حلمهنا تولد معهن منذ نعومة أظافرهن فلا توجد بنت منذ ولادتها إلا وتسرى فى دمائهن مشاعر الأمومة فتجدهن يشبعن هذه الرغبة والاحساس مع ألعابهن وهى في الأصل العروسة وأيضا نشبعهم بهذه الرغبة فنجد الغالبية العظمى منا عندما يقدمون هدايا لهن ما هى إلا الدمى وألعاب أدوات المطبخ وهكذا والتى تنم مع الأيام عن أمومة مبكرة. ومع الوقت وفى انتظار ابن الحلال تشعر الفتيات بأقرب حلمهن بأن يصبحن أمهات ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. فازدادت نسبة العنوسة حتى وصلت إلى ما يقرب من 7 ملايين بنت في سن الزواج وهى آخر إحصائية فى عام 2013 بالجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء.. ولكن لم يصبها الدور في هذا القطار وحسب الاحصاء العام لنسبة المعاقين في مصر وصل إلى ما يقرب من مليون بنت من ذوات الإعاقة فاتها قطار الزواج وبعد عنها حلمها في أن تصبح أماً وتسمع بأذنيها أهم وأغلى وأعظم كلمة من الأطفال (ماما). ومع الاحتفال في مارس الجارى بيوم المرأة العالمى وعيد الأم سمعنا أنين البنات ذوات الإعاقة وما هى الأسباب التى أجلت أو جعلت حلمهن في الأمومة يبتعد بل أصبح لبعضهن هو المستحيل بعينه. غادة البنا فتاة عمرها تجاوز ال 34 عاماً بأشهر قليلة، حاصلة على ليسانس آداب وتربية علم نفس وتعمل اخصائية نفسية فى إحدى المدارس، حلمها كحلم كل فتاة فى أن تصبح أما وتحضن فلذات أكبادها بين ذراعيها، إلا أن إعاقتها تقف حائلا بين تحقيق هذا الحلم المشروع والحصول على الحق الطبيعى فى الحياة. »نفسى أكون أم، ويجى اليوم اللى اللاتى ولادى حوليا بيرحمونى ويحمونى من المجتمع ، ويخلونى ماحتاجش حاجة من حد، انا فعلا قاعدة على كرسى بس أقدر أكون أم، وفى غيرى كتير وإعاقتهم اكبر منى وبيتجوزا ويخلفوا ويعيشوا عادى بس ازاى والمجتمع رافضنى» ألقت غادة بعد هذه الكلمات بالمسئولية على عائق اسرتها »كانوا بيخترعوا عراقيل لو فى حد اتقدملى، هو فعلا مافيش انسان كامل بس انا مش هاجيب عريس تفصيل، ودلوقتى انا فى انتظار قدرى اما دار مسنين او منزل كله مهانة وذل«. أسرتها كانت المشكلة الرئيسية لديها قبل أن تشتكى ظلم المجتمع كله، عانت من رفضهم الدائم لكل من يتقدم لها ، ورؤيتهم له بعدم قدرتها على الأمومة »زوجة اخى قالت لى حرام عليكى انت لو خلفتى هاتظلمى ابنك ومش هاتقدرى تربيه»، وأكدت انها تعانى اكثر من البنت الطبيعية التى لم تتزوج، فالمشاعر والاحساس واحد ولكن يضاف الى المعاقة اعاقتها ونظرة المجتمع لها «آدميتى تصنف بشكل مختلف، ومن حولى داسوا على أمومتى وإنسانيتى، ما ذنبى أنا فى إعاقة كتبها الله علي». ورغم أن العائق امام غادة كواحدة من ذوى الاعاقات هو أسرتها، الا ان هناك الكثيرين كما قالت غادة من المعاقين تزوجوا وعاشوا حياة كغيرهم من البشر بسبب وجودهم فى أسر تقبلهم وتتجاوب معهم وتعى جيدا أن لهم الحق فى الحياة، خاصة فى ان تتوج البنت لتكون أما فهذه غريزة لايمكن تجاهلها » الإعاقة مش هى السبب الاساسى« ولفتت غادة الى ان مشكلة الزواج بين ذوى الإعاقة غالبا ما تواجه