أقل ما توصف به أنها جريمة من أبشع الجرائم البشرية ضد الانسانية، تلك المجزرة التي لم ولن يغفلها التاريخ ، حيث أن ضحاياها من الاطفال الذين اختلطت دمائهم الطاهرة بكتبهم وأدواتهم وأثاث مدرستهم، ففى مثل هذا اليوم منذ 43 عاماً ، صباح يوم الأربعاء 8 أبريل 1970م، الساعة 9:20 ، وقعت "مذبحة بحر البقر" عندما قامت اسرائيل بطائرات الفانتوم الامريكية الصنع ، بضرب مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بمحافظة الشرقية ، والتي استشهد خلالها نحو ثلاثين طفل واصيب أكثر من خمسين طفلاً بجروح وإصابات بالغة خلفت عدداً من المعوقين وتم تدمير بناء المدرسة وتسويته بالأرض. وكانت المدرسة تتكون من دور واحد وتضم ثلاثة فصول، وتلاميذها 150 طفلا.تم نسف المدرسة المكونة من 3 فصول بواسطة خمس قنابل وصاروخين .
سلسلة مجازر وجاءت هذه المجزرة استكمالا لسلسلة المجازر التي ارتكبتها إسرائيل آنذاك بالدول العربية المجاورة. وجاء هذا القصف ضمن تصعيد الغارات الإسرائيلية على مصر للقبول بإنهاء حرب الاستنزاف وقبول مبادرة روجرز. وأكدت إسرائيل أنها قصفت أهدافا عسكرية وليس مدرسة، بينما كانت مواقف السواد الأعظم من دول العالم موقف استنكار ، كما جاء القصف تزامن مع مساعي دولية لوقف حرب الاستنزاف.
وكان من الضحايا أيضا 10 فلاحين وثلاثة من شباب القرية حيث تعرضت الجمعية الزراعية المجاورة للمدرسة وورشة كبيرة للحدادة لثلاث قنابل كبيرة خلفت وراءها ضحايا ومصابين.
المدرسة والجمعية الزراعية والورشة كانت هي الأهداف العسكرية التي ، زعم جيش الدفاع الإسرائيلي أن سلاح الطيران قصفها ردًّا على عدوان الجيش المصري عليهم.
وهذه المجزرة من أبشع المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب المصري ، ولن تسقط بالتقادم مهما طال الأمد .
هي جريمة متعمدة كما جاء بأقوال الطيار الإسرائيلي امي حاييم الذي شارك في تلك الجريمة وأسرته القوات المصرية في حرب أكتوبر 1973 ، وقد اقر واعترف بأنهم قصفوا المدرسة الابتدائية عن عمد وأنهم كانوا يعرفون أنهم يستهدفون بقنابلهم وصواريخهم مجرد مدرسة ابتدائية.
مقاضاة اسرائيل بعد مرور أربعين عاماً على تلك المجزرة أي منذ ثلاثة أعوام ، قام أحمد الدميرى فلاح مصري أحد الناجين من المذبحة ، إلى إقامة دعوى قضائية ضد إسرائيل لقصفها المدرسة عام ، الذي لا زال يعاني من جراحه، مبرراً ذلك : "أطالب بالتعويض عما لحق بى من إصابات، وأطالب أسر ضحايا المدرسة بإقامة دعاوى مماثلة، خاصة أن عصام الإسلامبولى المحامى، الذي يتولى إجراءات القضية، أكد أن مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ولو مر عليها مائة عام". وأشار الدميرى في فيلم وثائقي بثته قناة "الجزيرة" بعنوان "الدرس انتهى لموا الكراريس"، إلى تأثر أهالي بحر البقر بما حدث في غزة خلال 2009 ، وقال: "هذه الأحداث ذكرتنا بالمذبحة التى عشناها". وفى الفيلم وجه عدد من تلاميذ مدرسة بحر البقر، الذين زاروا بعض جرحى الاعتداء الإسرائيلي على غزة فى مستشفى فلسطين بالقاهرة، رسالة إلى زوجة الرئيس الأمريكي ميشيل أوباما، يطالبونها فيها بالتدخل لإنقاذ أطفال فلسطين مما يعانونه من اعتداءات إسرائيلية.
