تتكثف الاتصالات الدبلوماسية بين الدول العربية والغربية الأعضاء في "مجموعة أصدقاء سوريا" اليوم الاثنين في لندن وباريس، سعيا لإعداد أرضية متينة لمؤتمر جنيف-2 حول سوريا المحدد في 23 نوفمبر، ولتصعيد الضغوط على المعارضة السورية المترددة حول حضور المؤتمر. ويفترض أن يلتقي ويزر الخارجية الأميركي جون كيري اليوم الاثنين في باريس ممثلين عن جامعة الدول العربية تمهيدا لاجتماع "مجموعة أصدقاء سوريا" المقرر غدا الثلاثاء في لندن والذي ستشارك فيه المعارضة السورية. وكان الموفد الدولي الخاص إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أعلن أمس من القاهرة أن مؤتمر جنيف-2 الهادف إلى وضع حد لنزاع مستمر منذ أكثر من ثلاثين شهرا لا يمكن أن ينعقد "من دون معارضة مقنعة"، في إشارة إلى الانقسامات والتردد داخل صفوف المعارضة السورية، لا سيما حول مؤتمر جنيف. ووصل الإبراهيمي اليوم إلى العراق في إطار جولة إقليمية ستشمل هذا الأسبوع دمشق وطهران وتهدف إلى تعبيد الطريق أمام جنيف-2. وتحدث عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سمير نشار ردا على سؤال لوكالة فرانس برس اليوم عن "ضغط دولي" كبير على المجلس الوطني السوري، احد ابرز مكونات الائتلاف، لتغيير موقفه من مؤتمر جنيف، بعد أن أعلن انه لن يشارك في أي مفاوضات ما لم تضمن الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وارجأ الائتلاف اجتماعا كان مقررا غدا الثلاثاء في اسطنبول حتى مطلع نوفمبر بسبب مصادفته مع لقاء "مجموعة أصدقاء سوريا" في لندن والذي سيحضره رئيس الائتلاف احمد الجربا. وقال عضو الائتلاف سمير نشار لوكالة فرانس برس "تم إرجاء اجتماع الهيئة العامة والهيئة السياسية في الائتلاف حتى مطلع تشرين الثاني/نوفمبر". وكان موعد الاجتماع محددا في 22 و23 أكتوبر قبل تلقي الائتلاف دعوة لحضور اجتماع "مجموعة أصدقاء سوريا"، وعلى جدول أعماله التوصل الى موقف مشترك حول المشاركة في مؤتمر جنيف-2 الذي يفترض ان يجمع ممثلين عن النظام السوري والمعارضة وأطرافا دوليين بهدف التوصل إلى حل سياسي للازمة السورية. وقال نشار "من غير المنطقي إن تجتمع الهيئة السياسية في غياب رئيسها". وكان الجربا ابلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في سبتمبر استعداد الائتلاف للمشاركة في مؤتمر جنيف-2. إلا انه أوضح لاحقا أن هذه المشاركة مشروطة بحصول الائتلاف على "ضمانات ورعاية عربية وإسلامية لا سيما من السعودية وقطر وتركيا الداعمة للمعارضة، مشددا على رفض مشاركة إيران في عملية التفاوض. وتأتي التحضيرات لمؤتمر جنيف بعد صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يقضي بتفكيك الترسانة الكيميائية للنظام السوري، الأمر الذي وافق عليه النظام ويتعاون في تنفيذه بحسب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المشرفة على العملية. وقد عزز هذا التطور الذي تم برعاية روسية أميركية موقع النظام الذي عاد، ولو من باب تفكيك أسلحته المدمرة مفاوضا أساسيا للمجتمع الدولي. في المقابل، تجد المعارضة نفسها على التفكك ذاته، لا بل أسوأ، بعد إعلان عشرات الألوية والكتائب المقاتلة على الأرض انفصالها عنها، آخذة عليها انفصالها عن الأرض وعن حاجات المقاتلين وهمومهم. ميدانيا، نفذ الطيران الحربي السوري اليوم الاثنين غارات جوية على منطقة جنوب شرق دمشق كان مقاتلو المعارضة تمكنوا من السيطرة على موقع استراتيجي للقوات النظامية فيها خلال اليومين الماضيين، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد في بريد الكتروني "نفذ الطيران الحربي صباح اليوم أربع غارات على أطراف بلدة المليحة من جهة معمل تاميكو الذي سيطر عليه مقاتلون من الوية الحبيب المصطفى وكتائب شباب الهدى وجبهة النصرة يوم أمس". وكان انتحاري من جبهة النصرة فجر نفسه في سيارة السبت الماضي في حاجز تاميكو للقوات النظامية الواقع بين المليحة ومدينة جرمانا القريبة. وتلت ذلك اشتباكات عنيفة، وقتل في الانفجار والمعارك 16 عنصرا من قوات النظام، كما قتل في الاشتباكات 15 مقاتلا. وتمكن مقاتلو المعارضة من أحكام سيطرتهم على الحاجز، ثم سيطروا أمس على معمل تاميكو للادوية الذي كان عبارة عن موقع عسكري مهم. ومن شان الاستيلاء على الحاجز والمنطقة المحيطة أن يجعل مدينة جرمانا، احد أماكن ثقل النظام، "مكشوفة" أمام مقاتلي المعارضة. ويستمر التصعيد العسكري في مناطق عدة في سوريا حيث قتل خلال ثلاثين شهرا أكثر من 115 ألف شخصا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يعتمد على شبكة واسعة من المندوبين والناشطين والمصادر الطبية في كل سوريا.