من الواضح أن تهديد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية لمدينة كوباني الكردية السورية جاء بمثابة إختبارا مبكرا لمدى صمود الاستراتيجية العسكرية للتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة والتي لا تستطيع في الوقت الراهن تغيير الوضع على الأرض في سوريا. ففي الوقت الذى اجتمع فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما مع كبار القادة العسكريين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) الأربعاء سعت إدارته إلى خفض سقف التوقعات لما يمكن أن تحققه الضربات الجوية التي تقودها واشنطن في الحرب السورية وأقرت الادارة بأن مدينة كوباني قد تسقط في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية خلال الأيام القادمة. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن سقوط المدينة لن يمثل هزيمة استراتيجية فى حين أكد مسؤولون آخرون أن تركيز الحملة ما زال على العراق وأن الهدف من الضربات الجوية في سوريا هو إضعاف الدولة الإسلامية في العراق في باديء الأمر ثم تدميرها كلية في نهاية المطاف على المدى البعيد في كلا البلدين. وتتطلب تلك الاستراتيجية أن يتحلى الغرب بالصبر لكن هذا الصبر يضعف مع كل خبر يرد عن الاعمال الوحشية لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية والانتصارات العسكرية للجهاديين أو الفيديوهات التي تصور ذبح رهائن أميركيين أو بريطانيين. وقال باك ماكيون رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي "الأدلة تتزايد على ان نهج (العراق أولا) المتركز على الضربات الجوية لا يضعف تنظيم الدولة الإسلامية فهم يستخدمون الملاذ السوري من كوباني إلى بغداد لتحقيق مكاسب." وقال سونر كاجابتاي من برنامج الابحاث التركية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية سيسيطرون في حالة سقوط كوباني على أكثر من نصف حدود سوريا التي تمتد لمسافة 820 كيلومترا مع تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والتي قد تواجه ايضا المزيد من الاضطرابات المدنية بسبب عدم تدخل انقرة. وأضاف كاجابتاي أن أي انتصار لتنظيم الدولة الإسلامية في كوباني قد يؤدي إلى تعرض الأكراد لأعمال وحشية على نطاق أوسع على الأرض مضيفا "اذا سقطت كوباني فإن الصور التي سترد من هناك ستكون مروعة للغاية. وقال البنتاجون إن ثمة حدود لما يمكن أن تحققه الضربات الجوية في سوريا قبل أن تتمكن قوات المعارضة السورية المعتدلة المدعومة من الغرب من اكتساب القوة الكافية لصد تنظيم الدولة واستبعد أوباما إرسال قوات أميركية في مهام قتالية هناك. ويعتقد خبراء عسكريون أنه يجب على المجتمع الدولي تقبل وقوع انتكاسات من حين لاخر في سوريا على الأقل إلى ان تتمكن تلك القوات المدعومة من الغرب من التحرك على الأرض. ويقول البنتاجون إن هذا يتناسب حتى الان مع استراتيجيته التي تهدف إلى منع تنظيم الدولة الإسلامية من استخدام سوريا "كمقر" أو نوع من الملاذ لإعادة التزود بالامدادات والأموال وقيادة القوات العاملة في العراق. لكن العملية لا تسير بسلاسة حتى في العراق. وهذا رغم وجود قوات عسكرية أميركية تقدم النصح للقوات العراقية والكردية وتوسيع نطاق الضربات الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة لتشمل استخدام طائرات هليكوبتر من طراز اباتشي وهو ما يعرض القوات الأميركية لمزيد من الأخطار من المضادات الأرضية. وقال جنرال أمريكى "نعرف أن تنظيم الدولة سيواصل الاستيلاء على الأراض وانهم سيستمرون في الاستيلاء على قرى وبلدات ومدن." واستطرد "لذا فعندما نصل إلى هناك ونقول إنه سيكون صراعا طويلا وسيكون صعبا وعندما نستيقظ هنا ونقول إن القوة الجوية ...لن تكون كافية لحسم الأمر فنحن نعني هذا حقا."