يعتبر الزواج فى مجتمعنا حلم كل فتاة بصفة عامة، وحلما كبيرا للفتاة المعاقة بصفة خاصة، ولكن المجتمع بفكره المحدود يقف حائلا بينها وبين تحقيق حلمها المشروع فى الارتباط بفتى أحلامها, وبالرغم من أن قوانين الأحوال المدنية أعطتها هذا الحق - باستثناء أصحاب الإعاقات العقلية - والشريعة الإسلامية منحتهم حق الزواج، إلا أن الجهل المجتمعى يقف بالمرصاد لسلب هذا الحق. على الرغم من أن دار الإفتاء المصرية أقرت عام 2005فتوى تسمح لذوى الإعاقة الذهنية البسيطة بالزواج، ونصح أغلب الأطباء بعدم زواج أصحاب إعاقات التخلف العقلى والشلل الدماغى والتشوهات الخلقية كالمنغولى, وسمحوا بزواج الإعاقات الحركية والبصرية والسمعية بعد الرجوع إلى حكم الطبيب حول كون الإعاقة وراثية أم مكتسبة. عقبات مجتمعية إذا نظرنا إلى حكم المجتمع على هذه الفئة نجده فى منتهى القسوة، حيث ينسى أن الفتاة هى فى المقام الأول إنسانة ويصادر حقها فى الحياة لا لشئ غير أنها «بليت» بإعاقة لا ذنب لها فيها، ويتجسد ذلك فى رفض الأهل زواج أبنتهم بحجة عدم قدرتها على إدارة شئون منزلها حتى ولو كانت تعاونهم فى المنزل، ولذلك يسعون إلى خلق أعذار لرفض كل من يتقدم إلى خطبتها, وفى بعض الأحيان يكون الخوف نابع من الفتاة ذاتها وشعورها بأن المجتمع ينظر لها نظرة شفقة وعطف فقط ولكنه لا يعتبرها إنسان له كامل الحقوق والوجبات، لذا تقرر أن تنعزل وتكبت كل ما لديها من مشاعر وأحاسيس فطرية خوفا من رد فعل المجتمع مما يجعلها فريسة للمرض النفسى فى كثير من الأحيان. ومن أهم المعوقات التى ترتكز عليها هذه القضية هى انتشار البطالة بين الشباب متحدى الإعاقة نتيجة عدم تطبيق قانون ال 5%. لذلك فالمجتمع يقع عليه دورا كبيرا تجاه ذوى الإعاقة، أولها الاعتراف بأن الفتاة المعاقة إنسانة لها الحق أن تكون زوجة وأما ولا يجوز الحكم عليها بالفشل مسبقا، بل يجب مساعدتها من خلال مراكز تأهيل تعرفها مفهوم الزواج والأسرة ومسئوليات الأمومة وأيضا يتم تأهيل أسرهن كى تساعدهم على اجتياز هذه المرحلة من حياتهم بنجاح, وثانيا، يجيب توفير دخل مناسب لغير القادرين على العمل منهم يضمن لهم حياة آدمية كريمة وهذا من شأن «المجلس القومى لشئون الإعاقة «حيث عليه التوجه للجهات المسئولة كى يوفر هذا المطلب لذوى الإعاقة. نماذج نجاح رغم كل هذه التحديات التى تواجه زواج الفتيات ذوات الإعاقة إلا أن أرض الواقع مليئة بنماذج استطاعت أن تتحدى ظروفها وتحقق حلم الزواج منهم على سبيل المثال لا الحصر، نبيلة رضوان المصابة بضمور عضلات رباعى منذ أن كان عمرها عشر سنوات وظلت حبيسة أربعة جدران طيلة عمرها إلى أن حصلت على كرسى متحرك من أحدى الجمعيات فعملت مدرسة نشاط فى أحدى مدارس محافظة الشرقية وتطوعت للمشاركة فى أحدى الجمعيات لتخدم قضايا ذوى الإعاقة ووسط ذلك تعرفت على عزوز عبد العزير المصاب أيضا بضمور رباعى فى العضلات مثلها وجمعت بينهم علاقة مبنية على الاحترام المتبادل، تطورت مع الأيام حتى قررا الزواج، ولكنهم صدموا برفض أسريتهما بحجة توقعهم فشل هذا الزواج، ولكنهم تمسكا يبعضهم البعض مما جعل الأهل يعلنون خطبتهم، ولم تمر فترة الخطوبة بسلام، ولكنها كانت مليئة بمحاولات عرقلة الارتباط إلى أن تزوجا منذ أكثر من عام ويعيشان حياة سعيدة. أما الدكتور ماهر سعيد 56عامآ كفيف، متزوج منذ أكثر من ثلاثون عاما من سيدة كفيفة أيضا ولأنه من أسرة على قدر من الوعى والثقافة لم يواجه قراره بالزواج رفض من الأهل بل على العكس ساعده الجميع إلى أن يتزوج وعاش حياة طبيعية مثل أى زوجين ورزقا بأربعة أبناء أصحاء التحقوا جميعا بالتعليم العالى وكانوا لهم قرة أعين وعون فى الحياة حيث أصبحا يعتمدان عليهم فى بعض أمور المنزل لذلك يرى الدكتور ماهر أن ذوى الإعاقة رغم ظروفهم الصحية إلا أنهم عندما يقررون العيش مثل أى إنسان يفعلون. وهناك نموذج أخر مختلف بعض الشئ حيث جمع الحب بين قلب فتاة ليس معاقة وبين شاب يعانى من إعاقة حركية، ورغم ذلك وجدت فارس أحلامها، ولكن أسرتها رفضت بشدة، وبعد محاولات بعض المقربين بإقناعهم وافق الأب على «مضض» واضعا فى حسبانه أن هذا الموضوع لن يتعدى كونه فترة خطوبة فقط وسوف تفشل ولا تنتهى بالزواج لذا لم يترك فرصة إلا وخلق فيها عراقيل أمام العريس حتى يفرق بينة وبين أبنته بحجة فشل الزواج بسبب إعاقته وفى النهاية لم تنجح محاولات وانتهى الأمر بزواجهما الذى أسفر عن ثلاثة أبناء يتمتعون بكامل الصحة والعافية.