مازال الحديث متصلا عن الجيل الرابع من الحروب ، بعد ان بيَّنا الاجيال الثلاثة السابقة وعرضنا لاهداف هذا الجيل وادواته التي حصرناها فى اختيار حليف وطني يروج لها اعلام عام او خاص او الكتروني وتساعده فى ذلك دبلوماسية دولية نشطة فيما يعرف بسياسة اصطياد الدول فى الوقت الذي يمارس فيه الارهاب الاسود بأنواعه واشكاله المختلفة علي أرض الدولة محل الاختيار، وبات الآن من المعلوم للكافة ان هذا الجيل من الحروب هو ما اتبعته الولاياتالمتحدةالامريكية صانعة هذه السياسة لتقسيم دول الشرق الاوسط تحقيقا لاهدافها فى المنطقة فيما عرف بالشرق الاوسط الجديد ،والذى اصبح الآن موضع شك كبير بعد ثورة الشعب المصري العظيمة فى 30 يونيه، ففي مصر علي سبيل المثال كما فى غيرها من الدول مثل تونس وليبيا وسوريا اصطفت واشنطن فصيلا سياسيا معينا طامحا ومتعطشا للسلطة والوصول الي سدة الحكم بأي وسيلة ،والحقيقة ان انتقاء الولاياتالمتحدة- فى النموذج المصري علي الاقل- لم يقف عند اختيار حليف واحد تتفق رؤاه مع الرؤي الامريكية لمستقبل المنطقة فهذا ليس شرطا من شروطها ،لكن الشرط الاساسي ان يتمتع بظهير شعبي وقوة تأثير ونفوذ فضلا عن حسن التنظيم والادارة والقدرة علي التنفيذ ، فكان اختيار جماعة الاخوان اختيارا موفقا ، حيث اتحدث وتوافقت المصلحتان في نقطة ، وهي هدم الدولة بأركانها ومؤسساتها الاساسية ،واختلفت فى نقاط اخري ، فيخطئ من يظن ان الولاياتالمتحدة كانت تتفق مع توجه جماعات الاسلام السياسي فى مشروعهم الكبير ، سواء بالدعم او التشجيع او التنفيذ فضلا عن التمويل ، لكن البدايات كانت ولاشك متفقة بين الجانبين وهي من المنظور الامريكي تقسيم كبريات الدول فى المنطقة الي كينونات صغيرة يمكن السيطرة عليها والتحكم فيها ، ومن منظور جماعات الاسلام السياسي هي تذويب الدولة في مشروعهم الكبير وهو اقامة دولة الخلافة ، وبهذا يكون القضاء علي اركان الدولة بشكل او آخر هو الهدف المشترك علي الاقل في مراحله الاولي بين الجانبين ، وكان ذلك واضحا تماما من خلال اسلوب الممارسة السياسية التي انتهجتها جماعة الاخوان بعد صعودها الي سدة الحكم وسيطرتها علي المجالس النيابية فى الدولة فسعت سعيا حثيثا الي ماعرف وشاع وقتذاك بمحاولة السيطرة علي مفاصل الدولة ، فكانت الحملات متتالية علي الشرطة والقضاء والاعلام ، بعد ان آل الحكم المحلي في معظمه الي اعضاء الجماعة ، في حين ان المشروع التي ارادت جماعة الاخوان ان تذيب الدولة فيه ، وهو المشروع الاسلامي لم تظهر له بادرة واحدة حتي الآن .والمتابع لمجريات الامور يستطيع ان يدرك ان باقي ادوات الجيل الرابع من الحروب كانت تعمل معاً فى الوقت ذاته ،فدارت الآلة الاعلامية في فلك سياسة الاسلام السياسي ودارت السياسة الخارجية في نفس الاطار، بعيدا عن السياسة الرسمية حيث مورست سياسة خارجيه موازية لسياسة الدولة احيانا ومتعارضة مع المصلحة العامة احيانا اخري تحت ادارة مستشار الرئيس للشئون الخارجية ، ولم يتوقف اي من مظاهر العنف والقتل والهدم والترويع والتخويف والفرز والتصنيف ليدور بذلك دولاب العمل بأدواته كاملة غير منقوصة لتهيئة المناخ - فيما يبدو - لقبول ماهو آت ،غير ان الذي أتي كان 30 يونيه لتنتهي بذلك احلام وخيالات لم تتهيأ لقبولها أنفس . لم يكن اختيار واشنطن جماعة الاخوان وحدهم كحليف اقليمي ،ولكن كان من بين الخيارات الاخري منظمات المجتمع المدني التي كانت تتلقي اموالا من الخارج لتعمل علي تحقيق اجندات خاصة ايضا اولئك الذين تم تدريبهم في صربيا وقطر علي كيفية تنظيم الثورات وحشد الجماهير وتهيئة الرأي العام لقلب نظام الحكم ،.وتم تقديمهم للمجتمع عبر وسائل الاعلام التي- لم تغب عن المشهد- بأنهم نشطاء سياسيون ، كل هؤلاء واولئك كانوا يعملون لتحقيق ذات الهدف وبلوغ نفس الغاية، علموا بذلك ام لم يعلموا ليست هذه هي القضية مادامت الاموال تتدفق وخطط الهدم تحاك وتدبر .