البنت وليس الشاب الذى يكون له الحق فى الزواج دون اعتراض من المجتمع، وكثيرا ما يتزوج من بنت من غير ذوى الإعاقة وليست ذات إعاقة، اما البنت فتعانى نفسيا بسبب هذه المشكلة خاصة فى الأرياف والذين يعتبرونها عاراً لايجب ان يراها أحد. »تسليط الضوء على المشكلة هو بداية حلها« هذا هو بداية الطريق كما رأته غادة، موضحة أن الحديث عن ذوى الإعاقة دائما يكون حول التعليم والإسكان والصحة والعمل، ولم يلتفت أحد الى ان مشكلة الزواج هى أساس الحياة والتى عليها يبنى كل هذا، ولابد من عرض نماذج ناجحة للمرأة المعاقة المتزوجة لإثبات قدرتها على تحمل مسئولية أسرة. وتقول هدى الفيل حلم الأمومة يراود كل فتاة منذ الصغر ولا أنكر أننى بذلت مجهودا نفسيا لاتناسى هذا الحلم وإن صح التعبير هذه الغريزة الموجودة لدى كل فتاة . أتذكر أننى فى طفولتى كنت محبة للعرائس وكيف كنت أرعاها واهتم بها واناديهم باسمائهم التى اطلقتها عليهم مثل باقي الفتيات فى مثل سني ,كما كنت أحكي لأمي كيف سيكون لدى الكثير من الأطفال كنت اقول لها ذلك ببراءة طفلة لم يلوثها معتقدات مجتمع مهترئ انسانيا . وبعدما كبرت كان لدى من الأحلام الكثير التى قتلها بداخلى المجتمع فأدركت ان حلم الزواج والأمومة بالنسبة لفتاة معاقة ما هو إلا درب من دروب الخيال لا وجود له على أرض الواقع أدركت اننى أعيش فى مجتمع يرفض على الفتاة المعاقة أبسط حقوقها وهى أن تكون زوجة وأم مثلها مثل باقي الفتيات بل الأكثر من ذلك أنه لا يشعر أحد بمعاناتها اذا ماتأخر هذا الحلم او حرمت منه . يجب أن ننظر إلى الفتيات المعاقات ككائنات إنسانية فعلينا أن نسعى إلى أن يتقبل المجتمع الإعاقة خصوصا فيما يتعلق بأهم الأمور في حياة وواقع الإنسان وهو (الزواج) واقصد به زواج الفتاة المعاقة من إنسان سليم خصوصا أن ذوي الحاجات الخاصة باختلاف درجاتهم ونوعية إعاقتهم لا يختلف عن أي أحد من الأصحاء في مشاعره كإنسان وما يعطيه الزواج له من استقرار نفسي وتحقيق طموحه بأن يكون له أطفال. فالفتاة هى الفتاة سواء كانت معاقة أم لا وتضيف ش. انا بنت معاقة وعندى 25 سنة كان نفسي زى اى بنت بتحلم بالشخص اللى هايحبها ويتجوزها وتخلف منه طفلاً يقولها ياماما بس طبعا مجتمعنا وبالذات أهلى وبالاخص ماما شايفه انه ده مش من حقى لانى معاقة و الناس شايفه المعاقة لا يحق ليها الجواز إلا من شخص مثلها رغم انى بحلم بغير كده معرفش هما صح ولا انا اللى غلط وفى الآخر ارجع واقول الحمد لله ع اللى ربنا كاتبهولى. واكتشفت أنى بنت ملهاش مشاعر وماينفعش تحب أو تتحب وترى إيمان مراد أنها ستكون أماً ومجنونة بأولادها. فتقول حلم الامومة يراودنى منذ طفولتى ولم تمنعنى اعاقتى من الحلم فأنا مارست الامومة منذ اكتر من 10 سنوات فأولاد أشقائى ينادوننى ب (ماما) فهذا الحلم ولد معى منذ طفولتى مضيفة أن المجتمع وثقافته له دور فى القضاء على حلم الأمومة لدى الغالبية من البنات من ذات الإعاقة. لأن المجتمع ينظر للمراة المعاقة على انها غير قادرة على تحقيق الوفاء بمتطلبات هذا الحلم وكأننا نصف إنسان. وعلى فكرة