وقال التلاميذ في رسالتهم إلى ميشيل: "السيدة ميشيل أوباما ، تحية طيبة وبعد، نحن أطفال وتلاميذ مدرسة بحر البق: هل تتحمل أمريكا ثمن اغتيال براءة الأطفال في بحر البقر عام 1970؟ وهل نستطيع تحريك الدعوات والذهاب إلى كل مكان بالفعل والقول وخاصة مع ثورة وعصر الانترنت" .
وتساءل الدميري في النهاية اليهود قاموا بإرغام ألمانيا بدفع تعويضات خيالية بسب النازية . فلماذا لا نرغم إسرائيل على جرائمها العدوانية ؟.
"الدرس انتهى" وقام الشاعر الراحل الكبير صلاح جاهين بالتوثيق لهذه المجزرة شعرا فى رائعته "الدرس انتهى لموا الكراريس" ولحنها الموسيقار سيد مكاوى وتغنت بها الفنانة شادية ويقول مطلعها:
الدرس انتهى لموا الكراريس بالدم اللى على ورقهم سال فى قصر الأممالمتحدة مسابقة لرسوم الاطفال إيه رأيك فى البقع الحمرا يا ضمير العالم يا عزيزي دي لطفلة مصرية سمرا كانت من أشطر تلاميذي دمها راسم زهرة راسم راية ثورة راسم وجه مؤامرة راسم خلق جبارة راسم نار راسم عار ع الصهيونية والاستعمار والدنيا اللي عليهم صابرة وساكتة على فعل الأباليس الدرس انتهى لموا الكراريس
إحياء الذكرى وتأتي هذه الذكرى الحزينة في ظل حالة الاحتقان التي تشهدها مصر حاليًا ، والاشتباكات وأحداث العنف التي تقع بين الحين والاخر. وقام نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك ، تويتر) بإحياء هذه ، فيما لم تشير أجهزة الدولة الاعلامية أو السياسية إلى تلك الذكرى .
كما تقيم إدارة الحسينية التعليمية بمحافظة الشرقية اليوم الاثنين حفلا لتكريم أرواح شهداء مذبحة مدرسة "بحر البقر" . ويشارك فى الحفل سامى عبدالعزيز وكيل وزارة التربية والتعليم بالشرقية، الذى أكد حرصه التام على المشاركة مع أبناء الحسينية لإحياء ذكرى الشهداء لتوضيح مدى معاناة مصر من العدو الإسرائيلى الغاشم، وكم كانت التضحيات عظيمة من أجل الحرية التى نتمتع بها.
وناشد عبدالعزيز أبناء الشعب المصرى بعدم التقليل من التضحيات السابقة والدماء الذكية التى سالت على أرض مصر من أجل الحرية والحفاظ على الوطن الغالي والتى تستحق كل جهد وتضحية.
كما ينظم اتحاد طلاب مدارس مصر برئاسة الدكتور أشرف خلف رائد طلاب مصر، وأحمد موسى مدير إدارة الاتحادات الطلابية، اليوم، زيارة إلى ديوان الحسينية بمحافظة الشرقية لإحياء الذكرى ال43 لمذبحة بحر البقر.
وقال الدكتور أشرف خلف إن هذه الزيارة تُعد نوعًا من أنواع الأنشطة التي يمارسها الطلاب، وسيتم عمل احتفالية وتكريم اتحاد الطلاب والمتفوقين، مشيرًا إلى أن الاحتفالية ستشهد فقرات متنوعة وعرض لأحداث مذبحة بحر البقر.