التجاذب الإسلامي - الأوروبي حول الرسوم المسيئة للرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام،وتفاعلات فوز حركة "حماس" والحالة الصعبة التي يجد فيها الرئيس بوش نفسه الآن، موضوعات ثلاثة نعرض لها بإيجاز في جولة سريعة في الصحف الفرنسية أي تعبير وأي حرية صحيفة لوفيغارو وخصصت افتتاحيتها، لموضوع الإساءة إلي النبي صلي الله عليه وسلم، في الصحافة الأوروبية، وما تلا ذلك من ردود فعل في العالم الإسلامي وتري الصحيفة أن مسألة ضمان حرية التعبير مهمة جداً للديمقراطية، ما في ذلك شك، ولكن أي تعبير، وأية حرية؟ وفي أية حدود؟ فنشر الصحيفة اليمين الدانمركية، لهذه الرسوم المسيئة، وفي وقت يحتدم الجدل فيه عن دور المسلمين في أوربا، بما فيها الدانمرك، هو - تقول لوفيغارو- تحديداً بغرض الاستفزاز. ونكران هذه الحقيقة سيكون نوعاً من الكذب الفج أما القيم الديمقراطية فلا شأن لها بالمشكلة الحالية، ولن تخرج مرفوعة الرأس بأي حال من الإساءة إلي الآخر الديني أو الحضاري وتختم لوفيغارو افتتاحيتها بالقول : إن انعدام الحرية لا ينتج إلا إعلاما سيئا كما قال البير كامو ولكن الحرية الإعلامية يساء استخدامها ايضاً وتفاديا لذلك امتنعت لوفيغارو عن نشر تلك الرسوم المسيئة بتاتاً وعلي الطرف الآخر وفي صحيفة لومانيتيه اختار كلود بودري عنواناً لعموده "حرية الكاريكاتير" محتجا علي إقالة رئيس تحرير صحيفة "فرانس سوار" التي نشرت الرسوم زاعما أن ذلك "غير مقبول"، وفي نفس الوقت ضارباً أمثلة أخري لحالات إساءة تعرض لها المسيحيون في الإعلام وفي أعمال مثل "المحاولة الأخيرة للمسيح"، لمارتن سكورسيز وفيلم "احييك ماري" لجودار، وأيضاً كتاب الصور الذي أنتجته بيتينا ريمز. وفي صحيفة لوموند نجد عنوانا شبيها "حرية الكاريكاتور" يسير في نفس الاتجاة في حين رصد الكاتب جان لوك الوش في صحيفة ليبراسيون ما اعتبرها حمله واسعة في الصحافة العربية ضد الغرب، علي خلفيه الموضوع نفسه عدوي تيار الإسلام السياسي هذا هو عنوان مقال الرأي التحليلي الأسبوعي الذي كتبه الكسندر ادلر في صحيفة لوفيغارو، وفيه يقدم عرضاً واسعاً للعلاقة بين "الاخوان" و "حماس" ولتأثير التيارات الدينية في العالم العربي عامة أما عن مواقف "حماس" نفسها فيعتبرها الكاتب امتداداً الآن لمواقف الرئيس عرفات في آخر أيامة ولئن كان التيار الديني المصري قام سنة 1977 تزامنا مع خطوات السادات المتسارعة وقتها نحو "السلام" بالتمييز بوضوح بين "الهدنه" و "الصلح" فإن "حماس" تبدو الآن أقرب ألي قبول "الهدنة" وذلك لاعتبارات حركية وإيديولوجية صرفة ولأن "حماس" لن تعمل علي تحقيق مشروعها في "جزيرة فلسطينيةش معزولة فسيضيف فوزها زخماً علي مجمل التجاذب السياسي والاستقطاب الإيديولوجي في منطقة الشرق الأوسط برمتها أما في مجلة لونوفل أوبسرفاتور، فقد كتب رئيس التحرير جان دانييل افتتاحيته لهذا الأسبوع تحت عنوان "العدوي الإسلامية" وفي بدايتها استدعي عبارة اطلقها الروائي الإسرائيلي ديفيد غروسمان بعد فوز "حماس" قال فيها: "بعد أربعين سنة من القمع وخيبة الأمل فإنني لا ألوم الفلسطينيين إذا انساقوا وراء وعود حماس البراقة ويشبه جان دانييل بين