أقالت الحكومة التركية نائب قائد قوة الشرطة الوطنية وهو أكبر ضابط يتم إبعاده في إطار حركة تطهير في صفوف الشرطة التي ترى السلطات أنها متأثرة بقوة بآراء رجل دين يتهمه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بالتآمر للسيطرة على مفاصل الدولة. ووفقا لما جاء على وكالة "رويترز" للأنباء فقد أرسل حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان مقترحات إلى البرلمان تهدف إلى منح حكومته مزيدا من الصلاحيات في تعيين القضاة وممثلي الادعاء. ويقول أردوغان إن القضاء والشرطة خاضعان لنفوذ حركة "خدمة" التي يتزعمها رجل الدين فتح الله كولن المقيم في الولاياتالمتحدة وإنهما دبرا لفتح تحقيقات فساد تعصف الآن بحكومته. وذكرت الشرطة التركية على موقعها على الإنترنت أن نائب قائد الشرطة الوطنية معمر بوجاك وقادة في أجهزة الشرطة المحلية من بينهم قائدا شرطة أنقرة وأزمير أبعدوا من مناصبهم الليلة الماضية. وأبعدت الحكومة المئات من رجال الشرطة عن مناصبهم ومن بينهم قادة كبار منذ الكشف عن فضيحة الفساد يوم 17 من ديسمبر كانون الاول واحتجاز العشرات ومنهم رجال اعمال مقربون من الحكومة وابناء ثلاثة وزراء. وذكرت وسائل إعلام انه تم استجواب عشرات أفرج عن غالبيتهم وظل في الحجز 24 شخصا من بينهم ابنا وزيرين. وهزت الفضيحة ثقة المستثمرين في تركيا قبل إجراء انتخابات محلية هذا العام وزادت القلق بشأن تراجع استقلال القضاء وهو أمر قد يضر على المدى البعيد بمحاولة أنقرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية عندما سئل في بروكسل عن هذه القضية "نحث تركيا كدولة مرشحة ملتزمة بالمعايير السياسية للانضمام على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان أن تُعالج مزاعم الفساد دونما إجحاف." ولم تعلن تفاصيل الاتهامات لكن تقارير صحفية تركية ذكرت نقلا عن وثائق النيابة العامة انها تتعلق بفساد في مشاريع عقارية وتجارة الذهب مع إيران. وكشفت القضية عن صدع عميق في المؤسسة السياسية وأضرت بثقة الأسواق ودفعت الليرة التركية الى مستويات متدنية. وحذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من أن "الضغوط على النزاهة المؤسسية" من بين العوامل التي قد تضعف التصنيف الائتماني لتركيا. وقالت وكالة موديز التي رفعت تصنيفها الائتماني لتركيا إلى درجة الاستثمار في مايو آيار الماضي إن المخاطر السياسية المحلية اخذت في الاعتبار بالفعل في تصنيفها وهو ما يشير إلى أنها لا تعتزم القيام بتغيير وشيك. واستمرار حالة عدم اليقين أو عدم الاستقرار في تركيا قد يشكل خطورة في المنطقة التي وسعت فيها أنقرة نفوذها تحت حكم اردوغان. ولتركيا حدود مع العراقوإيران وسوريا وتستضيف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين. ووصف اردوغان التحقيقات التي تشكل اكبر خطر على حكمه الممتد منذ 11 عاما بانها "انقلاب قضائي" تدعمه قوى خارجية. ويقول حلفاء رئيس الوزراء التركي ان تلك الاتهامات مختلقة. وقال زكريا أوز وهو ممثل ادعاء في اسطنبول قاد القضية في البداية لكن اعيد تكليفه انه تعرض لتهديد غير مباشر من اردوغان من خلال شخصين التقى بهما في فندق في إقليم بورصة. وقال انهما طلبا منه وقف التحقيق. وقال أوز في بيان نقلته وسائل الإعلام المحلية "قال الرجلان إن رئيس الوزراء غاضب مني وعلي أن أكتب له رسالة للاعتذار. وقالا إن التحقيقات ضد الحكومة ينبغي أن تتوقف على الفور وإلا فسأتعرض للأذى وستكون هناك عواقب وخيمة علي." ونفت مصادر بمكتب اردوغان بيان أوز وقالت إن رئيس الوزراء لم يرسل احدا لمقابلة ممثل الادعاء. وكشفت فضيحة الفساد الخلاف الممتد بين اردوغان وحركة خدمة التي تمارس نفوذها من خلال شبكة اتصالات مبنية على رعاية المدارس وغيرها من المنظمات الاجتماعية والإعلامية. ويتبادل الاثنان اتهامات التلاعب بالشرطة والقضاء وتهديد الاستقرار. ونفى كولن اي دور له في تحقيقات الفساد التي تكشفت قبل ثلاثة اشهر من انتخابات محلية ستكون اختبارا لشعبية اردوغان. ويقترح مشروع القانون الذي اعده الحزب الحاكم وأرسل الى البرلمان ونشر على الموقع الرسمي للمجلس على الإنترنت اجراء تغييرات في هيكل المجلس الأعلى للقضاة وممثلي الادعاء وهو الجهة المسؤولة عن التعيينات في الهيئات القضائية. ويوجه اردوغان انتقادات للمجلس منذ الإعلان عن فضيحة الفساد الشهر الماضي. ويسمح القانون المقترح بانتخاب وكيل وزارة العدل رئيسا للمجلس وهو ما سيزيد من سيطرة الحكومة على اختيار القضاة. وقال مصطفى سنتوب نائب رئيس الحزب الحاكم إن الهدف من مشروع القانون المقترح هو وقف "الهيكل الموازي" وهو التعبير الذي يستخدمه انصار اردوغان في الاشارة الى حركة خدمة. وقال لرويترز "نهدف إلى ضمان استقلال وحياد القضاء ومنع هيكل مواز يتشكل داخل المجلس الأعلى للقضاة وممثلي الادعاء من تحقيق أهداف سياسية من خلال القضاء هذه ليست محاولة للتدخل ضد سلطة قضائية مستقلة." لكن الخلاف يضر بالثقة في المؤسسات في تركيا. وقال تيموثي آش رئيس الأسواق الناشئة في بنك ستاندرد "كل هذا سيكون عائقا للاستثمار والنمو والتنمية وفي نفس الوقت سيؤثر على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي." وأضاف "هذه منحة لخصوم تركيا ومنتقديها في أوروبا."