غزة - وكالات الأنباء: تسود الشارع الفلسطيني موجة سخط وغضب عارمين لما سببته الاشتباكات المسلحة بين عناصر من القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية وأفراد من الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، من خسائر بشرية ومادية في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية. المواطن إبراهيم الكرزي (27 عاماً) عبر عن أسفه لما آلت إليه الأوضاع علي الساحة الفلسطينية الداخلية، واعتبر سقوط الفلسطينيين قتلي وجرحي بنيران فلسطينية وصمة عار في تاريخ النضال الفلسطيني وإساءة إلي كافة رموز المقاومة والاستشهاد "الذين سطروا بدمائهم أروع صور الاستبسال للدفاع عن القضية الفلسطينية وحماية أبنائها". وقال "لم أكن أتصور أن يصل بنا الحال إلي هذه الدرجة من سفك دماء بعضنا البعض بعد مضي ستة أعوام من عمر الانتفاضة، التي انشغل خلالها كافة الفلسطينيين علي مختلف مشاربهم في مقارعة الاحتلال والتصدي لمخططاته". واعتبر أنه ليس من مناص أمام الأطراف المتحاربة سوي نبذ الفرقة والاحتكام إلي العقل، وبث روح التسامح والتراحم لوأد الفتنة والتوحد في وجه الاحتلال "الذي يتأهب لمهاجمة غزة في أي لحظة". ويري الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن انعكاسات الاشتباكات التي تشهدها الساحة الفلسطينية المتصاعدة ستكون خطيرة ووخيمة علي القضية الفلسطينية، إذا لم تدرك مؤسستا الرئاسة والحكومة أبعاد وخطورة حالة الانقسام وتنامي حالة العداء والأجواء المسمومة التي تحيط بمؤيدي فتح وحماس علي الساحة الفلسطينية. وأوضح أن توتر وتعثر العلاقات الفلسطينية- الفلسطينية علي الأرض ناجم عن حالة التنافر بين قادة ومسئولي هذين التيارين، لافتاً في الوقت نفسه إلي أن أجواء الحوار بين رأسي السلطة كانت تتواصل مصحوبة بتصريحات قاسية من كلا الجانبين، تحمل في طياتها اتهامات بالخيانة والتصهين والتآمر وبث روح العصبية. وأشار عوكل إلي أن مكمن الحل للخروج من هذه الأزمة هو وقف الاتهامات والتحريض الإعلامي المتبادل والدخول إلي حوار جدي من أجل بناء شراكة فلسطينية حقيقية وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة ومشاورة الحركة الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها. وشدد علي ضرورة أن تكون هذه الأحداث وما سبقها منطلقاً للقيادة الفلسطينية من أجل التسريع في بناء الشراكة الفلسطينية الجدية علي أساس القبول بنتائج العملية الديمقراطية من ناحية، والتعامل الواقعي مع القضية الفلسطينية باعتبارها ليست معزولة عن التغيرات الإقليمية والدولية من ناحية أخري. من ناحيته قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة الدكتور ناجي شراب إن الاشتباكات الفلسطينية الأخيرة كشفت عن الجذور الحقيقية لأزمة الوضع السياسي الفلسطيني الداخلي، الذي يعاني من تعدد المرجعيات، وغياب شرعية الحكم، ومدي سوء العلاقة بين أكبر حركتين علي الساحة السياسية الفلسطينية. وحذر شراب في حديث للجزيرة نت من تداعيات تلك الأحداث التي وصفها بالمؤسفة علي طبيعة وشكل النتائج التي ستكون ثمرة جهود التوافق المبذولة من أجل التقريب بين وجهتي نظر مؤسستي الرئاسة والحكومة الفلسطينية. من جانبها دعت ست فصائل فلسطينية إلي وقف الاقتتال الداخلي وحماية الوحدة الوطنية، مؤكدة أن تفاقم الأحداث يظهر مدي الفشل في تحقيق المطلب الشعبي بتطبيق وثيقة الوفاق الوطني لكسر الحصار وإنهاء حالة الشلل والتراجع والعزلة. وطالبت كل من الجبهتين (الشعبية والديمقراطية والمبادرة الوطنية وحزبي الشعب وفدا وجبهة النضال) في بيان مشترك، كل الأطراف وخاصة حركتي فتح وحماس بحقن الدماء فورا، ووقف كل أشكال الاقتتال الداخلي وتغليب المصلحة الوطنية، وإيجاد مخرج فوري للأزمة التي تهدد مصالح ومستقبل الشعب الفلسطيني في الوقت الذي يحشد فيه جيش الاحتلال قواته حول القطاع.