الوضع الذي تجد فيه "حماس" نفسها الآن وبين وضع ارييل شارون غداة وصوله إلي السلطة، مع الفارق طبعاً في القوة والإمكانيات، وحجم الأحلام- الأوهام ايضاً فالحركة تأتي اليوم الي مقاعد السلطة تشيعها علي جنبات الطريق، أعباء ايديولوجيتها الداعية الي "تدمير إسرائيل" وشارون جاد قبل خمس سنوات حاملا أوهام "القضاء علي المنظمات الفلسطينية" ويبقي الأمل أن تتغير "حماس" الآن وتتخفف من بعض أكثر أحلامها لاواقعية، كما تغير شارون مع مرور الأيام، وانسلخ من جزء كبير من أوهامه لكن شرط تغير الحركة هو أن يعطيها ايهود أولمرت خلف شارون الفرصة لذلك، وأن يقطع مع آخر أفكار شارون القائلة إنه "طالما أننا لا نستطيع العيش معاً، فلنعش منفصلين، وراء طرفي الجدار ومن جانب واحد أما في مجلة لوبوان فقد كتب رئيس التحرير ملود امبرت مقال رأي استعرض فيه ما اعتبره موجة اكتساح للحركات الدينية تعم العالم العربي الإسلامي. ففي الحالة الفلسطينية، مثلا، أنتهي منهج "الحكم بالأحلام المجنحة" إلي فشل ذريع لحركة "فتح" والمفاجئ فيما حققته حركة "حماس" من مكاسب، هو فقط، هذه المفاجأة التي اجتاحت الدول الغربية وإذا كان شارون جيداً لهذا اليوم، حيث بني جدار الفصل، وطلق بالثلاث أوهام اتفاقات "أوسلو" فإن علي الغرب أن يحتاط لنفسه في مواجهة "المد الإسلامي" في المنطقة، لأن الحضارات كالأسماك يبدأ التحلل فيها من الرأس ويخشي أن يصل المأزق إلي هنا، وأن تتكلل محاولاتنا تجنب الدخان، بالسقوط في منتصف الحريق يقول الكاتب. اجواء كئيبة في البيت الابيض صحيفة لوموند خصصت افتتاحية لمناقشة أهم ما جاء في خطاب الرئيس بوش الأخير حول "حالة الاتحاد" وقد جاء العنوان: "بوش ضعيفا" ليعبر بأمانة عن محتوي الافتتاحية وتري الصحيفة أن تواضع محتوي الخطاب، وانسداد وضالة ما فتحه من افاق، عبر عن سقف تطلعات منخفض للغاية، وأجواء كئيبة عموماً تحدق الآن بالبيت الأبيض. فخلال السنة الماضية، تأكل التأييد الشعبي للمغامرة في العراق نتيجة التكلفة التي لا تطاق للحرب، وجاءت إخفاقات إعصار كاترينا لتزيد الطين بلة، في حين أدي تكشف فضائح مالية للحزب الجمهوري، إلي ما هو أسوأ، في سنة حاسمة الآن ستعرف التجديد النصفي أما المهمة "الرسالية" لترويج الديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير فلم تفض الي نتائج مبهرة، ولا إلي مردود سحري، بأي حال وما زال الحزم في لجم الملف النووي الإيراني ينتظر إجابة حتي الآن في خطاب الرئيس بوش ولم يبق إلا مسألة التبعية الأمريكيةفي مجال الطاقة، وهو موضوع عده أنصار بوش "نقطة قوة" في خطابه، ولكن قبل الذهاب إلي ذلك علينا أن نتذكر أن هذا الموضوع لم يشغل سوي دقيقتين وخمس عشرة ثانية، من خطاب ملحمي أسطوري استغرق قرابة ساعة، ولم يعد بوش سوي بتخصيص زيادة بنسبة 22% لبحوث بدائل النفط، والاستغناء عن 75% من النفط المستورد من الشرق الأوسط، من هنا وحتي سنة. 2025 هذا علما بأن بلاده لا تستورد سوي 20% من حاجتها من الطاقة من الشرق الأوسط ً وليس هذا كل شئ فسيد البيت الأبيض لم يعط الانطباع بأن لديه خيالاً سياسيا واسعاً عن موضوع بزوغ الصين والهند، كمنافسين محتملين لأمريكا، في مقبل الأيام.