افتتح الفنان مصطفى حسين نقيب التشكيليين معرض الفنانة حياة النفوس وذلك بقاعة الفنون التشكيلية في نقابة التشكيليين بالأوبرا, الذي ضم ما يربو على بضع وثلاثون لوحة. محيط : رهام محمود بدأت حياتها الفنية برسم الأميرة فوزية مع شاه إيران وذلك بمناسبة زواجهما, وقد رسمت الفنانة الصغيرة هذه اللوحة بالفحم وهي لاتزال تلميذة في مدرسة الأميرة فوزية, وكانت من قبل في مدرسة "عباس روضة وإبتدائي", تلك المدارس التي ساعدتها في بلورة موهبتها منذ الصغر, فحياة النفوس نشأت في مناخ أسري يتسم بالحميمية, والاهتمام بالثقافة والفنون بصفة عامة سواء الموسيقى أو الشعر أو الرسم. كانت التلميذة تشترك في حفلات الأوبرا والرقص الإيقاعي في حضور الأميرات وبفضل السيدة أنصاف سري حرم منصور باشا فهمي, وقد حصلت الفنانة في عهدها على جائزة الشوقيات "الأجزاء الثلاثة" لأمير الشعراء أحمد شوقي من خلال مسابقة في الشعر. شغل أبيها منصب رئيس قلم بمصلحة الأملاك المقررة في ذلك الوقت وكان له ذوق فني بالألوان والإكسسوارات التي يقتنيها سنويا عند زيارته لفلسطين, وكانت والدتها تتعامل مع مصممي الأزياء الفرنسيين التي تتعامل معهم أم كلثوم في ذاك الوقت, فكانت النفوس ترتدي أفخر الثياب, أما أخيها الأكبر فقد كان عضوا بارزا في حزب الوفد, يقود مظاهرات كبيرة ضد الإحتلال. سمعت الفنانة النفوس لنصيحة أساتذتها بعد تخرجها من المدرسة والتحقت بالمعهد العالي للفنون الجميلة ببولاق, وفي الأجازات الصيفية كانت ترسم صورا شخصية لأقاربها وأصدقائها واخواتها الصغار, وذلك في تلك المرحلة المفعمة بالحركة والحيوية والنشاط, ثم بدأت الفنانة تأكيد موهبتها المتاصلة فالتقت برائدات المعهد على رأسهم الفنانة القديرة زينب عبده عميدة المعهد, والفنانة الأنجليزية "راينز, ورايس, وعياد" ، حتى استطاعت أن تسخر فرشتها وألوانها بإقتدار للتعبير عن موضوعاتها المتمثلة في الطبيعة المصرية من الريف والوجوه السمراء ونهر النيل الذي كان له أثر كبير في إبداعاتها , وكذلك الأماكن التاريخية العتيقة مستخدمة مختلف الخامات مثل الزيت والأكواريل والحبر الشيني والباستيل وأقلام الرصاص... سافرت حياة النفوس في رحلة إلى جنوبالوادي على الحدود المصرية السودانية عام 1949, والتقت بقبائل "البشارية" التي تعتبر من معالم القبائل القديمة المميزة بالنوبة, رسمت هناك وجوه ثلاثة رجال من هذه القبيلة, كما ذهبت الفنانة في رحلة نيلية إلى السودان ورسمت فيها معالم مدينة الخرطوم. ترجعنا حياة النفوس بهذا المعرض إلى زمن الفن الجميل, الذي تناولت فيه بيئتها ببراعة وحرفية عالية, فلوحاتها الطبيعية تعكس إحساسها المرهف بالأماكن, وألوانها الرقيقة تشعرك بصدقها في الأداء, اقتنصت مشاهد مختلفة من البيئة, حيث نرى فتاة جالسه على مقعد تتناول الشاي في كافيتريا وهي مستغرقه في التفكير, تسير يجوارها عربة كارو. أما بورتريهاتها تمتعت بمذاقها الخاص, فهي تهتم بالتعبير عما بداخل أشخاصها, وتظهرهم برونق مميز ينبع من ألوانها الرقيقة, حيث أنها تميل لاستخدام الألوان الهادئة كالموف الرمانسي, والأصفر الأوكر الهاديء في لوحاتها. حصلت الفنانة على العديد من الجوائز والأوسمة الشرفية منها, دبلوم شرف من بينالي فينسيا بإيطاليا عام 1954, ومنحت شهادة تقدير في عيد العلم للتفوق, والجائزة الذهبية الثالثة من إتحاد الصناعة. كرمها الملك فاروق بمناسبة حصولها على دبلوم مع إجازة تدريس من المعهد, كما أرسل لها الرئيس السادات تلغراف شكر على تنمية الوعي القومي بين الطالبات.