يسود الجدل السياسي في صفوف حزب "الإتحاد من أجل حركة شعبية" أكبر أحزاب اليمين الفرنسي المعارض بعد إعلان رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرانسوا فيون قراره الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة والمقررة في عام 2017. فالإعلان المفاجئ لفيون من خلال تصريحاته أمس الخميس بالعاصمة اليابانية في طوكيو أنه سيترشح للانتخابات الرئاسية في عام 2017 "مهما حدث" أحدث هزة في قلب الحزب اليميني وأعطى مؤشرات على إمكانية حدوث انشقاقات بالحزب الذي ينتمي إليه الرئيس السابق نيكولا ساركوزى قبيل انطلاق الانتخابات التمهيدية في داخل الحزب لاختيار مرشحه للرئاسية 2017. ويرى المحللون وكذلك الصحافة الفرنسية أن تصريحات فيون تبدو كرسالة موجهة إلى ساركوزي الذي يسرب من وقت لآخر عبر الدوائر المقربة له انه لا يستبعد إعادة ترشحه ممثلا عن اليمين في الانتخابات القادمة لإنقاذ فرنسا. وحاول فيه جيروم شارتيه المتحدث باسم رئيس الوزراء السابق أن يقلل من انعكاسات تصريحات فرانسوا فيون بشأن ترشحه قائلا في تصريحات إعلامية أن الأخير لم يؤكد ترشحه ولكنه أكد نيته الترشح للانتخابات التمهيدية للحزب لخوض غمار الانتخابات الرئاسية. أما جون فرانسوا كوبيه رئيس حزب "الإتحاد من أجل حركة شعبية" فقد كرر الدعوة إلى الهدوء (في صفوف الحزب اليميني) حيث أشار إلى انه "لا يوجد شيء جديد في كلام فرانسوا فيون". وأضاف كوبيه "إنه من الأمر الجيد التفكير في الفوز بالانتخابات الرئاسية 2017، ولكن لابد من التركيز (حاليا) على فوز اليمين في الانتخابات البلدية المقررة العام القادم 2014". أما في معسكر ساركوزى داخل الحزب اليميني فقد أشار إلى أن الرئيس الفرنسي السابق ألمح إلى انه لا يستطيع عرقلة رغبة رئيس الوزراء السابق للتحضير لحضور الانتخابات الرئاسية عام 2017. وتأتى هذه التصريحات لتنذر بغرق المعسكر اليميني في أزمة جديدة حيث أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزى قال وقبل نحو شهرين فقط انه لا يرغب في العودة لا حياة السياسة ولكنه قد يضطر لذلك من أجل مصلحة البلاد على ضوء تدهور الأوضاع لاسيما الاقتصادية منها. وأوضح ساركوزى - في حديث لأسبوعية "فالور أكتويل" الفرنسية - انه وللآسف تأتي أوقات لا يمكن للمرء أن يسأل فيها عما يرغب في القيام به أو عن اختياراته، كما أشار إلى انه قد يضطر للعودة مجددا إلى الحياة السياسية "ليس لأن هذا هو اختياري إنما لأن هذا هو واجبي" تجاه فرنسا. وأعرب الرئيس الفرنسي السابق عن انزعاجه من الطريقة التي يتم التعامل معه بها خاصة من خلال استجوابه مؤخرا لمدة 13 ساعة متواصلة في قضية ما يطلق عليها "بيتانكور" المتعلقة بتمويل حملته الانتخابية الرئاسية في عام 2007 وكذلك الطريقة التي تعامل بها زوجته (كارلا برونى ساركوزى) "التي حرمت من الغناء لمدة خمس سنوات". واعتبر ساركوزى حينها انه "لن يكون الأمر سهلا.. أن يصل إلى مقاليد الحكم في البلاد بعد تولى التيار الاشتراكي خاصة مع تدهور الأوضاع سياسيا واقتصاديا". مؤكدا في الوقت نفسه أن خليفته الرئيس الحالي أولاند "كسر كل ما كنت قد تمكنت من إقامته من إنجازات مع انجيلا ميركل" المستشارة الألمانية. معتبرا أن فرنسا ماضية في مواجهة أحداث حاسمة "وسيكون هناك أزمة اجتماعية" بخلاف الأزمة المالية القوية "ستؤدى في نهاية المطاف إلى اضطرابات سياسية". وقد تشجع نتائج استطلاعات الرأي وكان اخرها الذى أجراه معهد "إيفوب" عن أن غالبية الفرنسيين يفضلون الرئيس السابق نيكولا ساركوزى عن رئيسهم الحالي فرانسوا أولاند. وأوضحت نتائج الاستطلاع التي نشرت مؤخرا أن 44 % فقط من العينة العشوائية التي شاركت في الاستطلاع تؤيد سياسة الرئيس الحالي مقابل 53 % للرئيس السابق بينما اعتبر 3 % منهم انه لا يوجد اختلاف بين الرئيسين. وتشير هذه البيانات إلى تغير في موقف الفرنسيين حيث عكست الاستطلاعات السابقة في مجملها أن غالبية أبناء الشعب الفرنسي يفضلون أولاند (ما بين 54 و 56% في معظم الحالات) عن سلفه ساركوزى الذي لم يحصل سابقا إلا على ما يقرب من 40% . وكان حزب "الإتحاد من أجل حركة شعبية" قد شهد أزمة كبرى في نهاية العام الماضي هددت بانهياره بعد الخلاف حول زعامته بين رئيسه الحالي جون فرانسوا كوبيه ورئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون بعد الانتخابات الداخلية التي جرت في أكتوبر الماضي وفشل المحادثات لحل الخلاف بعد أن أعلن الطرفان كل من جانبه الفوز برئاسة وتبادلا التهم بتزوير الاقتراع. وكانت تلك الأزمة قد هددت بتفكيك غير مسبق في صفوف اليمين المعارض الذي لا يزال يعانى من خسارته المتتالية في الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة ولكن قد تم حلها قبل فوات الأوان. إلا أن معسكر ساركوزى داخل الحزب يعول فيما يبدو على نتائج استطلاعات الرأي وكان أخرها ما أجراه مؤخرا معهد "بى فى ايه" الفرنسي والذي كشفت نتائجه عن أن 54% من أنصار حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية سيدعمون الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزى اذا ما ترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2017 بينما يفضل 16% ممن شملهم الاستطلاع التصويت لصالح فرنسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي السابق. واعتبر 51% ممن شملهم الاستطلاع أن ساركوزى لديه "فرصة اكبر" للترشح عن حزب الاتحاد اليميني في الانتخابات الرئاسية القادمة مقابل 32% يرون أن فرصة فرنسوا فيون اكبر. أزمة جديدة في صفوف حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية تلوح في الأفق وتهدد أركان الحزب اليميني الأكبر بالدخول في النفق المظلم مجددا في الوقت الذي يعانى منه الحزب الاشتراكي اليساري الحاكم من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية تتزايد يوما بعد يوم..فهل تصب تلك العوامل مجتمعة في صالح الرئيس السابق ساركوزى وتساعده على العودة إلى قصر الاليزيه بعد أقل من أربعة أعوام.