في هذا الشهر من العام الجديد يتم الفصل الأخير في أول قضية من قضايا الإبداع في ظل القانون الجديد لحماية الملكية الفكرية، حيث اهتمت وسائل الإعلام الأجنبية، الفرنسية بالذات لوجود ال "سيسم" الاسم المختصر لجمعية المؤلفين والملحنين في باريس، وهي الجمعية الأم، والقضية كانت دائرة في المحاكم منذ سنوات عن مؤلف أغان حرامي، سطا علي أغنيتين لمؤلف أغان آخر، والخبر الذي كتبه الزميل شعبان هداية في "نهضة مصر" يقول: "إن الشاعر ناجي أبو النجا (المسروق) قام بالحجز علي ممتلكات مصطفي كامل المؤلف "السارق" إثر حكم محكمة الاستئناف بتأييد حكم سابق بتعويض أبو النجا بمبلغ 50 ألف جنيه، في حين تأجلت الدعوي الخاصة بتعويضه ب "مليون جنيه".. انتهي الخبر. الأغنية الأولي المسروقة اسمها "ح انساك" غناها محمد فؤاد، والثانية اسمها "روح وأنا أروح"، غناها حلمي عبدالباقي، والشاعر مصطفي كامل "السارق" غير مصطفي كامل المناضل المصري الذي عرفناه في كتب التاريخ، فالثاني اشتهر في الوسط الغنائي بالسطو عمدا علي إبداعات غيره من كل الأجيال المتعاقبة، من أول مطالع الأغنيات وصولا إلي كوبليهات كاملة، أيضا المؤلف مصطفي كامل اكتشف أن المسألة سهلة، وأن اللصوص الكبار نهبوا البنوك واستولوا علي أموال غيرهم وكونوا إمبراطوريات، فقرر أن يتوسع في مجالات السطور بالعمل كمطرب، يقلد عبدالحليم وهاني شاكر، ووجدها فرصة ذهبية عندما سمح التليفزيون لنفسه أن يقوم بدور "المتسول الإعلامي"، ففتح المجال لكل من هب ودب - أخنف.. أقرع.. نشازي.. قبيح الأداء" أن تذاع أغانيه مقابل مبالغ لا تساوي ريادته التي خرموا آذاننا بها، وهو شعار لا يصح أن يرفعه من كان يحصل من تسوله علي مبلغ 1500 جنيه تزيد قليلا في أوقات ذروة المشاهدة قبل وبعد مسلسلات الريادة. والأسوأ أن هذه الأغاني اللقيطة كانت تذاع دون اعتماد المطرب أو اللحن من اللجان الرسمية، وبذلك شارك تليفزيون الريادة وقتها في تشويه ذوقنا وأساء إلي كل مشاهديه، وساهم قصدا في إفساد الحالة الغنائية أكثر مما هي فاسدة، وبالطبع.. كانت الفرصة ذهبية للمؤلف مصطفي كامل الذي سطا.. وليس الذي ناضل حيث وجد الأبواب مفتوحة أمامه بسطوه وبفلوسه وأصبح مؤلفا ومغنيا، فدخل مجال التلحين بالنقر علي طبلية خرط الملوخية أيام جدتي.. نجح لأنه فعل فعلته من خلال تليفزيون الريادة، تشجع ولحن لغيره، معتمدا علي الأفكار والتيمات، والجمل الموسيقية لكبار ملحنينا، وخص الموسيقار بليغ حمدي ببركة اختياره لكي يكون هو عملية لصور سهلة لآذان المستمع الذي أفسدوا ذوقه فأصبح لا يميز بين بائع الطماطم والصوت الحقيقي في أداء الغناء علي الأصول، والذين غنوا ألحان مصطفي كامل الذي سطا وتكبر كانوا من فصيلة المناضلين ببسالة ضد كل ما هو ذوق جميل، فلما تجبر، حاولت أقلام ومطبوعات كثيرة مصرية وعربية تعريته، ورغم ذلك لم يخجل.. وأيضا لم يتراجع حتي بعد الشكاوي التي قدمت بحقه في جمعية المؤلفين والملحنين، فتشكلت لجنة للتحقيق، وكان قرارها منع حصوله علي حقه المادي من الأداء العلني للأغنيات التي سطا عليها، وإعطاء هذه المبالغ لأصحاب الحق الذين تمت سرقة إبداعاتهم. هذه هي حكاية بلا نهاية عن مصطفي كامل الذي ولد رائدا مزيفا في عصر الريادة، و.. طبعا كل "مصطفي كامل" يعبر عن عصره!!