قللت الولاياتالمتحدة من أهمية تزايد العمليات المسلحة في العراق في الأيام الأخيرة معتبرة أن العملية السياسية الجارية ستتيح نزع فتيل هذه التوترات. ففي أعقاب العمليات المسلحة -التي أدت إلي مقتل 125 عراقيا و11 جنديا أمريكيا- خلال الاسبوع الأول من العام الجاري قال القائد الأعلي للقوات الامريكية في العراق الجنرال جورج كايسي إن "العنف لن يؤدي إلي حرب أهلية أو يوقف المفاوضات السياسية لتشكيل حكومة". وردا علي أسئلة شبكة سي.إن.إن وصف الجنرال كايسي هذه الموجة من العنف بأنها "خارجة علي المألوف". وقال إن العراقيين في مرحلة صعبة خلال تشكيل الحكومة "لكني لا أعتقد أنهم علي وشك الانزلاق إلي حرب أهلية". من جهته دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون ماكورماك العراقيين إلي تشكيل حكومة وحدة وطنية وتجاوز خلافاتهم. وقال ماكورماك إن هذه الهجمات تهدف إلي زرع ما سماه بذور الانقسام بين أبناء الشعب العراقي وعرقلة العملية السياسية في العراق. في غضون ذلك تباينت مواقف الساسة الامريكيين مع العسكريين إزاء الوضع الميداني هناك. فقد أعرب "بول بريمر" الحاكم المدني الامريكي السابق للعراق عن قلقه الشديد من تصاعد أعمال العنف في العراق ، كما أبدي قلقه من كيفية التصدي لمن سماهم المتمردين ومن اعتزام وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " تقليص عدد القوات الامريكية في العراق بحلول الربيع القادم. ونقل راديو سوا الامريكي عن بريمر قوله، خلال لقائه مع شبكة ان بي سي الامريكية، انه أعرب للرئيس الامريكي جورج بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد وكبار المسئولين العسكريين عن قلقه من تخفيض عدد القوات الامريكية في العراق. وأضاف بريمر ،الذي كان يعلق علي كتاب سيصدر له قريبا تحت عنوان "العام الذي أمضيته في العراق كفاح لاقامة مستقبل للأمل"، أن هناك ميلا لدي المسئولين في البنتاجون نحو المبالغة في قدرات القوات العراقية. وأوضح أنه يشعر ان تلك القوات لم تتدرب علي المستوي الذي يسمح بسحب وحدات أمريكية من العراق بحلول الربيع المقبل. كما صرح بريمر بأن الولاياتالمتحدة لم تتوقع مواجهة تمرد بعد غزوها للعراق. وتحدث عن قرار حل الجيش العراقي بعد وقت قصير من وصول القوات الامريكية الي بغداد وهو القرار الذي اعتبره الكثير من الخبراء سوء تقدير الي حد كبير. وفي رده علي سؤال عن الجانب الذي يتحمل مسئولية ما أعقب ذلك من تمرد أدي الي مقتل الاف العراقيين والامريكيين قال بريمر انه لم يكن يتوقع حدوث تمرد. في المقابل وبعد ساعات من اعتراف ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة باجراء الولاياتالمتحدة مفاوضات مع المسلحين العراقيين كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية النقاب عن مسئولين أمريكيين اجروا محادثات مع زعماء مسلحين عراقيين لاستغلال الانشقاق الحادث بين جماعات المسلحة العراقية المحلية ومنظمات متطرفة أخري مثل تنظيم القاعدة بالإضافة إلي محاولة استمالتهم للانضمام الي العملية السياسية في العراق. وذكرت الصحيفة في موقعها علي الانترنت أنه قد وقعت من قبل اشتباكات بين جماعات عراقية وعناصر موالية للقاعدة في عدة مدن تقع بمختلف أنحاء منطقة المثلث السني التي تضم مدن تاجي واليوسيفية والقائم والرمادي وانه يبدو أن حدة هذه الاشتباكات قد تصاعدت خلال الشهور الأخيرة وفقا لمقابلات أجريت مع عناصر متمردة ومسئولين أمريكيين وعراقيين. ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي غربي قوله خلال تصريحات إن الأمريكيين شرعوا في اجراء مناقشات مباشرة مع المتمردين علي الأرض مشيرا إلي أنهم يتصلون بكبار زعمائهم عن طريق وسطاء. كما أكد الدبلوماسي أن الهدف هو استغلال حالة الصدع الحادثة داخل صفوف المسلحين العراقيين لاسيما بين الجماعات المحلية التي تهدف في المقام الأول إلي طرد القوات الأمريكية والجماعات الأكثر تشددا مثل القاعدة التي أثارت عداوة العديد من العراقيين من خلال ضلوعها بعمليات قتل واسعة ضد مواطنين مدنيين . وذكرت نيويورك تايمز أن المباحثات التي قال الدبلوماسي إنها تجري "داخل وخارج العراق" بدأت في الخريف أي تقريبا في نفس الوقت الذي أجري فيه الاستفتاء علي الدستور العراقي الجديد في 15 أكتوبر الماضي. وكان مسئولون أمريكيون قد اتصلوا بالجماعات المعارضة من قبل لكن الدبلوماسي وصف الاتصال الجديد بأنه ذو مغزي اكبر من ذي قبل. وأكد الدبلوماسي الغربي أن المباحثات تهدف أيضا لاستغلال رغبة جديدة لدي العرب السنة للمشاركة في العملية السياسية حيث انهم توجهوا هذه المرة إلي صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة للمشاركة في الانتخابات مشيرا إلي أن مشاركتهم الكاملة تعتبر خطوة أساسية للتخفيف من قوة الحركات المسلحة التي يتزعمها في الغالب عرب سنة متشددون. كما نسبت صحيفة نيويورك تايمز الي الدبلوماسي الغربي قوله إنه لاتساوره اية اوهام بشأن امكانية ان تتمخض المحادثات الجارية عن ترتيب اجراءات لاستسلام الجماعات المسلحة أو حتي التوصل الي وقف لإطلاق النار. كما أشارت الصحيفة الامريكية إلي ان طارق الهاشمي زعيم الحزب الإسلامي العراقي، الذي ترددت انباء عن انه أجري اتصالات مع زعماء المسلحين وطلب منهم وقف إطلاق النار خلال الانتخابات ، قال إنه لا يعتقد أن المباحثات بين الأمريكيين والمسلحين قد أحرزت نجاحا كبيرا. وأوضح أن احدي النقاط العالقة تتمثل في مطالبة المسلحين بوضع جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية وهو ما دأب الرئيس الأمريكي جورج بوش علي رفضه. لكن الدبلوماسي الغربي أعرب عن أمله في البدء في إقناع الجماعات المسلحة بأن الحكومة العراقية المقبلة التي يتوقع أن تضم عددا من الزعماء السنة جديرة بدعمهم وتأييدهم .