بمناسبة مئوية الشيخ محمد عبده طالعنا د. عمارة بمقاله الاسبوعي بجريدة الاخبار في 21/10/2005 ص24 حيث كتب (عند صدور هذا الكتاب الإسلام واصول الحكم وفيه الدعوي "الإسلام دين لا دولة ورسالة لا حكم" غير المسبوقة حتي من قبل المستشرقين دعوي علمنة الاسلام وجعله نصرانية. يدع ما لقيصر لقيصر ويقف فقط عندما لله بالمفهوم الكنسي) ونقول للدكتور عمارة عجباً ان يصدر هذا الحديث من رجل يكتب ليشرح للآخرين الذي يجب ان يكون حقائق. لقد خالف في الرأي علماء اجلاء من المسلمين. بل ان كل مسلم يري رأيهم وهم بالطبع اكثر المسلمين فاصبح بذلك الدين الاسلامي نظرية سياسية في الحكم. واسألكم هل المسيحية تهدف إلي عدم قيام نظام الدولة وهل حقيقة ان الدين الاسلامي والدين المسيحي قد صارا حزبان سياسيان علي طرفي نقيض حزب يؤيد النظم القائمة وهو المسيحية حيث لا تعنيهم الدنيا كفهم عمارة (مملكتي ليست من هذا العالم) (السيد المسيح). وكأنهم جميعا متمسكين بالحديث الشريف (دار من لا دار له...) للبيهقي صحيح فنجد ان ماكتبه عمارة مناقضاً نفسه لما جاء في النص الذي قال فيه (كون دولة الاسلام هي مدينة واسلامية في ذات الوقت مدينة تصنع الامة نظمها ومؤسساتها وهي مصدر السلطات فيها واسلامية لان الاسلام وشريعته وفقه معاملاته هو المرجعية الحاكمة لسلطات الأمة والدولة) أي ان نظام الحكم بشري وليس الهيا اسلاميا ولكن الاسلام هو الشريعة. وهذا ما ذهب إليه الذين ادانهم بالمخالفة وتحويل الاسلام إلي المسيحية الاسلام دين لا دولة أي ان الله لم يفرض نظاما بعينه للدولة فيسمي نظاما اسلاميا فلا علاقة للاديان بنظم الدولة. وانت تؤمن ياعمارة بان الاسلام يعلي من قيمة الفرد ويحثه علي الابداع محاربا نظرية (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) 104 المائدة. اقول لك الاسلام بعكس ما تعتقد مع الابداع وحق الاختيار في نظم الحكم من ابدال وتعديل إلي كل ما هو حق مكفول لكل البشر. والتفكير فريضة اقرتها كل الاديان وقد تحدث عن هذه الفريضة الراحل العظيم عباس العقاد في كتابه الذي يحمل العنوان (التفكير فريضة اسلامية) وفي سعي الاسلام محركا للتفكير دون خوف أو وجل من الخطأ يجعل لمن اصاب أجرين ومن لم يصب أجراً. وأجر الأخير لانه فكر. أما من ادعي العلم فهو حاطب ليل والاسلام يفرق بين المفكر وبين من هو حاطب ليل ناقل افكار الآخرين وتوظيفها فيما يكتب عازفا عن الاستنارة التي هي المعرفة الامينة التي تقود للسلام الاجتماعي وسعادة الجميع. واقول لعمارة في انتقاده للآية التي اجتزأ نصها كما حدث من قبل اقول له هذا هو النص الحقيقي كما جاء بالكتاب المقدس (لوقا 20 22/26) دون اجتزاء للنص (... أفيحل لنا ان ندفع الجزية للقيصر. أم لا؟ فادرك مكرهم وقال لهم. أروني ديناراً.. لمن الصورة والنقش عليه؟ فأجابوا للقيصر. فقال لهم: إذ اعطوا ما لقيصر للقيصر وما لله لله. فلم يتمكنوا من الايقاع به امام الشعب بكلمة يقولها. فسكتوا مدهوشين مما سمعوا) ويقول لنا تفسير انجيل لوقا (طبعة دار المعارف المصرية 1978) ص427 موضحا ما انتقضه عماره من النص وشرحه بما يروق له. يقول التفسير (... اذ سألوه عما اذا كان يجوز لليهود ان يؤدوا الجزية لقيصر الرومان الذين كانوا يحتلون بلادهم. فإذا اصاب بأنه يجوز ذلك اغضبوا عليه اليهود الذين كانوا يكرهون الرومان.. ومن ثم ينفض من حوله حتي الذين آمنوا به انه هو المسيح الذي ينتظرون. لان اليهود كانوا يعتقدون ان المسيح لن يجئ إلا ليحررهم من العبودية ويجعلهم سادة العالم كله.. وأما اذا اجاب مخلصنا بانه لايجوز ان يؤدي اليهود الجزية لقيصر الرومان اغضب ذلك عليه الرومان وعلي رأسهم قيصرهم فاعتبروه متمردا علي سلطتهم.. ثم ان اجابة الرب يسوع علي اليهود قد أرست مبدأ اساسيا في فصل الدين عن الدولة وعدم الخلط بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية..). واذا كنت تجعل من الآيات المنظمة لعلاقة البشر بخالقهم وعلاقتهم ببعضهم البعض. الم تجد في العهد القديم كما كبيرا من التنظيمات التي وصلت إلي تنظيم القضاء وجمع المال وانفاقه وغيره من الأمور المنظمة لحياة البشر. ولك ان تراجع ما وضعه داود وسليمان الملك كذلك ذو القرنين في القران. ستجد ان ماجاء في العهد القديم من ذلك يفوق كل ما عداه ولك ان تعلم يادكتور عمارة ان السيد المسيح له المجد قال (ما جئت لا نقض بل لاتمم) أي ان العهد القديم والجديد بناء واحد متواصل فهل معني ذلك ان لليهودية نظام حكم وللمسيحية نظاما آخر بالتبعية بل الاخيرة ارتقت بالتشريعات. د. عمارة كل هذه المقارنات غير المدروسة هي اشواك مدسوسة نحن في وطن يلفظها لكن ما اخشاه ان تخال هذه الامور علي البسطاء والجهلاء فتزرع اشواكا.. ليتك تبدلها بالورود.. لتزرع في الوطن حدائق غناء وسلاما يحتضن القلوب حتي نتواكب مع من سبقونا علما وعدالة وسلاما اجتماعيا.. الا تري أننا افتقدنا كل هذه المشروعات التي بدونها سنمحي من خارطة الارض.. وربما تلفظنا السماء!!