لما أخلف هاكون صديقة لأولادى وسأعمل على تربيتهم وعلى الديمقراطية واحترام وجهات النظر المختلفة وقبول الآخر وأن المبادئ لا تتجزأ وترجع سبب عدم تحقيق الحلم للكثير من البنات من وجهة نظرها الى نظرة المجتمع. وتقول أسماء محمد محامية (35سنة) أنا بنت ذي اي بنت نفسي اكون أم ربنا مرزقنيش بالزواج لحد الآن طبعا كل شئ نصيب بس ساعات اسأل نفسي إيه السبب هل لأنه عندي اعاقة رغم انها مش ظاهرة قوي ولا ايه السبب اهلي الحمد لله ناس متفاهمين نفسهم ربنا يرزقني الزوج الصالح عمري 35 عام واللي اتقدمولي يتعدوا علي اصابع اليد وكانت ناس مش مناسبة من جميع النواحي طول عمري بحس أن عمرى ماحكون أم مش عارفة ليه رغم اني بحب الأطفال وبدعي ربي يرزقني الزوح الصالح والذرية الصالحة. طبعا لو سألتوني عن السبب حقول مش عارفة هل فيا ولا فى المجتمع انا بنت عادية فى الجمال وطموحاتى كلها اشياء عادية مش بطلب المستحيل بس برجع واقول نصيب ولسه ربنا مبعتهوليش بتمني اتجوز ويرزقني ربنا زوج صالح يعوضني عن كل شئ ويرزقني بأطفال اديهم كل الحب والحنان اللي عندي واوفر لهم كل شئ يخليهم افراد ناجحة فى مجتمعهم. وتشير أمينة عبدالرحمن عطيفى (24سنة) حلم الأمومة غريزة عند كل فتاة سواء كانت معاقه أم لا عندما تحلم الفتاة المعاقه بأن تكون أم يأتى فى داخلها صراع من القلق والخوف من نظرة المجتمع وتحمل المسئولية هل تقدر أن تكون أم وترعى طفلها الرعاية الكاملة وهل يفخر ابنى بكونى معاقة عندما أذهب معه إلى المدرسة ويرانى أصدقاؤه كثيرا من التساؤلات فى ذهنى وماذا لو طفلى معاق مثلي وكانت معاناته مثل معاناتى ولكن عندما أنظر إلى نفسى أقدر أن اتخطى هذه الصعوبات بتعليمى وثقافتى واغير نظرة المجتمع تجاهى فأنا أرى كثيرا من الأمهات المعاقات ناجحات ونموذج مشرفاً للأم المثالية التى ترعى أبناءها وزوجها رغم اعاقتهاولكن هناك كثير من العوائق بالنسبة للفتاة المعاقة قد تخاف الفتاة المعاقة أن تصبح »عانس« وأن الفكر المترسخ لديها من المحيطين والمجتمع بأنها لا تصلح للزواج ولا تحمل المسئولية ولا تقدر على الإنجاب بأن تربى ابنها وكيف تحمل ابنها بين ذراعيها واذا شعر الطفل بالمرض فجأة ماذا تفعل وزوجها كان غير متواجد بالمنزل واهتمامها بنظافة الطفل وزوجها واهتمامها بالبيت وعندما تنظر الفتاة المعاقة بواقعية تجد أن حلم الزواج محصور فى أن يتزوجها رجل كبير في السن أو أحد أقاربها أو شخص معاق مثلها رغم أنها كانت تتمنى أن تحب وتختار شريك حياتها مثل الفتيات الآخريات. بحلم منذ صغرى ومعى لعبتى وهى العروسة المفضلة لدى أن أكون أماً وشعرت بأن الحلم بسيط ومع الوقت أدركت أنها أحلام اليقظة فالحلم في الوقت الحالى أصبح كبوساً وان اعاقتى أحالت دون تحقيق حلمى ولكن ما يصبرنى أنها مسألة قدرية وإذا اراد الله ذلك فسوف ينفذ واتخيل نفسى وقتها أنى أعيش. أسعد لحظات حياتى مع ابنى أو بناتى أن يكون لهم حياة فيها عدالة وكرامة وإنسانية واتمنى أن أعلمهم كل معانى الحياة الجميلة مهما وجدوا من صعاب وأهمها الإحساس بآلام الآخرين وكيفية تقديم