قال الدكتور محمود جبريل رئيس تحالف القوي الوطنية في ليبيا، إن العلاقات مع مصر تعد قضية أمن قومي مشترك بين البلدين الجارين.. مشيرا إلى أنه لا يجب تناول تلك العلاقة التاريخية بعيدا عن منظورها الإستراتيجي باعتبار أن كلا البلدين يمثل عمقا للآخر، لا يمكن القفز عليه أو تجاهله مهما توترت العلاقات مرحليا. وكشف محمود جبريل في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط خلال زيارة قام بها لمصر، أنه حاول خلال وجوده كرئيس للمجلس التنفيذي "رئيس الوزراء" إبان الثورة الليبية إقناع الجانب المصري بضرورة تطوير العلاقات ومساعدة ليبيا في تلك المرحلة الحاسمة، إلا أن المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد وقتها أكد صعوبة الأوضاع في مصر.. مؤكدا أن هذا حقه وأن العلاقات بين القاهرة وطرابلس متينة منذ عهود قديمة. وأعرب جبريل الذي يتزعم الأغلبية داخل المجلس الوطني "البرلمان" عن أمله في أن يكون التواجد المصري بليبيا قويا في كافة المجالات، بعد الثورة التي خلصت البلدين من أعتى النظم الديكتاتورية في المنطقة. وحول تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا، أوضح أن ما يدور في بلاده حاليا هو نتيجة طبيعية لمرحلة انتقالية أعقبت سقوط معمر القذافي، وأججته نتائج الانتخابات التي تمت في ظل عدم وجود لمؤسسات الدولة المعهودة بعد انهيار النظام السابق الذي أدى إلى انهيار الدولة بالكامل. ونوه إلى أن الحالة الليبية تختلف عما جرى في مصر، حيث حافظت مصر على مؤسساتها التقليدية رغم انهيار النظام نتيجة الثورة الشعبية، وذلك عكس ما جرى في ليبيا وهو ما أدى إلى تمكين الميليشيات التي تحمل السلاح من السيطرة على مقدرات الأمور. وأضاف أن النتائج التي أفرزتها الانتخابات وأدت إلى صعود التيارات الليبرالية على عكس رغبة باقي التيارات الأخرى، أطاحت بالمشهد الديمقراطي الذي مثلته الانتخابات، وتحولت الديمقراطية إلى عملية ورقية لأن نتائجها جاءت على عكس رغبة التيارات الإسلامية. وأعرب القيادي الليبي عن أسفه من تحول المسار الديمقراطي الذي كان يجب أن يعيد إنتاج الدولة الليبية بشكل مؤسساتي، موضحا أنه كان يجب أن تسير العملية الديمقراطية التي كرستها الانتخابات بشكل متوازي مع وجود دولة حقيقية وجيش قوى يحمي الديمقراطية. وقال الدكتور محمود جبريل إن هناك أطرافا في المشهد الليبي لا تقتنع بنتائج تلك الانتخابات التي لم تحقق منها المكسب المطلوب، فتساعد بشكل أو آخر على تأجيج الأوضاع ومنها التفجيرات التي شهدتها البلاد مؤخرا، مشيرا إلى أن تجربة الانتخابات كانت جديدة على لبيبا ولم يكن الليبيون مستعدون لها. وكان تحالف القوى المدنية الذي يرأسه جبريل والمحسوب على التيار المدني، قد حصل على غالبية أصوات الناخبين، ليحصد غالبية المقاعد المخصصة للأحزاب السياسة في الانتخابات العامة التي جرت في أنحاء ليبيا في 7 يوليو 2012. وحول أسباب عدم صعود التيار الديني في الانتخابات الليبية كغيرها من الانتخابات التي جرت في مصر وتونس، أكد جبريل أن ليبيا تختلف عن مصر وتونس، حيث لم يتدخل الدين في