البطالة ليس قدرا.. ولا بد من خلق فرص عمل للشباب التمويل المصرفى يرتكب جريمة.. ويجب إلغاء دعم الطاقة للرأسمالية الكبيرة نواجه مشكلة فى معايير العدالة الاجتماعية منذ منتصف السبعينيات انتقد الخبير الاقتصادى أحمد السيد النجار فى ندوته أمس بمعرض الكتاب بعنوان "الفقر والهوية" عدم وجود العدالة الاجتماعية فى مصر، وحذر من سلوك اقتصادى تنتهجه الحكومات المصرية لا يضع الفقراء فى اعتباراته، وهو ما قد يفقدهم بسهولة إحساسهم بالهوية. وأسهب رئيس مجلس إدارة الأهرام فى شرح الوضع الاقتصادى الراهن والسابق وقدم حلولا سحرية للخروج من الأزمة ووضع روشتة علاج لإنقاذ الموقف الصعب وتحدث عن دور الدولة فى تقديم يد العون لمواطنين من حقهم أن يعيشوا بكرامة داخل بلدهم. بدأ احمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام كلمته قائلاً أن الهوية المشتركة التى تجمع أى شعب تبدأ من هويات تجمع تكوينات بشرية، وأشار إلى أن تاريخ العالم بدأ بالأسرة ثم العائلات، حيث كان الفرد يأخذ احتياجاته فى إطار دخل الأسرة فالمعاق يحصل على ما يريد بدون انتاجية ولم يكن هناك حديث عن الفقر، إلى أن بدأ الانقسام الطبقى وقيام مجتمعات تحمل انقسامات مثل العشائر والقبائل وظهر الفقر نتيجة سيطرة الأقوى والأكثر تقدما فى التقنية، واستمر هذا الحال حتى الآن كنتاج للنظم الاقتصادية داخل فكرة القوى وسيطرة جماعة على موارد البلد. وإزاء هذا الانقسام وجد نوعين من الثقافة أولها تكريس الانقسام الطبقي وقبول الفقر باعتباره قدر وليس باعتبار ناتج من سوء السياسة والأداء فضلا عن استخدام رجال الدين فى الرضا بالفقر . وانتقد النجار نظام الأجور غير العادل وقال إنه يخلق طبقة صفوة وبالتالى لا بد من المعالجة بشكل اقتصادي وأخلاقي، فكلما قلت حصة الفقراء من الناتج يقل عدد الاقبال على الخدمات، فالعمل يحول الدخل إلى طلب فعال على السلع والخدمات، فتلبى الدولة الطلب وتدور منظومة العمل وتقل البطالة نتيجة دخول أفراد جدد لسوق العمل، حيث يتم مضاعفة الاستثمار كلما زاد دخل الفرد. وشدد النجار على أهمية تعديل نظام الضرائب وقال: لا بد أن يعفى الفقراء من الضرائب، وتزيد ضرائب الأغنياء، لإقامة مشروعات تفيد الفقراء ودعم الصحة والتعليم والسلع العينية، ووصف الدعم السلعي في مصر بال"مشوه" فالدعم الرئيسي موجه للأثرياء ويأخذ الفقراء حصة محدودة، ويمكن ضبط هذا الدعم ليحصل عليه الفقراء ومحدودي الدخل على حقهم فأصحاب المخابز مثلا يظنون أن دعم الخبز من حقهم والأثرياء يستخدمون هذا الخبز كأعلاف. وطالب النجار بإلغاء دعم الطاقة للرأسمالية الكبيرة المحلية والأجنبية، وقال إن ما تفعله شركات الأسمنت عملية نهب للمواطن، مشيرا إلى أن من يبيع بأسعار عالمية يجب أن يحصل على الطاقة بأسعارها العالمية ودول العالم كلها لا تدعم الطاقة وهذه الشركات تبيع الأسمنت بأكثر من 700 جنيه للطن وسعره فى الأسواق الدولية 500 جنيه فقط. الموضوع بالنسبة للدعم أن من يحصل عليه لا يستحقه، ونفس الأمر فى شركات الأسمدة يحصلون على الغاز بملاليم ويبيعون إنتاجه للفلاحين المصرين بالأسعار العالمية. وذكر أن مصر تدعم الطاقة ب128 مليار جنيه يذهب منها 28 مليار للفقراء والطبقة الوسطى، والغالبية للأثرياء ولا حق لهم لأنهم يبيعون منتجهم بسعر أعلى. وبالنسبة لدعم الخدمات الصحية تحدث عما أسماه بحقوق الفقراء فى الخدمات الصحية وقال: نحن خارج التاريخ وكذلك الأمر فى التعليم، وأضاف بأن الدستور الحالى حدد للصحة 3 % فأصبحنا بذلك بالكاد فى مصاف الدول الفقيرة، والنص الدستورى ملزم للحكومة وهو نص قاطع وبالتالى فإن الحكومة مجبرة على تخصيص هذه النسبة، ولفت إلى أننا نواجه مشكلة في معايير العدالة الاجتماعية منذ منتصف السبعينيات. كذلك هناك تفشي للفقر، يقابله ثراء فاحش،ووجود هذا الفقر يؤدى إلى ظواهر سلبية مثل الانتماء والهوية الجمعية، فكيف نتصور أن المواطن لديه شعورا بالانتماء وهو لا يحصل على حقوقه إن الأمر يؤدى إلى تطرف سياسى ودينى وجنائى. وعن معالجة الأمور المسببة للفقر، تقدم النجار بعدة حلول منها عمل اكتتاب عام وتقليد النموذج الصيني وإنشاء وزارة لجذب المستثمرين في الخارج، وإقامة حضانة صغيرة للمشروعات الصغيرة لإرشاد المستثمر وتقديم قروض ميسرة لا تزيد 2 فى المائة مع فترة سماح سنة لنحول مصر إلى ورشة عمل. واتهم أحمد السيد النجار التمويل المصرفي بأنه يرتكب جريمة فهو يشترى أذون وسندات الخزانة، من الدولة ويأخذ الودائع من المواطنين ولا علاقة له بالأداء العادل بينما دوره إقراض القطاع المتوسط. وقال إن ما سبق يخلق موجة من فرص العمل المتجددة ليخرج المواطنين من دائرة الفقر، وتحدث عن إجراء إصلاح جوهري وفوري لنظام الأجور بوضع حد أدنى مطلق للأجر للعاملين لدى الدولة والقطاع الخاص بحيث يكفى لحياة كريمة ويستجيب للمطالب المتواضعة للنقابات العمالية والمهنية ويتغير سنويا بنفس نسبة معدل التضخم المعلنة رسميا من الدولة، ووضع حد أقصى للأجر للعاملين لدى الدولة (15 أو20 مثل الحد الأدنى)، ووضع توصيف وظيفى ومهنى تحدد الأجور على أساسه بشكل متساو أو متقارب للعاملين لدى الدولة، على أن يقترن هذا الإصلاح لنظام الأجور بنظام صارم للثواب والعقاب لضمان قيام العاملين بواجباتهم الوظيفية وعدم استغلال وقت العمل فى أى شىء آخر. ولتحقيق إصلاح عجز الموازنة العامة للدولة لابد من إصلاح منظومة دعم مواد الطاقة والكهرباء، كما يقترح النجار بإبقاء الدعم للفقراء والطبقة الوسطى وللشركات كثيفة الاستخدام للعمالة والتى تبيع إنتاجها بأسعار تقل عن مستويات الأسعار العالمية، وبإزالته كليا عن الأثرياء والشركات التى تبيع إنتاجها بالأسعار العالمية أو بأعلى منها كما هو الحال بالنسبة لشركات الأسمدة والأسمنت والحديد والسيراميك والألومنيوم، مع البدء فورا فى برنامج لتحويل المخابز وسيارات النقل والحافلات الكبيرة والصغيرة للعمل بالغاز المدعوم بدلا من السولار المدعوم الذى يكلف الدولة نحو 40% من مخصصات دعم الطاقة، وهى عملية ستنقذ كتلة هائلة من دعم الطاقة. ويمكن تخصيص مبلغ الدعم المقرر للسولار لتمويل تقديم قروض ميسرة لملاك سيارات النقل والحافلات لتحويل سياراتهم للعمل بالغاز الرخيص. كما أن إصلاح الموازنة يتطلب تخفيض فائدة قروض الدولة من البنوك لمستويات مقبولة، وتخفيض مدفوعات الفائدة بناء على ذلك. كما أن الدولة يجب أن تعمل على تنشيط الإيرادات العامة، من خلال إصلاح النظام الضريبى ببناء نظام متعدد الشرائح وتصاعدى على دخل الأفراد وأرباح الشركات، بما يحقق العدالة الضريبية النسبية ويرفع الحصيلة الضريبية مع اتباع آليات محكمة لتحصيل الضرائب ومنع التهرب منها، كما ينبغى فرض ضرائب على الثروات الناضبة، وعلى رأسها النفط والغاز والذهب ومنتجات المحاجر، وفرض ضرائب على المكاسب الرأسمالية على غرار ما هو معمول به فى الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة والنامية والجاذبة للاستثمارات فضلا عن الإصلاح الجوهري وتقديم الدعم للفقراء.