عم جمال يروي قصة الفانوس أبو شمعة . المسحراتي أصابه الخوف من الأحداث فامتنع عن عمله . افرحوا يا بنات يالّا وهِيصوا .. رمضان أهو نوّر فوانيسه, يا حلاوة التين الله الله.. والقمر الدين الله الله, وأكياس النقل وقراطيسه .تذكرنا هذه الأغنية الشهيرة بقدوم رمضان، وأبرز معالمه "الفانوس" الذي اعتدنا على رؤيته في الشارع والحارة، للتعبير عن الفرحة العارمة لقدوم هذا الشهر العظيم، فالفانوس جزء أصيل من تراثنا المصري وهذا ما يدفعنا للاحتفاظ به بمنازلنا وشرائه كل عام . من جهتها قامت شبكة الإعلام العربية "محيط" بالتجول في محافظة سوهاج -إحدى محافظات جنوب مصر- للتعرف على تقاليدهم في رمضان، وقيمة الفانوس عندهم ومدى انتشاره وأنواعه، ولماذا اختفى المسحراتي هناك ؟ . أبو شمعة يقول عم جمال الشهير بأبو حسام -أشهر صانع فوانيس بمنطقة القيسارية بسوهاج- أنه ورث هذه المهنة عن والده، الذي عمل بصناعة الفانوس أبو شمعة ولمبة الجاز، التي كانت تضاء بها الشوارع والبيوت قديماً، قبل انتشار الكهرباء، مؤكدا أنه سيعلم ابنه حسام هذه المهنة لحبه لها لأنه تشعره بالشهر الكريم وأيام الخير، على الرغم من تراجع هذه الفرحة في ظل ما يحدث في مصر . وأوضح أن أشهر الفوانيس التي يقوم بصناعتها، شقة البطيخ، والشمامة، والبرج وهي كلها فوانيس بداخلها لمبة الكهرباء، وهي تعلق في بالكونات الشقق، وعن الفانوس أبو شمعة فأكد أنه أوشك على الانقراض، بعد أن كان منتشراً بكثرة في عهد اللواء عبد المنعم واصل، الذي تولي منصب محافظ سوهاج سنة 72 ، والذي لم تشهد سوهاج محافظاً بعده لتفتيشه الدائم، وارتدائه الجلباب وسط المواطنين. العودة إلي التراث و ذكر عم جمال، بأنه مع التطور يجري الطفل خلف الجديد، فمع ظهور الفانوس المزود بالأغاني "وحوي يا وحوي" و "رمضان جانا" انتشرت هذه الفوانيس ووجدت رواجا لحب الأطفال لها، لكن سرعان ما يعودون للفانوس الصاج أبو شمعة ولمبة الكهرباء لقلة تكلفته واستمراره لفترة الشهر الكريم، وهذه ليست طبيعة الطفل، بل طبيعة الشعب المصري الذي تعود على الجديد لكنه سرعان ما يعود لتراثه الأصلي. حساسية الموقف كما أوضح، أن الأحداث الجارية وحساسية المرحلة الانتقالية أثرت على إقبال الزبائن، وعلى الرغم أن منطقة القيسارية، أكثر ألاماكن ازدحاماً، إلا أن الناس تتوجس خيفة من الأحداث الجارية وما ينتج عنها من ارتفاع الأسعار، مما جعل المبيعات أقل عن السنوات الماضية الذي كان يباع فيها الفانوس الكبير بسعر 30 جنيه، والذي وصل في هذه الفترة ل 65 جنيه، وهذا يرجع لغلاء ثمن الصاج وصعوبة السفر للقاهرة للإتيان به في ظل الأحداث الجارية. تاريخ الفانوس عرفت مصر الفانوس في العهد الفاطمي عام 358 هجرية، أثناء دخول المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة في اليوم الخامس من رمضان، فخرج المصريون في موكب اشترك فيه الرجال والنساء والأطفال، على أطراف الصحراء الغربية من ناحية الجيزة للترحيب بالمعز واستقباله لأنه وصل ليلا، حاملين الفوانيس الملونة والمزينة لإضاءة الطريق له، ومن بعدها أصبحت الفوانيس تزين الشوارع طوال شهر رمضان لتصبح عادة يعتادها المواطنين تعبيرا عن الفرحة طوال الشهر الكريم. اختفاء المسحراتي اعتاد أبناء قرى بسوهاج سماع الفنان القدير سيد مكاوي في "مسحراتي منقراتي ..اصحي يا نايم وحد الدايم رمضان كريم، "وقول نويت بكرة أن حييت الشهر صايم والفجر قايم .. اصحي يا نايم وحد الرزاق" هذه النغمات التي كان يحب العديد سماع صداها في التلفزيون مع طبلة المسحراتي في سكون الليل في شهر رمضان الكريم، أمّا مع الانشغال بالصراع السياسي، والثورات، والأحداث الجارية، اختفت شخصية المسحراتي، ولم تظل إلا كلمات الملحن سيد مكاوي عالقة في نفوس الكبار، ولا يعرفها الصغار، ولم نري في القرى سوي النداء في المساجد في موعد السحور ب " قوموا إلي السحور يرحمكم الله"، واختفي المسحراتي الذي كان يجوب بعض المنازل بالقرى العام الماضي لإيقاظ المواطنين، وكان البعض يمنحه المال والآخر يمنحه الطعام. المسحراتي والسياسة في هذا السياق، ذكرت علياء احمد -ربة منزل- أن المسحراتي تراث مصري أصيل ولكنه انقرض بالقرى ولم يعد أحد يشعرنا بالطقوس الرمضانية، حتي الشوارع ذهبت منها الزينة مع الأجواء السياسية المتقلبة التي نعيشها . بينما رأي إسلام علي –عامل- بأن الأحداث الجارية ولدّت رعباً أثّر على مسحراتي القرية البسيط، الذي كان يوقظنا، ويلتف حوله الأطفال بطبلته ليحصل في ليلته علي طعامه خلال شهر رمضان الكريم .