تلك الانتخابات، وكان الخيار على أساس الاقتناع بالبرامج الانتخابية. وشدد جبريل، على ضرورة أن يعمل الليبيون على التوافق فيما بينهم للعبور من تلك المرحلة الحرجة، والتي تمر بها البلدان عادة بعد الثورات والتغييرات الكبرى، مؤكدا أنه لا يليق أبدا أن يأتي من جاءت بهم الثورة بممارسات شبيهة بممارسات نظام القذافي بعد كل هذه التضحيات. وأضاف أن ليبيا يمكن أن تدفع ثمنا باهظا بسبب تصرفات بعض التيارات على الأرض، منوها في هذا الصدد إلى أن التصريحات الغربية الحالية تتنافى مع السيادة الليبية، خاصة التصريحات الأمريكية بشأن خطط تنفيذ عمليات عسكرية لاعتقال منفذي هجوم القنصلية في بنغازي. وكانت قنصلية الولاياتالمتحدةالأمريكية في بنغازي قد تعرضت في 11 سبتمبر من العام الماضي، لهجوم ردا على فيلم براءة المسلمين الذي أعتبر مسيئا لشخص النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" استعمل فيه المتظاهرون أسلحة نارية صغيرة وقنابل يدوية أدت إلى مقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنز واثنين من موظفي السفارة، بالإضافة إلى عشرة من رجال الشرطة الليبية. ونفى القيادي الليبي التصريحات المنسوبة له بشأن دعوته للناتو للتدخل من أجل القضاء على الميلشيات المنتشرة في ربوع البلاد، مؤكدا أنه كان يعارض التدخل الأجنبي أبان الثورة للقضاء على نظام القذافي إلا أن الظروف حالت إسقاط هذا النظام دون هذا التدخل. وحول قانون العزل السياسي الذي أقر مؤخرا من قبل المؤتمر الوطني الليبي " البرلمان"، قال رئيس تحالف القوى الوطنية أنه يعارض القانون من حيث الشكل والمضمون، إلا أنه رغم ذلك يجب احترام تطبيقه على أي شخص، كونه أقر من قبل أعضاء المؤتمر والذي يمثل أطياف الشعب الليبي. ويقضي القانون بإقصاء كل الأشخاص الذين تولوا مناصب مسؤولية منذ الأول من سبتمبر 1969، تاريخ الانقلاب الذي تولى به معمر القذافي الحكم وحتى سقوط نظامه في أكتوبر 2011، بعد نزاع دام ثمانية أشهر، من العمل السياسي، وهو ما يعنى إقصاء العديد من كبار المسئولين الحاليين، ومن بينهم رئيس الوزراء علي زيدان ورئيس المؤتمر الوطني محمد المقريف، اللذين عملا في السلك الدبلوماسي خلال حكم القذافي، قبل أن ينضما إلى الثورة. كما سيؤدي إلى استبعاد أربعة وزراء على الأقل ونحو 15 نائبا، بينهم نائب رئيس المؤتمر الوطني جمعة عتيقة. وحذر جبريل من أن هذا القانون ربما يعمل على تأجيج الأوضاع نتيجة لعدم ملائمته مع الظروف الراهنة، مؤكدا أن ليبيا تحتاج حاليا لقوانين تعمل على التوافق وليس التفريق. وأوضح أن حل الأزمة يكمن في أن يجلس قادة الثورة الحقيقيين للحوار، وأن العزل يجب أن يستهدف السلوكيات وليس الأشخاص، معربا عن قناعته بأن قانون العزل جاء لتصفية حسابات سياسية وأن هناك صراعا بين تيار يطالب بدولة مدنية وبين تيار آخر. وأضاف أن هناك مجموعة من المحامين المتخصصين يعدون العدة للطعن على قانون العزل السياسي الذي يطال مئات القيادات، وعزا ذلك إلى أن القانون تم إقراره تحت التهديد وهو ما يتنافي مع ضرورة توافر الإرادة الحرة لإقرار القوانين.