إذا كانت حكومة حزب العدالة والتنمية بتركيا وجدت نفسها فى حرج – كما هو الحال فى دول عربية وإسلامية - من إتخاذ إجراءات عملية أو التعبير العلنى الواضح عن رفض الإعتداءات الأوروبية الصحفية الموجهة للرسول الكريم بسبب القيود التى يفرضها النظام العلمانى المتطرف فى تركيا الإسلامية.وإكتفت فقط بقيام أردوغان بتوجيه رسالة لعدد 192 دولة تدعو لإجراء حوار لتفهم الأخر ومنع صدام الحضارات ، أو تصريحات عبد الله جول وزير الخارجية المقيّدة والمقتضبة بضرورة أن تكون الإحتجاجات فى إطار القانون، وكذا ما دعى إليه عبد القادر آقصو وزير الداخلية يوم 10/2 لإلتزام العقل والحكمة عند التعبير عن الغضب.أو توجيه محمد ألقاطميش رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس النيابى التركى ، عضو الحزب الحاكم ، مسؤولية وقوع الإحتجاجات العنيفة على عاتق حكومات الدول الإسلامية. فإن التظاهرات الشعبية التى وقعت فى مدن ديار بكر وقونيا وقيصرى وأضنا وإزميت وأنقره وإستانبول فى الأيام الماضية ، ورفع الشيعة الجعفرية لافتات مكتوب عليها عبارة مثل " فلتكسر الأيدى الممتدة لرسول الله " والهتاف ب " القهر والموت للمسىء لرسول الله " فى المرثية السنوية التى أقيمت بميدان خالقالى بإستانبول يوم 9/2 فى ذكرى إستشهاد الإمام الحسين ، وقذف القنصلية الفرنسية بإستانبول يوم 12 فبراير من قبل المتظاهرين الغاضبين بالبيض الفاسد والحجارة والزجاجات وإستماتت قوات الأمن فى حماية القنصلية من الإقتحام وكذا التظاهرة الشعبية الضخمة المقررة يوم 19/2 بميدان شاغليان باستانبول ،التى ينظمها حزب السعادة كلها ردود أفعال جاءت للرد على من وصف موقف تركيا تجاه الرسوم الهزلية المسيئة بالصمت وإلتزام الحياد العلمانى. كما أثبتت التظاهرات الشعبية بتركيا للعالم كله بما فيه الإتحاد الأوروبى المؤيد والمساند للرسوم المسيئة للرسول بحجة حرية التعبير، أن الشعب التركى جزء من الأمة الإسلامية وحبه لرسول الله لا يقل درجة عن حب الشعوب الإسلامية المختلفة، وأن حب الرسول (صلعم) أعلى وأكبر من قيود العلمانية اللادينية.حتى أن مجموعة تركية تنتمى لليسار قامت يوم 14/2/2006 بالتظاهر أمام القنصلية الفرنسية محتجة على البذاءة الأوروبية للإسلام ورسوله الكريم. ولم يقف الأمر عند حد التظاهرات الشعبية بالمدن والمحافظات أو بعد صلاة يوم الجمعه بل أن رؤساء أحزاب السعادة والحركة القومية والإتحاد الكبير( المعارضة من خارج المجلس التشريعى ) والطريق القويم والوطن الأم المعارضان البرلمانيان شجبوا جميعاً بشدة فى بيانات صحفية علنية وأمام عدسات وكالات الأنباء العالمية والتركية التصرفات غير المسؤولة لوسائل الإعلام الأوروبية. إن المواقف الضعيفة لحكومة حزب العدالة والتنمية تجاه الدول الأوروبية التى إنطلق منها البذاءة والهزيان ضد الرسول الأكرم يمكن فهمه فى إطار مساعى تركيا الرسمية نحو طلب الإنضمام لعضوية الإتحاد الأوروبى ، وكذا فهمه فى إطار القيود العلمانية المفروضة على رجال الدولة والمسؤولين التى تمنعهم من التصدى لموضوعات دينية.لكن تصريحات ساركوزى الوزير الفرنسى يوم 16/2 بقوله " أن تركيا ليست جزءا من أوروبا ولن يتم قبولها بالإتحاد الأوروبى " ، جاءت فى مقتل بالنسبة للعلمانيين اللادينين. فهل تأكيدات ساركوزى يمكن أن تجعل الملتزمين بالحياد العلمانى ذي الطابع الفرنسى بتركيا يعيدون التفكير فى هذا الحياد العلمانى واللادينية وإدراك أنه حتى التخلى عن والتخاذل فى الدفاع عن رسول الله لن يكون الطريق والبساط الأحمر المؤدى لدخول الجنة الأوروبية وأن أمر الإنضمام يرتبط بشىء واحد فقط لا بديل له وهو ترك الإسلام تماماً والإنتقال للمسيحية. كاتب مصري مقيم في تركيا [email protected]