حماس وقطاع كبير من الفلسطينيين هو أن إسرائيل لا ترى لا في حماس ولا في فتح ولا في أي فصيل فلسطيني شريكا أو حليفا محتملا أو جارا مستقبليا يقود دولة لأن الهدف أكبر من هؤلاء جميعا: لا تريد قيام دولة فلسطينية أيا كان على رأسها، فتح أو حماس أو أي فلسطيني. إنها تقاتل وتضرب لمنع قيام مؤسسات دولة بالأساس أمام الأشخاص والمنظمات أما من يقود هذه الدولة فليس مهما. والنتيجة الآن واضحة مثل الشمس: الحرب الأهلية أفضل طريقة لضرب فكرة الدولة عبر منع نمو مؤسسات السلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.