ورود زاهية بكل ألوان الفرح تصطف في جنبات القاعة الأنيقة..أنواع مختلفة من الشيكولاته المبالغ في ثمنها وطرق تعبئتها الأنيقة تشي بهويتها ..زغاريد تعربد في الهواء من حناجر عفية أستُحدثت عليها صيحات مرحة لكنها أشبه بالصراخ فهذه هي الطريقة الحديثة في التعبير عن الفرح (أصل العروسه وأصحابها خريجي الجامعة الأمريكية ) لتنظرسيدات العائلة المتحفظات او (الدَقة القديمة) لهؤلاء الفتيات بدهشة ملقين عليهن إبتسامات (قلتها أحسن).. يقرئ المأذون العروسين والحضور ما يذكر في تلك المناسبة السعيدة وقد تخلى عن الشكل التراثي المرتبط بالأذهان وأصبح (شيخ مودرن)..تنتهي المراسم الجميلة وسط الضحكات وإلتقاط الصور والمقاطع المرحة لمحاولات مستميتة (لقَرص ركبة العروسة) من بنات اليومين دول( إللي تندب في عينهم رصاصة )يبدأ الجميع في الرحيل مع خطط واعدة لإستكمال طقوس الأحتفال في مكان معد مسبقا..تخفت الأصوات داخل القاعة شيئا فشيئا..وقد أنتشر العاملون بها في صمت لعمل دؤوب أعتادوا عليه من تنظيفها وإخفات أضوائها بشكل ميكانيكي..وكعادتي التي لن أشتريها نسيت شال كنت أحيط به كتفي فإلتفت عائدة بسرعة إلى القاعة الصاخبة منذ قليل لإلتقاطه..لتنتابني حالة لا أعرف كيف أصفها...فقد أختفت كل مظاهر الإحتفال..الورود المرحة..الإضائات المبهجة..الصخب الجميل..وبدت القاعة...حزينة..حزينة جدا..لا أعرف كيف شعرت بها وكأنها تبكي..أكاد أسمع أنينا ..وجوم إجتاحني.. ملك علي مشاعري..أثار شجوني.سلمني لمساحات من التأمل..بدورها ألقتني إلى رحاب من الفلسفة...وجدت نفسي أتلمس حوائطها التي كانت تشع طاقة من السعادة منذ قليل....لم أعرف تفسيرا لما ألم بي..تلح رنات متواصلة من المحمول _ذلك الرفيق الذي لا أعرف كيف كنا نعيش بدونه والذي ينتهك حرمة لحظات خصوصيتنا بلا خجل_.. أحاول الأنسحاب من القاعة ومن ذلك الأحساس الغريب..لا أستطيع..تأتيني الأجابة سريعا عندما تصطدم عيني بلوحة جديدة على باب القاعة..صورة لشاب في مقتبل العمر..وآية كريمة..(يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية) ...أدركت ما ألم بي وبالمكان في لحظة تواصل نادرة مع الأشياء..إنها طاقة حزن خفية مرسلة عبر الكون ....صامتة أعلنت عن نفسها في لحظات..بلغتني الرسالة..أطرقت قليلا إحتراما لحزن الوجود..أسكت محمولي اللحوح...ومضيت...إنها الحياة..